"ما عم بفهم عربي كتير فهمني شو يعني ضمير" بهذه الكلمات ومثلها من المعاني السامية تجدد الفنانة جوليا بطرس حضورها المتفرد على الساحة الغنائية العربية. الكلمات للشاعر نبيل ابو عبدو، والالحان لزياد بطرس. شاعر وملحن ومطربة اطلقوا قبل فترة غير قصيرة من الزمن صرخة "غابت شمس الحق" التي دفعت جوليا الى الاضواء ولفتت الاسماع في مختلف انحاء الوطن العربي الى صوت جديد صادق ومعبر. غير ان جوليا، كما هو زياد، لم يكن همها الاضواء والشهرة، فهي اسمى من ذلك كله. وهي جاءت بكلمة حق، ولكن كما تقول كلمات الاغنية: هالكلمة صارت منسية، وبقاموس العالم ملغية، وليش بيحكوا فيها كتير. هذه الكلمات وغيرها التي تحملها اغنيات الشريط صرخات صادقة ومعبرة ضمن خطاب مثالي من الصعب ايصاله في هذه المرحلة التي تشهد حالاً من الانحطاط الجماعي. صعد زياد بطرس سلالم الشهرة بسرعة قصوى، وذلك نتيجة اصالة الموهبة ووعيه الذي جعله يرى الاشياء على حقيقتها، وبالتالي يتعامل معها بصدقية وتأن، وفي ذلك اشارة الى ما هو آت في تجربة فنان شاب ذي بصمة واضحة، وهو ما زال في الطور الاول لبناء كيانه الموسيقي. وعلى رغم مدى دقة العمل الفني وتعقيده فإن زياد بطرس يفضل أن يكون العمل اقرب ما يكون الى الاداء الحي، ويحرص ايضاً على استخراج صوت معاصر متمشياً مع المتغيرات على الساحة الموسيقية العالمية ذات الخطاب الاشمل والمقدرة على التواصل مع الذات والآخر من دون تنازلات. وهكذا فإن النجاح الذي وجده زياد جاء نتيجة طبيعية ومتوقعة لفنان يحمل من الموهبة والايمان ما يؤهله لخوض معترك الصحوة الثقافية العربية. وهو يشكل مع شقيقته المطربة جوليا ثنائياً رائعاً ملتزماً بالحق والكرامة والفكر الواعي الناقد للحال البائسة، والمحرض على الصمود والتحدي الرافض للاستسلام. وهو يؤكد ذلك في جميع اغنيات الشريط على رغم ان محيطه بغالبيته اختار العكس تماماً. وهو يواجه بعض النقد على نهجه الغنائي الملتزم بالمثل العليا، وترى هذه الاصوات انه يغرد وحيداً عكس التيار حاملاً همه على كتفه. والفنان بطرس بدأ رحلته مع الموسيقى في طفولته استماعاً وعزفاً على البيانو. وصقل موهبته وطورها من خلال دراسته الموسيقى الشرقية وعلوم الموسيقى الكلاسيكية متأثراً بنهج عبقرية الموسيقي موزار الذي كان له الأثر الاهم في تكوين هيكلية المفهوم العصري المنبثق في مؤلفاته الموسيقية والتي تحمل معنى الاحساس وبساطة اللغة الموسيقية التي تألفها الاذن عند سماعها. وهو يعتمد مفهوم "القناعة كنز لا يفنى" ويرى في ذلك التزاماً واضحاً في التعامل والعيش ما يعكس شفافية صادقة تفجر بصراحة معبرة عن انسانية فقدها المجتمع. وهكذا كانت بدايته مع "غابت شمس الحق" ثم "وين مسافر"، "يا قصص"، "أيها الكبار"، "نشيد الحرية"، "شيء غريب"، القرار" وغيرها من الاعمال الراسخة والاصيلة التي قدمها من خلال الصوت المتميز لشقيقته جوليا. الى ذلك قام زياد بطرس بتأليف الموسيقى التصويرية لمسلسلات تلفزيونية عدة ومجموعة من الاغاني لعدد من المطربين مثل وائل كفوري سألوني، نوال الزغبي على بالي، فضل شاكر اوعى تصدقني، زين العمر شو عملتلي بالبلد، جو أشقر شو بيمنع وأخيراً مايا نصري في اغنيتها "خليني بالجو" وهي من افضل اغنيات العام الجاري على الاطلاق على رغم التشويهات الايقاعية التي اساءت للأغنية.