الحكومة الإسرائيلية ليست هي الوحيدة المحركة لهذه الحرب أو صاحبة الموقف من الحرب وفي الاستمرار في عملياتها من عدمه، بل إن لكل صاحب مصلحة في بقاء الحرب موقفاً مؤيداً لهذه الحرب سواء من الغرب أو غيرهم فمصائب قوم عند قوم فوائد. وإسرائيل ليست بذاك الغباء الذي يجعلها تنفق ما يقارب 4 مليارات دولار لمجرد مقتل ثلاثة من مواطنيها – وجودهم بالنسبة لها كعدمهم-، فما خلفته الحرب من قتلى في صفوف العدو الصهيوني أضعاف هؤلاء الثلاثة ناهيك عما أصابهم من ترويع وتهجير من مساكنهم إلى الأسفل حيث أنفاقهم وجحورهم، أضف إلى ذلك التدهور الاقتصادي من خلال توقف الرحلات الدولية إلى إسرائيل والسعي إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية الواردة إلى الفلسطينيين التي تبلغ ما يقارب 800 مليون دولار وزيادة التوتر الأممي والدولي على الصهاينة بشكل عام وساستها بشكل خاص وغيرها من الخسائر التي تعلم إسرائيل أنها ستقع فيها لا محالة. إن إسرائيل ومن خلال حربها على غزة اليوم تسعى إلى أبعد من الانتقام لثلاثة أفراد من مواطنيها أو القضاء على المقاومة الفلسطينية حماس لأنها تعلم أن ذلك يتطلب القضاء على سكان القطاع بأكمله لعلمها بأنهم جميعا أفراد من حماس، ولكنها تسعى من خلال هذه الحرب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير فهي تسعى إلى معرفة مدى القوة التي وصلت إليها حركة المقاومة الفلسطينية حماس وحتى يظهر لها جميع ما توصلت لها حركة المقاومة الفلسطينية حماس من قوة سواء من الناحية الحربية والقتالية أو الاقتصادية أو حتى العلاقات السياسية والديبلوماسية التي سعت وتسعى حماس إلى ضمهم وتضامنهم معها، أضف إلى ذلك أن إسرائيل تعمل على تجربة أحدث ما توصلت له الترسانة الصهيونية ومدى جدواها على أرض الواقع، وهذا ما رأيناه من خلال القنابل والصواريخ التي لا تعمل فقط على القتل والهدم ولكن أيضا على بتر للأطراف وتشويه للأعضاء مما يصيرهم أشباه أحياء، وهو ما يفضله الكيان على استشهادهم مما يجعلهم للعبرة والذكرى ويصيرهم بلا نفع أو منفعة ولكن زيادة في الهم والعبء على أهليهم وحكومتهم. ولا ننسى معبر رفح الذي يقلق إسرائيل بشكل كبير، فهي أيضا فرصة لها لمعرفة سياسة الرئيس الجديد لمصر تجاه هذا المعبر وكيفية التعامل معه في حال الأزمات التي تصادف القطاع وكيفية معالجة القضية فيما لو نهجت مصر سياسة مغايرة لسابقتها تجاه هذا المعبر. لقد كان خيار المقاومة الفلسطينية حماس في استمرارية إطلاق الصواريخ والرد على العدو الصهيوني هو الخيار الصحيح رغم إعلان الصهاينة الهدنة المؤقتة والمكذوبة التي ما تلبث إسرائيل أن تخلق المبرر لخرقها ولمعاودة القصف زعما منها أن حماس هي من نقضت الهدنة. فقد كان لدى إسرائيل القدرة على بدء الحرب في أي وقت شاءت وأيضا إنهائها حسب فترة زمنية محددة ومقدرة مسبقاً وتكلفة متوقعة وخسائر بشرية مترقبة، إلا أن موقف حركة المقاومة من مواصلة الرد قد جعل الصهاينة يعيدون حساباتهم مما أقلقهم كثيراً وأقض مضاجعهم، وهذا هو ما يميز هذه الحرب كونها معلومة المبدأ ولكنها مجهولة المنتهى وليس كسابقتها. فإسرائيل تعلم متى تنتهي الحرب التي هي في الواقع من أشعل فتيلها، ولا يمكن لها أن تقدر حجم التكلفة الحقيقية للحرب ولا مقدار الخسائر البشرية والبنية التحتية المتوقعة. وهذا من حركة المقاومة حماس أسلوب ناجع وناجح فإن الهجوم خير وسيلة للدفاع وأيضا فإن من أساليب ووسائل إخماد النار هي تقنية النار بالنار كما هو الحال تماماً في عمليات إخماد حرائق الغابات وذلك بإشعال النار المقابلة لها والمحيطة بها وذلك أسلوب معروف ومتبع، حماس حالياً تتبعه في إخماد ما أشعلته إسرائيل.