في المغرب تختلط الامور، وتتباين تبعاً للمواقع الاجتماعية لأصحاب المواقف. وسريعاً ما يتصل الموضوع بعلاقات البلد مع اوروبا بما فيها من صعوبات وآمال على السواء. وبين الدعوة الى مقاطعة البضائع الغربية ووقف كل تطبيع، واعتماد الحوار مع أوروبا لابراز أهمية "السلام الاقتصادي"، تتوزع ردود فعل الشارع. لكن الثابت انه، على رغم تضرر قطاعات تجارية عدة من تداعيات الحرب على الشعب الفلسطيني، يسود الاتجاه الى التضحية. ويروي رجل أعمال في الدار البيضاء انه عوّل على مشاريع تعاون بين مؤسسته التعليمية وخبراء اسرائيليين لإقامة معهد للدراسات التكنولوجية، لكنه علق المشروع ورفض زيارة اسرائيل احتجاجاً. كذلك اوقف مسؤولون عن شركات سياحية في القطاع الخاص رحلات متبادلة من المنطلق ذاته. ورأى تاجر مغربي ان استيراد المنتجات الاسرائيلية، الذي سبق ان راوده، تواجهه مقاطعة المستهلك الغربي وتشكيكه في جودتها. وبدورهم دعا منتسبون الى التيارات الاسلامية الى مقاطعة رحلات الشركات الغربية المعروف عنها دعم الدولة العبرية، خصوصاً الأميركية والبريطانية، اضافة الى مقاطعة نشاطات المراكز الثقافية الأجنبية ومطالبة اجهزة الاعلام عدم بث الأفلام الغربية. لكن اعلاميين يرون في الموضوع "مغالاة"، ويرى صحافي مغربي زار اسرائيل سابقاً انه يجب ترك الباب مفتوحاً أمام فرص الحوار، فيما يؤكد آخر على إحكام المقاطعة "لأنها اللغة التي تفهمها اسرائيل" معيباً على وسائل الاعلام العربية محدودية تأثيرها في الغرب. فنان مغربي كان أصيب بالعمى عرض عليه اسرائيليون زيارة تل أبيب للعلاج، رد بأن "العمى أصبح نعمة كي لا أرى ما تقترفه اسرائيل". ودعا شباب الى حرب الكترونية ضد المواقع الاسرائيلية على الانترنت. اما عن التضحية فيقول رجال أعمال مغاربة ان ذلك مسؤولية الدولة. لكنهم يرون في تجربة المغرب المريرة مع الاتحاد الأوروبي، في ملف الصيد البحري، مدعاة للتأمل. فاسبانيا تحول دون مرور المنتجات المغربية نحو أوروبا، "فما بالنا إن قاطعنا منتوجاتهم الاستهلاكية؟". ويخلص بعضهم الى ضرورة قيام سوق عربية لتصريف المنتوجات العربية تؤمن بعض الاستقلالية، الا انهم يستبعدون معاودة حرب النفط معتبرين أن دعم الشعب الفلسطيني بالمال والحاجيات "أفضل من تحويل المعركة عربياً ضد الغرب".