مايكل شابون، كاتب أميركي شاب، حاز أخيراً جائزة بوليتزر. واذ تناول في كتابه بدايات القصص المصورة، ترجم رؤيته الدقيقة والواعية الى الحلم الأميركي. تعتبر نشأة صناعة القصص المصورة في الولاياتالمتحدة جزءاً مهماً من تاريخها الأدبي الحديث. وعرف شابون كيف يدمج أهم أحداث هذه الصناعة في روايته التاريخية: "المغامرات الخارقة لكافالييه وكلاي" The Amazing Adventures of Kavalier & Clay.، فهو قدم سيناريواً خيالياً لقصة حقيقية، كاشفاً معلومات وأسراراً عميقة لم تفصح عنها يوماً وقائع أو أخبار تاريخية. جوزيف كافالييه يعيش في براغ، وهو تلميذ فنان "مشعوذ" عجوز. مع ازدياد وطأة الاحتلال الالماني النازي يتمكن من الهرب خلسة، وينتهي به الأمر في نيويورك مهد الصناعة الناشئة للقصص المصورة. وهناك، عند سكنه مع خالته ايتيل يكتشف نقاطاً مشتركة مع قريبه سام كلايمان الرؤيوي والطموح. وقرر العبقريان الصغيران ان يسخّرا موهبتهما للقصص المصورة: لذلك بدّلا اسميهما اليهوديين فأصبحا جو كافالييه وسام كلاي. وتحت هذين الإسمين "خلقا" أول بطل مصور لهما: "المشعوذ". جو كافالييه وسام كلاي شخصيتان وهميتان، وليسا نسختين لشخصين حقيقيين. وعلى رغم ذلك، فهما يذكران بالثنائيين اليهوديين اللذين أسسا لبدايات القصص المصورة: جيري سيغيل وجو شوستر مخترعا شخصية سوبرمان وجو سيمون وجاك كيربي والدا كابتن اميركا. ومثل سيغيل وشوستر، تنازل الفنانان الشابان عن حقوق ابداعهما في مقابل مبلغ زهيد ليحقق ناشروهم ارباحاً طائلة. الا ان كافالييه لن يكون مجرد راوي قصص مصورة آت من العدم - وهو لم يشك يوماً في مواهبه الخارقة - وانما سيكون ايضاً مشعوذاً على طريقته، ليذكر بطريقة أو بأخرى بأورسون ويلز. "المغامرات الخارقة لكافالييه وكلاي" رواية ساحرة. اعادة احيائها للعصر الذهب لصناعة القصص المصورة، وان مغلفة بقناع خيالي، تقدم صورة وفية للواقع. شخصياتها ساحرة. والقصة في حد ذاتها هي قصة الولاياتالمتحدة الأميركية: الانهيار، والحلم الأميركي، والانعزالية، والانقسام بين العنصرية والانسجام الاجتماعي، والقمع الجنسي، والحرب العالمية الثانية، و"جنون عظمة" الخمسينات، والحنين الى عصر ذهب لم يكن يوماً. فالشخصيات لا تعبر التاريخ فقط، وانما حياتها الخاصة تعكس هذه الرؤى المتعارضة والمنقسمة لأميركا.