وزير الاتصالات: ولي العهد رفع الطموح والتفاؤل والطاقات الإيجابية وصنع أعظم قصة نجاح في القرن ال21    وزارة الثقافة تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض    مؤتمر ومعرض دولي للتمور    أمير منطقة تبوك يستقبل وزير البلديات والإسكان ويستعرضان المشاريع    أمين عام التحالف الإسلامي يستقبل وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    السعودية وعُمان.. أنموذج للتكامل والترابط وعلاقات تاريخية وطيدة    أرامكو السعودية و"سينوبك" و "فوجيان للبتروكيميائيات" تضع حجر الأساس لمشروع جديد للتكرير والبتروكيميائيات في الصين    "ماونتن ڤيو" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب العالمي 2024" بإطلاق أول مشروع لها بالرياض ونجاح يُعزز حضورها الباهر    مستشفى الحرجة يُفعّل التطعيم ضد الحصبة و الأسبوع الخليجي للسكري    سعود بن طلال يطلق عددا من الكائنات الفطرية في متنزه الأحساء الوطني    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1%    أمير الشرقية يطلق هوية مشروع برج المياه بالخبر    رينارد يتحدث عن مانشيني ونقاط ضعف المنتخب السعودي    قسطرة قلبية نادرة تنقذ طفلًا يمنيًا بمركز الأمير سلطان بالقصيم    مستشفيات دله تحصد جائزة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في السعودية 2024    «التعليم»: إلغاء ربط العلاوة بالرخصة المهنية    القبض على باكستاني لترويجه 6.6 كلجم من الشبو بمنطقة الرياض    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    قمة مجموعة العشرين تنطلق نحو تدشين تحالف عالمي لمكافحة الفقر والجوع    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    مع انطلاقة الفصل الثاني.. «التعليم» تشدّد على انضباط المدارس    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    المملكة ونصرة فلسطين ولبنان    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    حسابات ال «ثريد»    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    الله عليه أخضر عنيد    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    أعاصير تضرب المركب الألماني    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة الرجل في قصيدة المرأة العربية . أصوات خالفت المألوف وساهمت في بلورة الحداثة 1 من 2
نشر في الحياة يوم 10 - 06 - 2001

} طغت نظرة الشاعر العربي الى المرأة وكاد شعر الغزل على اختلاف أنواعه يرتبط بهذه النظرة الشعرية الذكورية. لكن المرأة الشاعرة كان لها موقفها أيضاً من الرجل ورؤيتها إليه. فماذا عن هذا الموقف وهذه الرؤية؟. هنا قراءة لظواهر شعرية ثلاث رسّختها ثلاث شاعرات هن: نازك الملائكة، فدوى طوقان وسعاد الصباح.
ماذا يعني أن نستجلي اليوم صورة الرجل العربي في القصيدة الأنثوية المعاصرة؟ هل يعني اننا أخذنا نقلب صفحة التاريخ الابداعي، بعد تحولاته الكبرى، لنشهد فيها ما لم تكن متاحة رؤيته من قبل؟
قدّم الخطاب الشعري عبر العصور المختلفة رؤية الرجل الى كل نواحي الوجود المحيطة به، وتألقت صورة المرأة في بؤرته باعتبارها حلمه العصيّ حيناً، وإلهامه المستكين حيناً آخر. بينما كانت تقبع في قعر داره فريسة التمييز النوعي، محرومة من حقها في العلم والعمل والحياة العامة، بتقاليد بدائية جاهلة، تطفئ توهج الروح وتشل طاقة الإرادة الواعية. لم يكن هذا قاصراً على ثقافة انسانية دون غيرها، ولم يكن من صنع الرجال وحده: كان ميراثاً بشرياً لعصور التخلف والعجز والإحباط. كان استئثار الرجل بالنزر اليسير من الحرية هو الذي فجّر ينابيع إبداعه كما كانت عبودية المرأة النسبية هي التي حرمتها ملكية اللغة وهي صانعتها الأولى، وحق التصرف في الشؤون العامة كتابة ونشراً وابداعاً جميلاً في الأدب والشعر وهي محركته الأساس. احتكر الرجل سلطة تشكيل الصورة أو صوغ أشكال الكتابة وأنماط الوجود العقلي وعلاقاته، فرسمها على هواه، واستمتع وحده بحرية التخيّل المسجل، وقدرة تثبيت النمط في الفكر والوجدان والذوق العام. ولم يتناه الينا من رذاذ الأشعار النسائية المحروقة إلا ما كان يردد الأصوات الملهوفة التي يعشقها الرجل، ما كان يتغنى به حياً ويتفجع عليه ميتاً، ويكرر دائماً ما يريد أن يؤكده عن نفسه. ومن اللافت ان الخطاب الشعري القديم لم يسمح للمرأة، وكانت في معظم الأحيان تتذبذب بين طرفي المعادلة الاجتماعية، إما أميرة أو قينة مغنية، لم يسمح لها أن تعرب عن حضور الرجل في وعيها إلا إذا كان ميتاً مرثياً، وقريباً من الدرجة الأولى في طبيعة الحال. وسواء كانت الذاكرة الانتقائية التي سجلت هذه الآثار وأغفلت ما عداها ظالمة أو عادلة، فإن رواية الأشعار في المدونات كانت دائماً منوطة بالرجال، ولم يكن هناك أمل في حفظ الروايات الشفوية التي تسقط في بئر العدم.
