شهدت العاصمة الجزائرية أمس مواجهات عنيفة بين قوات الأمن ومئات الآف المتظاهرين البربر الذين حاولوا الوصول الى قصر الرئاسة في المرادية للإحتجاج على "قمع" حركتهم الاحتجاجية المستمرة منذ شهرين في مناطق القبائل. تظاهر مئات الالاف من البربر في العاصمة الجزائرية تعبيراً عن رفضهم أسلوب "القمع" ضد حركتهم الاحتجاجية ولإدانة ما وصفوه ب "الحقرة" الإحتقار التي يلقاها سكان منطقة القبائل على يد الحكومات المتعاقبة. وأطلقت قوات الأمن الرصاص على المتظاهرين بعدما حاول بعضهم الخروج عن المسار المحدد للمسيرة والتوجه الى مقر الرئاسة. ونُقل العديد من الجرحى الى المستشفيات. وشارك في التظاهرة شخصيات سياسية في جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال، إضافة إلى مسؤولي ما يعرف ب "القطب الديموقراطي" وعلى رأسهم السادة سعيد سعدي زعيم التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية، وسيد أحمد غزالي رئيس الجبهة الديموقراطية وهو رئيس حكومة سابق، والهاشمي الشريف الحركة الاجتماعية الديموقراطية، وعبدالحق برارحي عضو مستقيل من مجلس الأمة. وأغلق تجار العاصمة منذ الصباح محلاتهم خوفاً من تعرضها للتخريب. كذلك غادر بعض السكان وسط المدينة نحو الضواحي مثل حديقة حي بن عكنون لتجنب ما يمكن ان يحدث خلال المسيرة. وأفيد أن غالبية المشاركين في المسيرة وفدوا إلى العاصمة من عشر ولايات أبرزها تيزي وزو، بجاية، بومرداس، البليدة، سطيف، البويرة، برج بوعريريج، عين الدفلى، إضافة الى مناطق من ولايات الشرق والغرب. وكاد توقف حافلات تُقلّ متظاهرين في منطقة باب حسن أن يتحول إلى مواجهات مع السكان المنطقة بعد غلقهم الطريق المؤدي إلى بلدة الدويرة عشرة كلم جنوب العاصمة. وحوّل منظمو المسيرة قصر المعارض إلى موقف للشاحنات والحافلات والسيارات التي نقلت المتظاهرين الى العاصمة. ولوحظ أن عشرات الشاحنات التابعة لوحدات مكافحة الشغب انتشرت بكثافة في الطرق الموازية للشوارع التي تربط بين ساحة أول ماي وساحة الشهداء. واصطف عدد آخر من الشاحنات في الطريق بين ساحة أول ماي ومقر رئاسة الجمهورية وعلى جنبات بلدية المرادية مقر الرئاسة. وأفيد أن "تعليمات أعطيت لضباط الوحدات بعدم التدخل إلا في حال تغيير مسار المسيرة نحو رئاسة الجمهورية أو مناطق أخرى، أو تم تخريب المنشآت الحكومية والخاصة". وفي حدود التاسعة صباحاً وبعد مفاوضات مع مسؤولين في وزارة الداخلية وضباط في قيادة الأمن، انطلقت المسيرة نحو العاصمة. ولوحظ أن العديد من الشبان حملوا أعمدة خشبية ورفع بعضهم سكاكين وقارورات مما كان يوحي منذ البداية بأن كثيرين منهم جاؤوا إلى العاصمة ل "التعبير عن غضبهم". ورأى مندوب "الحياة" شباناً يرفعون شعارات منها "ليخرج الجنرالات من الجزائر" و "أولاش السماح أولاش السماح" أي "لن نتسامح لن نتسامح". وكان بعض هؤلاء صبغ رأسه باللونين الأخضر والأصفر وهي الألوان المفضلة للبربر والتي تمثل "الانتصار والتحرر". وفي حين نزع شبان قمصانهم، كتب آخرون على وجههم وصدرهم العاري بالأحمر وبالأسود حرف "الزاي" باللغة الأمازيغية تعبيراً عن تمسكهم بهويتهم البربرية الأمازيغية. وحمل بعضهم صور "رمز الانتفاضة" الشاب قرموح ماسينيسا مقتله في مخفر للدرك كان شرارة المواجهات والفنان البربري معطوب الوناس الذين اغتيل في ظروف غامضة في 1998. كذلك رُفعت علامات سوداء حملت مطالب مثل "رحيل الدرك" وجعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية وإنهاء "الحقرة" و"التهميش". ومنذ العاشرة ليلة الأربعاء - الخميس، كانت قوافل المشاركين في المسيرة تصل إلى قصر المعارض حيث قضوا ليلتهم على على جانبي الطريق السريع. ولوحظ انتشار قوات مكافحة الشغب حول قصر المعارض حيث افتتح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، مساء، الدورة ال 32 لمعرض الجزائر الدولي والذي شاركت فيه أكثر من 950 مؤسسة غربية. وكان وزير الداخلية السيد نورالدين يزيد زرهوني أعلن، مساء الأربعاء، قبوله تنظيم مسيرة العاصمة شرط احترام المسار الذي حددته الوزارة من ساحة أول ماي إلى ساحة الشهداء. وقال انه يحمّل منظّمي المسيرة "كامل مسؤولية ما قد يحدث". الى ذلك، أفاد شهود أن مواجهات شديدة جرت أمس في دائرة بوحمامة في ولاية خنشلة 550 كلم شرق العاصمة إثر مسيرة سلمية نظمها شبان من بلديات يابوش والمصارة وشليا للمطالبة بحل مشاكلهم الاجتماعية. كذلك أوردت وكالة الأنباء الرسمية أن أعمال شغب حصلت في بلديات هنشير وتومغني في دائرة عين كرشة في ولاية أم البواقي 450 كلم شرق وأضرم بعض المتظاهرين النار في مقر البلدية ورشقوا واجهاتها بالحجارة. وأُفيد ان المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين في هذه الولاية أوقعت 24 جريحاً.