تمنت السيدة من الله أن يعطيها الشجاعة والحكمة لتساعد في تحقيق جانب من أحلام الأطفال والشباب استجابة لمطلبهم. لم تكن تلك مجرد أمنية، لكنها كانت أشبه بالرسالة المشفرة التي أرسلتها قرينة الرئيس المصري السيدة سوزان مبارك إلى 62 مراهقاً وشاباً من أطفال وشباب 27 دولة افريقية. جلسوا في شرفة القاعة الرئيسية في مركز القاهرة الدولي للمؤتمرات، وهي القاعة التي شهدت أربعة أيام من الجلسات المكثفة والمطولة حول "مستقبل الطفولة في افريقيا". أما "الشجاعة" و"الحكمة" أو "كوراج" و"ويزدام" فكانا جالسين بين صفوف زملائهما وزميلاتهما الذين فهموا جميعهم فحوى رسالة السيدة مبارك، والتي كانت التقتهم في حوار مفتوح وبعيد من الرسميات قبل انعقاد المؤتمر بيوم واحد. و"كوراج" و"ويزدام" شابان افريقيان كانا ضمن الوفود المشاركة في المؤتمر الذي جاء بلورة لتعاون منظمتي يونيسف، والوحدة الافريقية والمجلس القومي للأمومة والطفولة. وإذا كانت الرسميات والبروتوكولات شروراً لا بد منها في أي محفل رسمي، فإن "الصراحة مع الذات والشجاعة في إعلان الحقيقة وازنتا تلك الشرور المتأنقة". وعلى رغم أننا شهدنا بعض التقدم في عدد من الدول، إلا أن قطاعات عدة شهدت فشلاً كاملاً، لماذا يظل أطفال افريقيا الأقل تمتعاً بالميزات في العالم، ويواجهون أعلى معدل من مخاطر الموت المبكر والأمراض؟ هل فعلنا ما فيه الكفاية لخلق بيئة مناسبة للأطفال؟ هل حقاً بذلنا أفضل ما في وسعنا لضمان شراكة حيوية بين الحكومة والمجتمع المدني والأطفال؟ هل خصصنا موازنات مالية مناسبة لضمان حقوقهم؟ وماذا فعلنا لحماية حقوق اليافعين البالغين؟ كيف نعاملهم؟ هل نستمع إليهم؟ وهل نعطي تطلعاتهم الاهتمام المناسب؟ اسئلة كثيرة وجهتها السيدة سوزان مبارك في افتتاح جلسات المؤتمر كانت بمثابة وقفة مع الذات لتقديم كشف حساب، ودعوة لنفض الكلمات المتأنقة التي لا تعترف إلا بالإنجازات حتى لو كانت من درب الخيال، ولا تلقى بالاً للإحباطات حتى لو كانت من واقع الحياة. وواقع الحياة يشير إلى أن أطفال افريقيا ما زالوا يتبوأون مركز الصدارة في أسوأ فرص الحياة في هذا العالم، تبعاً لما أكده سكرتير عام منظمة الوحدة الافريقية الدكتور سالم أحمد سالم. وهو تحدث عن كل ما يتبادر إلى أذهان الغالبية حتى تنطق كلمة افريقيا: فقر، جوع، سوء تغذية، أمية، إيدز، نزاعات مسلحة، حروب، لا صحة، لا تعليم، إلى آخر قائمة اللاءات. وإذا كانت هذه هي الحقيقة المفزعة، فبادرة الأمل تكمن في أنها خرجت إلى النور، واعترف بها وبوطأتها.. المديرة التنفيذية لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة يونيسف السيدة كارول بيلامي قالت: "الفقر والتخلف ما زالا عقبتين كبيرتين تحولان دون نيل الأطفال حقوقهم، وبالتالي لا تزال افريقيا بعيدة من بلوغ الأهداف الدولية في التنمية المتمثلة في خفض الفقر الشديد إلى نحو النصف بحلول عام 2015. فالمسارات الراهنة لاقتصاديات البلدان الافريقية تشير إلى أنها في حاجة إلى عشرات السنين لتحقق تقدماً ملموساً". ما الذي حدث إذاً لتكون جهود تحقيق أهداف القمة العالمية في شأن الأطفال وتنفيذ اتفاق حقوق الطفل مخيبة للآمال في افريقيا؟ مناقشات وكلمات ومداخلات الحاضرين والحاضرات من سيدات أوائل، ومسؤولين حاليين وسابقين، ومنظمات غير حكومية وضعت من النقاط فوق الحروف. ثبت أن جانباً من أهداف القمة العالمية طموحة أكثر من اللازم، ومواد اتفاقية حقوق الطفل، لا سيما المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يصعب تطبيقها لحاجتها إلى تخطيط دقيق. وظهرت حاجة الحكومات الافريقية إلى موارد إضافية لتنفيذ المطلوب. ليس هذا فقط، بل تضامنت عوامل أخرى من كوارث طبيعية، وخفض المعونات، والنزاعات، وضعف أساليب الحكومة لتسهم في فشل الحكومات في تحقيق أهدافها. ولنترك الفشل جانباً، ونرتدي لباس التفاؤل، ونبدأ في تحليل جذور المشكلة، وهو ما فعله الحضور، ما الذي يحتاجه الطفل؟ هو في حاجة إلى أن يبقى على قيد الحياة. السيدة بيلامي حددت عدداً من المخاطر التي تهدد حياة الأطفال في افريقيا، فهناك أمراض الإسهال، والحصبة، والالتهابات الحادة في الجهاز التنفسي، وسوء التغذية، وهناك الملاريا التي ما زالت تفتك بالأطفال، وانضم إليها مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز ليقتل الملايين، وييتم ملايين أخرى. وهنا، التف البعض إلى أحد الأطفال المشاركين في المؤتمر والذي كان قص عليهم مأساته، فوالدته مصابة بهذا المرض، لكنه محظوظ لأنه على قيد الحياة. فيروس العوز المناعي البشري الإيدز فرض نفسه ضيفاً ثقيلاً على الحضور. فهو يمثل كارثة يومية أصيبت بها افريقيا، فمنذ انتشاره في العشرين عاماً الماضية، قتل نحو أربعة ملايين طفل، بل إن في عدد من الدول الافريقية، اصيب ثُلث الفتيات اللاتي بلغن سن ال18 بالفيروس، والحقائق المفزعة لم تنته بعد، ف12 مليون طفل افريقي يتامى بسببه، واليتم يؤدي إلى الفقر، بل إن ظاهرة الأطفال الذين يتولون أمر أسرهم في زيادة. وهناك دلائل تشير إلى إمكان انتقال الفيروس الى الأطفال بسبب الإيذاء الجنسي. المناقشات أوضحت أن مكافحة الإيدز تمثل أكبر تحدٍ عرفته السياسات العامة في افريقيا، فهي تتطلب تغييرات بعيدة المدى في المواقف والسلوك الشخصي، كما تقتضي الصراحة في تناول الأمور الجنسية وإقامة علاقات تواصل بين الأجيال، وهو ما تفتقر إليه مجتمعات العالم بما في ذلك افريقيا. وإذا كان الإيدز حصد حياة أربعة ملايين طفل في نحو عشرين عاماً، فالنزاعات المسلحة ليست أقل شأناً، فهي بدورها حصدت حياة 5،6 ملايين طفل بين عامي 1960 و2000. ولعل النزاعات المسلحة هي "اللعبة" الوحيدة التي يقتل فيها جميع الأطراف: الخاسر والفائز والمتفرج من الأطفال، فهم عرضة للهجوم، والإصابة، والقتل. والبعض يلجأ إلى الهرب، ومن ثم الانفصال عن الأسرة، وآخرون يتعرضون للخطف ورأوا التجنيد في الجيوش لپ"يترقّوا" بذلك من مجرد طفل عارٍ إلى "طفل مقاتل". وفي النزاعات، يكون الأطفال من الجنسين عرضة للإيذاء الجنسي وربما الإصابة بالإيدز، وافتقار الالتحاق بالمدارس، إضافة إلى الآثار النفسية والاجتماعية التي تخلفها الحرب في نفسية أي طفل. السيدة سوزان مبارك، أشارت في تلك الجلسة إشارة واضحة إلى مأساة الطفلين العراقي والفلسطيني، ولم تكن تلك الإشارة الوحيدة لمأساتهما. ويشير المجتمعون إلى أنه منذ إقرار اتفاق حقوق الطفل، لا يوجد سوى دليل ضعيف على تحسن