ربما كان حضور المرأة في المجتمع والثقافة والأدب والحياة العامة أهم سمة تميز العصور الحديثة في الشرق والغرب. بل ان في وسعنا القول إن تمدن المجتمعات وتحضرها يمكن أن يقاسا، لا بما تستهلكه من ورق أو ماء أو كهرباء أو سوى ذلك من مظاهر البذخ المادي، بل بمدى ما ترتكز عليه من تكافؤ انساني، وعلاقات متوازنة بين رئتيها، فإذا كانت إحداهما معطلة عليلة لم تُجدِها جميع مظاهر الوفرة المادية كي ترقى سلم الحضارة. من هنا فإن من حقنا أن نربط بين هذا الملمح الصغير أن تكتب المرأة أدباً تقدم فيه صوراً متعددة لأشكال الوجود ورؤية أصيلة لموقعها فيه، وبين التطور الحضاري، والإنسان في جملته، فهذا يعني أن شطر المجتمع امتلك مصيره وأصبح مشاركاً في صوغ استراتيجية ناجحة. وإذا كان بعض الرجال تولى في العقود الأخيرة مهمة النطق بصوت الأنثى، لتحريضها على التقدم الشجاع للتعبير عن ذاتها، وأخص بالذكر منهم إحسان عبدالقدوس في الرواية ونزار قباني في الشعر، فإنهم وقعوا في مفارقات طريفة، مبعثها عجزهم عن التخلي التام عن شريعة الرجل البطركي مهما خلصت النيات، فقدموا في معظم الأحيان صورة المرأة كما تحلو في عين الرجل وتلذّ له، شهية متحررة إن كانت بعيدة من دائرته، بتولاً متفانية إن كانت تحت وصايته، شيئاً يتعشقه ويشبع كبرياءه، ما جعل الصورة زائفة متناقضة، تظهر شيئاً وتخفي عكسه. وكان علينا أن ننتظر صوت الأنثى الحقيقية لنتعرف الى نبراته وأشداقه وهي تتشكل بخفر وتحوّل بطيء غير مرئي. ذلك إن غلبة الصور النمطية على ذاكرة المبدعين تفرض سلطانها على تصوراتهم. وتحول العلاقات الانسانية في الواقع يحتاج الى مراس طويل وشجاعة فائقة كي تتجسد في أوضاع اللغة وأشكال الفن والإبداع. الأمر الذي يجعلنا نغفل في هذا السياق نماذج الشعر التي تكرر الصور المألوفة للعلاقات العاطفية، بما تبثه من أشواق وأحلام، لنركز فحسب على تلك القصائد التي تلوح فيها بوادر وعي جديد بموقع المرأة في الحياة، ورؤية مغايرة لما استقرت عليه الأعراف في العلاقات الانسانية. سنركز على النماذج التي تتضمن موقفاً مخالفاً للمألوف، أو لفتة مبتكرة تشف عن روح الأنثى، مما لم يسبق لرجل أن اهتدى اليه بحدسه. بهذا نود أن نلمس طرفاً من تجليات الحداثة في تضاريس اللغة، كي نتأمل صفحة جديدة في الخطاب الابداعي العربي، تقدم الكون بحساسية مغايرة وهي ترسم الصورة المبتغاة للرجل، في الحلم والواقع، بمنظور الأنثى المالكة لقدرها ولغتها وفنها معاً.
