تبادل الإسرائيليون والفلسطينيون التهديدات برفع وتيرة المواجهات الدائرة في الأراضي المحتلة على نحو يدفع بالأوضاع إلى مزيد من التدهور. وهدد القادة الإسرائيليون بدخول مناطق السلطة وتنفيذ عمليات عسكرية "موضعية" ضد حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس ياسر عرفات، وضاعفوا عمليات القصف العشوائي لمنازل الفلسطينيين في رفح وبيت ساحور. ورد قادة الحركة بتهديدات مماثلة. وانتهج رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك لهجة شديدة فحمّل السلطة الفلسطينية مسؤولية ما يحصل، وهدد بالثأر لمواطنيه. وحمّل الحكومة اللبنانية و"الوصية عليها" الحكومة السورية و"حزب الله" مسؤولية تعرض الأسرى الثلاثة لأي مكروه معتبراً اسرهم خرقاً لقرار الاممالمتحدة الرقم 425. ولم يتطرق الى حكومة الطوارئ الذي دعا سابقاً الى اقامتها. وواصل المجتمع الدولي اهتمامه الملحوظ بالتطورات في المنطقة، فدعا الاتحاد الأوروبي وروسيا الى استئناف الحوار في الشرق الأوسط وتوسيع حلقة الوسطاء، لأن استمرار العنف واللجوء الى القوة المسلحة ليس حلاً. وعقد المستشار الألماني غيرهارد شرودر محادثات مع الرئيس بشار الأسد. وكان دعا في بيروت إلى تحريك عملية السلام. في إسرائيل، أعلن رئيس اركان الجيش شاؤول موفاز ان قواته "ستنتقل من سياسة الرد فقط الى عمليات هجومية" بعدما صادق رئيس الوزراء وزير الدفاع على أن تنفذ وحدات المستعربين الخاصة عمليات داخل المناطق الفلسطينية المصنفة أ والواقعة تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة. وأكدت مصادر امنية اسرائيلية ان هذه العمليات تشمل احتلال منازل داخل هذه المناطق وادخال "المستعربين" الذين يتقنون العربية ويظهرون مظهر الفلسطينيين لتنفيذ "عمليات خاصة" يفهم منها الفلسطينيون انها تستهدف عمليات تصفية جسدية كما حدث في الماضي. وحذر مروان البرغوثي امين سر اللجنة العليا لحركة "فتح" في الضفة الغربية موفاز من تنفيذ مخططاته "لأن الثمن الذي سيدفعه يخرج عن آفاق تصوره". كذلك حذر قادة آخرون في الحركة من المساس بعناصرها لأن الرد سيكون قاسياً ونوعياً، وسينتقل من دائرة الدفاع إلى الهجوم والعمليات الجهادية. واستمرت المواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال في أكثر من مكان في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث اصيب أكثر من خمسين فلسطينياً بجروح وصفت جروح أربعة منهم بأنها خطرة. وأطلق مستوطن يهودي النار على احد المواطنين من بلدة حوارة القريبة من نابلس وهو يقطف ثمار الزيتون من حقله فأصيب بجروح خطرة في صدره. وسجل في الساعات الاربع والعشرين الاخيرة مقتل حارس اسرائيلي لمؤسسة حكومية في القدسالشرقية واصابة آخر بجروح خطرة. وعثر على جثة اسرائيلي آخر لم تعرف هويته بالقرب من مستوطنة جيلو القريبة من القدس قتل على ما يبدوا طعنا بسكين. وفي رفح اصيب جنديان آخران يجروح طفيفة بانفجار عبوة ناسفة وضعت بالقرب من معسكر في مدينة رفح. باراك وشارون وقال باراك، في بيان سياسي في افتتاح الدورة الشتوية للكنيست مساء أمس، ان حكومته ستقرر خطواتها المستقبلية في العملية السلمية بعد الانتهاء من اعادة تقويم الأوضاع الأمنية والسياسية، لكنها "لن تذعن للعنف بل تحمل الطرف الفلسطيني عدم تنفيذ ما اتفق عليه" في قمة شرم الشيخ. وأضاف ان اسرائيل تلتزم تفاهمات هذه القمة وهي على استعداد لتلبية دعوة الرئيس بيل كلينتون إلى الاجتماع في واشنطن للبحث في طرق اعادة الهدوء، إذا خفت حدة أعمال العنف. وحمّل الحكومة اللبنانية و"الوصية عليها" الحكومة السورية و"حزب الله" مسؤولية تعرض الأسرى الثلاثة لأي مكروه معتبراً اسرهم خرقاً لقرار الاممالمتحدة الرقم 425. وفي حين لم يتطرق بكلمة الى حكومة الطوارىء، قال زعيم ليكود اليميني ارييل شارون ان احزاب المعارضة من اليمين قررت الانضمام الى حكومة كهذه "شريطة الاتفاق سلفاً مع باراك على طريقة رد اسرائيل على اعلان الفلسطينيين اقامة دولتهم"، وقصد بذلك الاتفاق على المناطق التي ستحتلها اسرائيل مجدداً، وذلك في ظل انباء افادت ان شارون يطالب باعادة السيطرة على كل المناطق الخاضعة الآن للسلطة الفلسطينية. ورأى زعيم ليكود