وضع الأطفال في النزاعات في افريقيا. أحد سبل هذا التحسن هو التعليم، وهي كلمة اجتمع على أهميتها الجميع، لا سيما المشاركون من الأطفال والشباب الذين صاغوا عبارة "التعليم هو الحل". افريقياً تنفق نحو خمسة في المئة من إجمالي ناتجها المحلي على التعليم، إلا أن مستويات الدخل متدنية جداً، وأعداد الأطفال الكبيرة يعنيان أن مجمل ما ينفق على التعليم للطفل الواحد ليس كافياً. وعلى مدى عقدين، عانت الأنظمة التعليمية في افريقيا سياسة التقشف والتعديل الهيكلي، إضافة إلى زيادة رسوم الالتحاق بالمدارس الخاصة. خبراء التعليم من الحاضرين أجمعوا على ضرورة تعبئة موارد الدول باعتبارها الجهة الأكثر فاعلية في توفير فرص التعليم، وذلك على رغم ضعف الإمكانات، وهم شددوا على ضرورة العمل على تدريب المعلمين، وأخذ رواتبهم بالاعتبار، ومشاركة الأهل في العملية التعليمية. أما المحتوى، فهو في حاجة إلى إعادة تقويم: ما دور الثقافة، والمعرفة، واللغات المحلية في جعل التعليم أمراً محبباً وميسوراً وفاعلاً وتنموياً؟ وهل هناك توازن بين الحاجات المحلية العلمية والحقائق الفنية واللغوية للاقتصاد "المتعولم"؟ ومن أهم ما أثير وأخطره أن التعليم ليس شأناً دولياً، وإخضاعه لمقاييس عالمية من شأنه حمل رأس المال البشري للنزوح إلى المراكز المتقدمة. وكان طبيعياً بعد كل تلك المصارحة الاعتراف بالأخطاء المرتكبة، أن يرفض الحضور عادة إزاحة العناصر الصغيرة والشابة جانباً بحكم أن "الكبار يعرفون أكثر"، فالجميع اعترف بأهمية دور الصغار في التطور الاجتماعي. فبحكم الأرقام، افريقيا قارة للمواطنين الشباب، لذا فهم قوة نشطة للتغيير بالنسبة إلى صانعي السياسات، ووجهت الدعوة لأن يكون الشباب مركز اهتمام لمختبر أساسي يختارون فيه حلولاً للمشكلات المطروحة على المجتمع المدني، وذلك في الأزمات الافريقية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وإذا كان في افريقيا الكثيرون من الشباب المقاتلين، فهي عامرة كذلك بطبقة اجتماعية شابة تقاتل من أجل التميز، على رغم القمع والظروف الاقتصادية المحبطة، وهي طبقة تتميز بالتضامن والابداع. وتتحتم علينا العودة الى الحكومات والقيادات ومساءلتها. هل تبدو الجملة غير منطقية في هذا الجزء من كوكب الارض: مساءلة القيادات؟ قد تبدو كذلك، لكنها حيوية لاعمال حقوق الطفل. وعلى رغم أن المتحدثين الرئيسيين في تلك الجلسة هما رئيسا دولتين افريقيتين كبيرتين، إلا أنهما كانا رئيسين سابقين وفي هذا عيب وميزة في آن، فالعيب يكمن في تمني لو كانا حاليين لتحقيق المساءلة الفعلية، والميزة لأن صفة "سابقاً" عادة تتيح قدراً أكبر من الحرية والجرأة. ومن أحلى ما قيل في تلك الجلسة جاء على لسان السفيرة مشيرة خطاب التي قالت: "لم يعد في مقدور القادة أن يتبعوا مبدأ ممارسة العمل كالعادة أو Business as usual" فهناك نقاط يجب التوقف عندها". رئيس مالي السابق آمادو توماني توري بدأ حديثه بالاعتراف بخطأ ارتكبه اثناء فترة رئاسته، وهو نسيانه تأسيس وكالة لتشغيل الرؤساء السابقين درءاً للبطالة، لكن يبدو أنه تدارك الخطأ إذ أسهم في تأسيس وكالة مهمتها الاهتمام بالاطفال في بلده، مؤكداً على أنه يفضل أن يكون رئيساً للاطفال