عاشقة الليل
ولأن هذه المقاربة مبدئية، تقدم استباراً أولياً للمشهد العريض، سنكتفي بقراءة وجيزة مقتضبة، لثلاثة نماذج من شواعر العرب في الجيلين الأخيرين، اثنتان منهما تنتميان الى تحولات منتصف القرن العشرين، ساهمتا في تجديد ايقاعه، وتجديد تصوراته، والتنمية الوئيدة لحداثته الشعرية، وهما: نازك الملائكة وفدوى طوقان، والصوت الثالث ينتمي الى الجيل الذي يتصدر حقل الإبداع اليوم، ويأتي من الخليج العربي بالقوة نفسها التي ينبعث بها من المراكز القديمة والعواصم المغاربية وهو صوت سعاد الصباح. ومع أن كل اختيار يتضمن بالضرورة مقداراً من التعسف والاعتباطية، فقد آثرنا أن نعتمد النماذج التي اكتمل عطاؤها أو كاد، وتميزت بالاستمرارية والخصوبة والنضج، وتوافر انتاجها في المكتبة العربية بيسر، وليس في ذلك حكم قيمة على من سواهن، إذ أحسب أن إعادة النظر الضرورية لا بد من أن تعدّل من هذه الصورة الأولية.
أما نازك الملائكة التي قدمت نفسها باعتبارها "عاشقة الليل" في مراوغة محسوبة للمذكر المبهم، فقامت بدور الأم الحاضنة لهذه الشعرية خلال تحولها الجذري المتحرر، فمارست - على طراوتها حينئذ - سلطة الأم الحفيظة على المواريث في بنيتها الصلبة، وهي تجرب مع رفاقها خلخلة الإطار الشعري قبل أن تعود الى تثبيته في شكل صارم عنيف، انغمرت في تحريك التيار الرومانطيقي الوجداني منذ مجموعتها الأولى عام 1947 حتى ديوانها الأخير "يغير ألوانه البحر". ومن ثم فإن الصورة التي تقدمها للرجل، شفيفة متباعدة، قاسية حادة في الآن ذاته، تغرق حيناً في ضباب الحلم والحزن، ثم لا تلبث أن تكشر عن أنيابها في شكل عدواني مكبوح. إنها في جملتها صورة الذات منعكسة على مرآة الآخر، لا تقتضي إلا نادراً حركته الخارجية ولا تعى بخصوصيته الذكورية، لا تقترح عليه تغيرات جوهرية بمقدار ما تهدده من حين لآخر. ويكاد صوتها يتماهى مع صوت الرجل في وعيه بذاته. قد يدهشنا مثلاً أن تكتب في قصيدة لها، في "شظايا ورماد" 1949 "لنكن أصدقاء"، لكننا عندما نقرأها نجد أن ضمير المتكلم يغطي الرجل والمرأة معاً، إنها تتحدث عن الإنسان من دون أن تواجه الرجل، إذ تقول: "لنكن أصدقاء/ في متاهات هذا الوجود الكئيب/ حيث يمشي الدمار ويحيا الفضاء/ في زوايا الليالي البكاء/ حيث صوت الضحايا الرهيب/ هازئاً بالرجاء/ لنكن أصدقاء".
ثم تمضي في مثاليتها الطوباوية الحالمة المنقوعة في الرومانطيقية: "لنكن أصدقاء/ نحن والظالمون/ نحن والعزّل المتعبون/ والذين يقال لهم "مجرمون"/ نحن والأشقياء/ نحن والثملون بخمر الرجاء/ والذين ينامون في القفر تحت السماء". ما يجعل الصورة بعيدة من تطويق الرجل، وتجسيد موقف المرأة منه. ولأن رؤيتها وجدانية في طبيعتها فإنها تصبغ شكل الرجل المرتقب فيها، فلا بد له من أن يشاطرها الحلم - دعوة الى الأحلام في "قرارة الموجة" - وأن يمتزج لديها بالحزن وهي لا تكف عن التحديق في أغوار ذاتها، فإذا ما جاء الرجل يلقاها بعد عامين وجدها مخلوقاً مغايراً، كما أنها لو لقيته بعد فترة لن تجد فيه سوى بقايا إنسان "حاملاً وجه أبي هول جديد/ ساحباً أعباء قلب من جليد".