ان الحل الأمثل للمشكلة مع الفلسطينيين يتمثل في التوصل الى تسوية مرحلية طويلة الأمد تعلن بموجبها حالة اللاحرب. واضاف ان حزبه يرفض رفضاً قاطعاً ان تشكل تفاهمات كامب ديفيد اساساً لمواصلة المفاوضات. وكانت الجلسة الافتتاحية شهدت مقاطعة النواب العرب لخطابي باراك وشارون، وقد استقبلوا رئيس الحكومة بالوقوف احتجاجاً وهم يحملون صور الشهداء ال13 من المواطنين الذين سقطوا برصاص الشرطة، واكتفى رئيس الوزراء بالتعبير عن أسفه للعائلات الثكلى اليهودية والعربية التي فقدت ابناءها في المواجهات. وصرح باراك إلى التلفزيون الاسرائيلي "ان مقتل اسرائيليين اليوم يؤكد حال الطوراىء التي تعيشها اسرائىل وضرورة تشكيل حكومة وحدة". لكن المعلقين يرون انه لا يتعجل في الاتفاق مع شارون بعدما اتفق مع حركة "شاس الدينية" 17 مقعداً على منحها حكومته "شبكة أمان برلمانية" لمدة شهر تتجنب خلاله التصويت الى جانب أحزاب اليمين التي تسعى الى اسقاط الحكومة. شرودر في بيروتودمشق في دمشق، اجرى المستشار الالماني شرودر أمس محادثات مع الرئيس الاسد بعد وصوله بقليل الى سورية، المحطة الرابعة في جولته في الشرق الاوسط. وافاد الناطق باسم الرئاسة السورية جبران كوريه ان رئيس الوزراء محمد مصطفى ميرو ووزير الخارجية فاروق الشرع حضرا المقابلة. ومن المقرر أن ينتقل شرودر اليوم إلى اسرائيل والاراضي الفلسطينية. وكان المستشارالالماني أنهى زيارة قصيرة للبنان، والتقى في ختامها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي قال: "ان البحث تناول موضوع تبادل الأسرى الاسرائيليين لدى حزب الله، ولبنان والمقاومة يرحبان بوساطة تقوم على استبدال الجنود الاسرائيليين الذين اعتقلوا في الأراضي اللبنانية باللبنانيين وباقي المعتقلين الموجودين داخل السجون الاسرائيلية". وعلمت "الحياة" أن بري أكد ان المبادلة يفترض أن تشمل المعتقلين الفلسطينيين لدى اسرائيل. أوروبا - روسيا وفي باريس دعا الاتحاد الأوروبي وروسيا الى استئناف الحوار في الشرق الأوسط، لأن استمرار العنف واللجوء الى القوة المسلحة ليس حلاً. جاء ذلك في بيان مشترك صدر إثر القمة الروسية - الأوروبية التي شارك فيها الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس جاك شيراك ورئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي. وقال الرئيس الروسي في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع شيراك وبرودي، انه ينبغي توسيع حلقة الوسطاء، لبذل الجهود من أجل التوصل الى حل في الشرق الأوسط. وينبغي على روسيا والاتحاد الأوروبي ان يبذلا جهوداً مكثفة من اجل ايجاد حل لوقف العنف. وودعا الرئيس الفرنسي إلى تكريس أقصى الجهود لوقف العنف ومعاودة الحوار في أقرب وقت. وكان وزير الخارجية الاسرائيلي بالوكالة شلومو بن عامي اغتنم فرصة انعقاد القمة الروسية - الأوروبية للقيام بهجوم ديبلوماسي باتجاه باريس فالتقى وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين، ووزير خارجية اسبانيا والمسؤول عن السياسة الأمنية والخارجية الموحدة لأوروبا خافيير سولانا ورئيس المفوضية الأوروبية الذين كانوا جميعاً في العاصمة الفرنسية لمناسبة القمة. ويلتقي صباح اليوم وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف. واكد ان باراك لن يشكل أي ائتلاف حكومي لا يترك المجال مفتوحاً لاستئناف مسيرة السلام. وعبر عن قلق اسرائيل البالغ من أعمال "حزب الله"، ودعا ايران التي وصفها بأنها "معلم" الحزب إلى ممارسة تأثيرها علىه متهماً إياه بأنه "يعمل على تهديد استقرار المنطقة". كما دعا الأسرة الدولية والأمين العام للامم المتحدة ايضاً إلى ممارسة تأثيرهما على "حزب الله". وقال ان اسرائيل نفذت القرار 425 وليس في نيتها فتح أي جبهة شمال أراضيها، فيما شدد فيدرين على انه في هذه اللحظات الخطرة، ليس هناك بديل من معاودة مسيرة السلام. ورأى انه ينبغي على الطرفين ابداء شجاعة سياسية كبرى لمعاودة المفاوضات بينهما، وان فرنسا وأوروبا وغيرهما ينبغي ان تواصل كل الجهود للتوصل إلى نتائج. واشار الى حرص بلاده وأوروبا على عودة الهدوء سريعاً، وعلى الحفاظ على كل المكاسب التي احرزت حتى الآن في اطار مسيرة السلام.