على أن يكون رئيساً لدولة. أما زميله رئيس غانا السابق الجنرال جيري جونز رولنغز فبدأ بداية تاريخية كلاسيكية، وتحديداً حين كان الرجل الابيض يستعمر بلاد الرجل الاسود، واستخدم تشبيهات عدة ليصل الى محصلة قوامها ان الرجل الاسود حين حصل على استقلاله اساء الاختيار فمنعاً للمعارضة من حوله، استقطب اقاربه ومعارفه في المناصب القيادية، ولم يكونوا بالضرورة "الرجال المناسبين في الاماكن المناسبة". رولنغز دعا الى التوقف فوراً عن التقليل من شأن القوة والحماسة اللتين يتمتع بهما الشباب. الا ان الرئيسين السابقين لم يتطرقا الى موضوع الجلسة "القيادية والمساءلة" مباشرة، وهو عكس ما فعلته الورقة التي قدمت في هذا الشأن باسم المؤتمر، والتي بدأت بسؤال قطع الطريق أمام الاسلوب الإنشائي والبلاغة غير المطلوبين في هذا الصدد: "كيف يمكننا جعل الوعود المقدمة الى الاطفال والشباب واقعاً؟" أولاً: هناك التزام اساسي منصوص عليه في القانون بأن على الدول إعمال حقوق الاطفال. وتشير الورقة الى أننا حالياً في عهد اتفاق حقوق الطفل، ذلك الاتفاق الذي وقع عليه كل دول العالم عدا الصومال والولايات المتحدة الاميركية، والالتزام بتحقيق بنود الاتفاق لا يقع على عاتق الدول فقط، لكنها مسؤولية المجتمعات المحلية، والمدنية والقطاع الخاص، والمجتمع الدولي كذلك. وينجم معظم الاخفاقات عن الخيارات السياسية التي تقوم بها الحكومات، وهنا مربط الفرس وبيت القصيد، فحقوق الانسان - كما تشير الورقة - لا تتجزأ، ولا يمكن فصل حقوق الاطفال عن الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لاي مجتمع. لكن هل ما تقترحه الورقة لمساءلة "الحكومات" أمراً يمكن تنفيذه؟ "أية دولة تفشل في الوفاء بالتزاماتها نحو الاطفال يعني أنها فشلت في الاختبار الاكثر اساسية من حكمها، وإذا كان مواطنوها يدركون الحقوق التي تم حرمانهم وحرمان اطفالهم منها، ولديهم الآليات للتعبير عن خياراتهم السياسية، فقد يمارسون حقهم في طرد قادتهم الفاشلين من السلطة، وهذا هو العقد الاجتماعي الساري حين يفشل احد الطرفين الحكومة في الوفاء بواجباتها، يتولى الطرف الآخر المواطنون القيام بمهمة الحكم". ومن الانتقادات التي وجهها عدد كبير من المتحدثين الى المؤسسات المالية الدولية والحكومات المانحة لم تأخذ مصالح الاطفال الافارقة في الحسبان، بل إن العديد من برامج التعديل الهيكلي ينقصها الجانب الانساني. وبعد اطار الحقوق يأتي اعمال حقوق الطفل كمصلحة عامة شاملة، وقد ساد القارة الافريقية في العقدين الماضيين اعتقاد تقليدي قوامه أنه في حال تمكن الاقتصادات الوطنية من الحصول على الحقوق الاساسية من حيث الاستقرار الاقتصادي الكلي والاسواق المحررة، فإن معدلات النمو المتزايد ستتبع ذلك، ويتم في الوقت الملائم توفير الموارد بغية توفير الخدمات الاساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم، ويشير التقرير إلى أن التجربة الليبرالية الجديدة العظيمة لم تنجح في افريقيا. والمقبول حالياً هو أن الحقوق الاساسية هي الصحة الجيدة والتعليم والاستقرار الاجتماعي، وفي حال تحقيقها يمكن للسياسات المؤيدة للنمو ان تحقق بعض النتائج. ويلفت التقرير الى النقطة الثالثة