تواصل بورصة الدار البيضاء تراجعها للشهر السادس على التوالي وبلغت الخسائر السنوية حتى أول من أمس 3.5 في المئة. وكانت الخسائر بلغت العام الماضي 15 في المئة ما اعتبر أكبر تراجع في نشاط البورصة المغربية منذ اعادة تحديثها عام 1993. واعلنت وزارة المال والاقتصاد ان اجتماعاً موسعاً سيعقد غداً يضم وزير المال فتح الله ولعلو ومسؤولين عن البورصة لبحث اسباب تراجع المؤشرات واحجام المستثمرين عن ضخ أموال جديدة في الأسهم. وقال مصدر في البورصة ل"الحياة" ان "عدم وضوح الرؤية الاقتصادية يعتبر من الأسباب غير المباشرة" لتراجع البورصة التي كان مؤشرها حقق نمواً زاد على 20 في المئة قبل ثلاثة أعوام. وعزا الأسباب الى جملة من المعطيات من بينها فرض ضرائب جديدة على اكتتابات المدخرين الصغار وصناديق الاستثمار الجماعية وتأجيل طرح جزء من رأس مال شركة "اتصالات المغرب" و"البنك الشعبي" كانت الحكومة وعدت بها في وقت سابق، اضافة الى تباطؤ النمو الاقتصادي للعام الثاني على التوالي بسبب الجفاف. وكانت وزارة المال اعادت الأسباب الى تصحيح المؤشرات بعد الارتفاع الكبير الذي حققته الاسهم بين أعوام 1997 - 1999 وبلغت 50 في المئة عام 1998. واعتبرت مؤسسة "وفا بورصة" المتخصصة في تحليل المؤشرات ان غياب بعض الشفافية في بورصة الدار البيضاء واستنادها على أسهم بعض الشركات والمصارف الكبرى افقدها شهية المستثمرين لعدم طرح اسهم جديدة بسبب تأجيل برامج التخصيص. وتوقعت ان تنتعش الأسهم في وقت لاحق من السنة الجارية أو مطلع السنة المقبلة بعرض اسهم شركات جديدة. وشمل تراجع مؤشر بورصة الدار البيض00اء معظم الأسهم من مجموع 53 شركة مدرجة. وامتد التراجع ليشمل كذلك اسهم مجموعة "اونا" العملاقة التي خسرت 3.85 في المئة والبنك التجاري المغربي 12 في المئة والشركة الوطنية للاستثمار 9 في المئة والبنك المغربي للتجارة الخارجية 3.3 في المئة. وتمثل اسهم هذه الشركات مجتمعة نحو 65 في المئة من القيمة السوقية للاسهم التي تراجعت الى ما دون 11 بليون دولار بخسارة نحو أربعة بلايين دولار عن قيمتها قبل ثلاثة أعوام. وكانت اكبر الخسائر من نصيب مصرف القرض العقاري والسياحي الذي فقدت اسهمه 17.5 في المئة وتراجعت قيمة السهم الى 66 درهماً من مئة درهم قبل عام و150 درهماً قبل عامين نتيجة الفضائح التي طالت قطاع المصارف في المغرب. كذلك تراجعت اسهم شركات مواد البناء وعلى رأسها اسمنت "لافارج" 13.4 في المئة وحققت في المقابل شركة "اسمنت المغرب" زيادة بنسبة 10 في المئة وكانت الاستثناء الوحيد بين شركات البناء. وسجلت شركة "سامير" للنفط نمواً متواصلاً وزادت اسهمها 12 في المئة مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية واعلانها استثمار 600 مليون دولار لتحديث مصفاة التكرير. وكانت الشركة المملوكة لأطراف سعودية حققت ارباحاً صافية بلغت 120 مليون دولار العام الماضي. ونتيجة تراجع بورصة الدار البيضاء تراكمت خسائر الشركات المتوسطة الحجم واتجه بعضها الى صرف العاملين واغلق بعض الشركات ابوابه أو انتقل الى الخارج متأثراً بالوضع الاقتصادي الصعب في المغرب الذي يشهد تباطؤا في النمو للعام الثالث على التوالي. وفسرت جهات مراقبة اسباب تراجع البورصة الى خلافات غير معلنة بين الحكومة الاشتراكية ورجال الاعمال في المغرب واستمرار اجواء عدم الثقة في قطاع المال والاعمال.