ومع ذلك فهي تناشده: "كن إذا شئت بلا طعم خريفياً يُملاّ/ آه لكن... ألف ظلا".
وربما لمحنا ظل الرجل الحقيقي في منظور نازك الملائكة، وهو ليس ظل حائط، في دواوينها اللاحقة، حيث ترتفع قليلاً نبرة النقد والتمايز، وتخرج من دائرة الاستيهامات الرومانطيقية، فترسم له صورة مغايرة في "شجرة القمر" 1965 حيث يتجلى لها "وهو مشغول في آذار": "ينام الورد أو يصحو/ ويبسم في المدى ليل ند أو ينتشي صبح، سواء هذا أو ذاك، حبيبي، أنت مشغول/ سدى مني أوتار تصلي وتراتيل على مكتبك البارد تنكب بلا أحلام/ وتسرق روحك الأرقام وعند رتاجك المسدود ترتد المواويل/ وقد أضحك، قد أبكي، وأسهر في الدجى وأنام/ سواء أنت مشغول بأوراقك، والحب على المكتب مقتول؟ ألا فلتسقط الأوراق والأقلام".
هنا نلمس أول لفتة واقعية للمفارقة في موقف المرأة والرجل، المرأة الباحثة العطشى دائماً الى الحب والتفتح الندي والحس بنغمات الوجود، والرجل اللاهي في عمله، كأن تسرق روحه الأرقام، وينكب على مكتبه مذبوح الوجدان. ومع أن المرأة شاعرة، فإن زوجها البليد دائماً يضطرها لأن تهتف بسقوط الأوراق والأقلام.
على أن أبرز صورة نقدية للرجل في شعر نازك الملائكة تذهب بعيداً في حدتها وقسوتها المكتمة في قصيدة "ثلج ونار" التي تقول فيها:
"تسأل ماذا أقصد؟/ لا، دعني لا تسأل... لا تطرق بوابة هذا الركن المقفل/ اتركني تحجب أسراري ستر مسدل/ إن وراء الأستار وروداً قد تبذل/ إن أنا كاشفتك، إن عريت رؤى حبي وزوايا حافلة باللهفة في قلبي/ فستغضب مني، سوف تثور على ذنبي وسينبت تأنيبك أشواكاً في دربي/ يا آدم لا تسأل... حواؤك مطوية/ في زاوية من قلبك حيرى منسية/ ذلك ما شاءته أقدار مقضية/ آدم مثل الثلج... وحواء نارية".
ومع أن النبرة الثورية كانت أخذت تشتد في أشعار نازك منذ الستينات حيث كتبت "مأساة الحياة وأغنية الانسان" وديوانها "للصلاة والثورة"، غير أن الأسلوب الحواري في طرح تناقضات الرجل مع المرأة، وإيثار الصحبة على الفراق، واعتبار هذه التناقضات بمثابة القضاء والقدر، لا بد من التسليم بحتمية الانسانية، كل ذلك يجعل من موقف الشاعرة امتداداً للرؤية الأمومية المحافظة في إدراكها مساوئ الآخر، وتقبلها الراضي به.
والمفارقة الماثلة في هذه الصورة انها بدورها لا تخلو من تناقض، فهي تقدم في إطار موسيقي رصين محافظ، يعود الى الرباعيات بعد أن كان اجترح الشعر الحرّ، ويحافظ على القافية المتنوعة بعد أن فرط فيها من قبل، ويتذرع بالحجاج لا بالثورة، ولا يتكلم على الأشخاص وإنما على الأنماط، فهي زوجة تنصح رفيقها بالعقل والحكمة وعدم إثارة الأسئلة التي يمكن أن تشعل العواصف الساكنة، وهي في نهاية المطاف لا تتمرد على القدر الحاكم منذ آدم وحواء. أي انها في كل ذلك بعيدة من النار التي تزعم شعرياً أنها من طبيعتها، وإن كانت ثلجية الرجل التي تصورها تظل عالقة في مخيلة القراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.