هيمنت تطورات «الربيع العربي» على أعمال الجمعية العامة ل «الاتحاد من أجل المتوسط» التي يستضيفها المغرب، خصوصاً الأزمة السورية والتحولات السياسية في شمال أفريقيا وآمال إحياء «الاتحاد المغاربي» المتعثر. وأثارت مشاركة وفد إسرائيلي في الاجتماعات ردود فعل مغربية غاضبة وتظاهر مئات أمس أمام مقر اللقاءات احتجاجاً على المشاركة ورفضاً ل «التطبيع مع الكيان الصهيوني». وحض المشاركون في اجتماعات الاتحاد النظام السوري على «وضع حد لأعمال العنف والقتل وتمكين المدنيين من الحصول على المساعدات الإنسانية في ظروف آمنة، وكذا إطلاق حملة الانتقال السياسي من دون إبطاء على أيدي السوريين». ودعوا إلى استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين «وفق آليات الشرعية الدولية»، وإطلاق سراح النواب الفلسطينين المعتقلين في إسرائيل. واعتبر مراقبون أن اجتماع الرباط لبرلمانيي الدول الأعضاء في «الاتحاد من أجل المتوسط» هدفه «إعطاء دفعة جديدة للحوار السياسي داخل المنظومة بعد أن اعتراها نوع من الجمود في الفترة الأخيرة» عزته أوساط نيابية عربية وأوروبية إلى جمود قضية السلام والانشغال بمعاودة ترتيب الأوضاع في البلدان العربية التي هبت عليها رياح التغيير. ووجه المشاركون نداءات من أجل إبداء اهتمام أكبر بالملفات الاقتصادية والأمنية ودمج الشباب في التنمية المستدامة وإيلاء عناية أكبر لأوضاع المرأة والتزامات احترام حقوق الإنسان، فيما سيطرت قضايا الانفلات الأمني في الساحل جنوب الصحراء وتنامي الظاهرة الإرهابية والهجرة غير المشروعة والجريمة المنظمة على انشغالات الجمعية البرلمانية التي تعتبر بمثابة الذراع الديموقراطية لمنظومة الاتحاد. وأٌقرت خمس لجان تفرعت عن أعمال اللقاء توصيات توزعت بين الانشغالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس اجتمع أول من أمس إلى رئيس الاتحاد البرلماني الأوروبي مارتن شولتز. وذكرت مصادر مغربية أن اللقاء عرض إلى محور العلاقات المغربية - الأوروبية، إضافة إلى الأوضاع الإقليمية والأزمة السورية وآفاق التسوية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين من منطلق حض «الاتحاد من أجل المتوسط» والاتحاد الأوروبي على لعب دور أكبر في فضاء الحوار العربي - الأوروبي. واجتمع رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران بدوره إلى شولتز ضمن أول لقاء مغربي - أوروبي يهدف إلى معاودة تصحيح علاقات الجانبين التي كان اعتراها بعض الجمود. غير أن أعمال الجمعية البرلمانية ل «الاتحاد من اجل المتوسط» لم تتأثر بتداعيات مشاركة وفد إسرائيلي قوبل بمزيد من استنكار فاعليات حزبية ومدنية. إلى ذلك، اكتفى النائب في الكنيست مجلي وهبي برسالة إلكترونية يبرر فيها غيابه عن أعمال الجمعية البرلمانية ل «الاتحاد من اجل المتوسط»، فيما شكل حضور مسؤول مكتب الاتصال الإسرائيلي في بروكسيل ديفيد سارتغا مثار تساؤلات في شأن الأسباب الحقيقة لغياب نائب رئيس الجمعية البرلمانية وهبي عن حدث تستضيفه دولة عربية. ورجحت مصادر أن تكون القيادة المغربية تجنبت إحراج حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي يقود الحكومة الحالية، فيما رأى آخرون أن الأمر يتعلق بالتزامات في إطار مؤسسات موازية ل «الاتحاد من اجل المتوسط»، لكن من دون أن يكون ذلك على حساب المواقف السيادية لكل دولة على حدة. ويعتبر المغرب أول بلد عربي انتخب يهوداً متحدرين من أصول مغربية في البرلمان، كما تولى رئيس الطائفة سيرج بيرديغو وزارة السياحة وقبله شغل اليهودي بن زاكين وزارة البريد في السنوات الأولى لاستقلال البلاد. ولا يزال أندري أزولاي مستشاراً في البلاط الملكي يعنى بالملفات الاقتصادية وحوار الحضارات. غير أن المغرب أغلق مكتب الاتصال الإسرائيلي في بداية القرن الحالي احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية و «التنكر لكل التزامات إقامة السلام العادل». ولم يحل ذلك دون قيام شخصيات من الكنيست والحكومة الإسرائيلية بزيارة المغرب مثل وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي كما اجتمع مسؤولون مغاربة إلى وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني. وعزت مصادر رسمية ذلك إلى «استمرار الحوار مع الشخصيات اليهودية المتحدرة من أصول مغربية إضافة إلى التوسط في النزاع العربي - الاسرائيلي بطلب من القيادة الفلسطينية».