وهي ايجاد حركة اجتماعية للاطفال بواسطة الاطفال والشباب لأن هناك حاجة الى الضغط خارج الدوائر السياسية، ولا ينبغي ان يكونوا جنود مشاة في حملة يوجهها آخرون. واذا كانت فكرة الرد على الاهانة المعنوية غير واردة في معظم الدول الافريقية "بعد" فقد حان الوقت لذلك، ولعل المؤتمر الذي شهدته القاهرة يساعد على ايجاد الوعي بها، إذ أن وضع الاطفال في افريقيا مُخزٍ للغاية. وإذا بدت الجملة التالية تحريضاً، فهي ليست كذلك إذ ينبغي أن يغضب كل مواطني الدول التي سمح قادتها بتردي وضع الاطفال والشباب فيها إلى الدرجة الموجودة في افريقيا. وثائق المؤتمر دعت من ضمن ما دعت اليه ان يطأطئ قادة العالم رؤوسهم خجلاً إزاء ما كان يمكنهم عمله بعد 11 عاماً من إقرار "اتفاق حقوق الطفل". فأن يموت الملايين من سكان افريقيا وهم في سن الشباب، وألا تتوقع الملايين ممن بقت على قيد الحياة التعليم اللائق أو اي تعليم على الاطلاق، وأن تلقى ملايين منهم حتفها في الحروب، او تصاب بالايدز هي جميعها "إهانة معنوية" ودليل على فشل الحكومات في القيام بدورها. الأزياء القومية المزركشة التي حفلت بها قاعة مركز المؤتمرات في القاهرة هي الوجه الوحيد المشرق لمأساة افريقيا، كذلك حماسة الشباب والاطفال الافارقة المشاركين والذين أكدوا أن غريزة الرغبة في البقاء تسيطر عليهم. وفي الدورة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول الاطفال ايلول سبتمبر 2001 أكدت الدول الافريقية على موقف موحد، وحثت رؤساء الدول والحكومات على إعادة تأكيد التزامهم تجاه الطفل، ووضع تصورات للشباب والاطفال وعدم تجاهل الكرامة الانسانية في خضم المؤشرات الاحصائية للتقدم. فالمطلوب وضع خطط عمل واقعية، تعطي الاولوية للاطفال والشباب. كما أن التعليم لا يمكن أن يكون محل أخذ ورد، وضرورة وضع التغلب على الايدز على رأس الأولويات، وحماية الاطفال في النزاعات المسلحة. أما حق الشباب والاطفال في المشاركة فمنصوص عليه في الميثاق الافريقي واتفاق حقوق الطفل، ويجب تنفيذه من دون تأخير. وأخيرآً، آن الأوان للعمل، وليس في مقدور الاطفال الافارقة الانتظار. إحصاءات من افريقيا مع نهاية العقد الحالي، يتوقع أن تحتفظ افريقيا لنفسها بأكثر من نصف أطفال العالم غير الملتحقين بمدارس. وفي عام 1997 قتلت النزاعات المسلحة مليوني طفل، وجرحت واعاقت ثلاثة اضعافهم، والعدد الكبير منهم في افريقيا. وهناك نصف مليون طفل ولدوا مصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة، الايدز، وانتقل المرض الى 90 في المئة منهم من طريق الرضاعة الطبيعية. وما زال الاطفال دون الخامسة يموتون بمعدل يزيد على عشرة ملايين طفل سنوياً بسبب امراض تمكن الوقاية منها مثل الاسهال والحصبة، ومعظم الوفيات تحدث في افريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا. وقدر عدد سكان افريقيا الذين يعيشون تحت خط الفقر الدلالي 30 دولاراً في الشهر في عام 1990 بنحو 57 في المئة وهذا العدد آخذ في الزيادة في جنوب الصحراء. وكان قدر في السبعينات والثمانينات، ان 88 في المئة من سكان القارة يعيشون في ظل مؤسسات سياسية "ليست حرة" وتحسن الوضع في عام 2000 لتنخفض النسبة الى 35 في المئة.