} يبدأ الرئيس الاميركي جورج بوش بعد غدٍ الثلثاء جولة أوروبية هي الأولى له، يتخللها لقاء قمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وتكتسب اطلالته الأوروبية الأولى أهمية خاصة في ضوء سياسات البيت الأبيض الجديدة التي وصفها حلفاء واشنطن بالانعزالية. واشنطن، موسكو - أ ب، أ ف ب، رويترز - بدأ المسؤولون الأميركيون، وفي مقدمهم وزير الدفاع دونالد رامسفلد، حملة ديبلوماسية لاقناع روسيا وحلفاء الولاياتالمتحدة بالاستراتيجية العسكرية الاميركية الجديدة، ما يتيح لواشنطن المضي قدماً في خطط الدرع الصاروخية تحضيراً لجولة الرئيس جورج بوش الأوروبية المقررة بعد غد الثلثاء. ومن المتوقع ان يواجه بوش معارضة لمشروعه العسكري الباهظ الثمن وغير المبرر تقنياً بعد، خلال محادثاته مع زعماء حلف شمال الأطلسي ناتو، ومع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سلوفينيا نهاية الاسبوع المقبل. وينظر الروس والاوروبيون الى الدرع الصاروخية نظرة تشكيك باعتبار انها مناقضة للمعاهدة المضادة للصواريخ الباليستية الموقعة عام 1972. ولا يتوقع البيت الأبيض ان يتم التوافق على خطة الدرع الصاروخية خلال جولة بوش هذه ، خصوصاً انه لم يقرر بعد ماهية التقنية المتبعة لتنفيذه. لكن الادارة الاميركية تسعى، على رغم ذلك، الى تخفيف الانتقادات الواسعة للخطة بالترويج انها ستؤدي الى خفض الترسانات النووية الأميركية والروسية على حد سواء. وقال مسؤول اميركي ان رامسفلد شدد خلال محادثاته مع نظرائه الأوروبيين ونظيره الروسي سيرغي ايفانوف أول من أمس، على المخاطر الجدية لحدوث هجمات صاروخية تشنها منظمات ارهابية أو "دول معادية" على أهداف اميركية. واعتبر ان ذلك كاف لتتبنى واشنطن الدرع الصاروخية. وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، ان رامسفلد لم يتراجع خلال شرحه الخطة عن أي من الخطوط العريضة التي حددها مطلع أيار مايو الماضي، عندما تحدث عن ضرورة خفض عديد القوات الاميركية ورفع كفايتها في الوقت نفسه. لكن ايفانوف اعتبر ان الفرضية الاميركية مجرد نظرية، وان العالم مملوء بالمخاطر الأخرى. وألمح الى أن موسكو مستعدة لمناقشة الأمر مع الاميركيين لكنها ستعارض، في شدة رفع الضوابط القانونية الدولية عن نشر الصواريخ الطويلة المدى. وترأس بوتين اجتماعاً في الكرملين أمس مع أعضاء مجلس الأمن في الاتحاد الروسي. وقال ان حلفاء موسكو يتوقعون منها سياسة واضحة وراسخة في مجالي التعاون العسكري والتقني. وقال الرئيس الروسي من دون أي اشارة الى الدرع الصاروخية ان التعاون العسكري والتقني أمر حيوي اليوم لروسيا وللعالم مع بداية ظهور عمليات دفاعية معقدة واستراتيجيات أمنية جديدة. والى السياسة العسكرية، اجمع محللون اميركيون ان على بوش، اذا اراد لجولته الأوروبي الأولى النجاح، أن يحدد، في وضوح، كل جوانب سياسته الخارجية، بما فيها البيئية. وقال مسؤولون اميركيون ان بوش سيحدد غداً الاثنين الخطوط العريضة لتعزيز الابحاث في شأن ارتفاع درجة حرارة الأرض. وقال فيليب غوردون المتخصص في الشؤون الأوروبية في معهد "بروكينغز" ان الجولة "ستعطي الادارة الاميركية، فرصة لتطمئن الأوروبيين الى الكثير من القضايا الساخنة التي أثرت في العلاقات بين الجانبين". وأقرت المستشارة الأمنية للرئيس بوش، كوندوليزا رايس بأن الجولة ستركز في المقام الأول على القضايا الخلافية. وأضافت: "علينا أن نستعرض خلافاتنا بأمانة ونتناولها بموضوعية، ومن ثم نجد الحلول لها بطريقة عملية وابداعية". ولفت وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين لدى توقفه في واشنطن الخميس الماضي، الى أن وصول بوش الى حلبة السياسة العالمية كان ينظر اليه "بكثير من الفضول والاهتمام". وأضاف: "على رغم الاسلوب الانعزالي الذي يميز السياسة الخارجية الاميركية الآن، فكل يوم يمر، يشهد اعادة التزام الادارة الاميركية قضايا السياسة الدولية، وان كان ذلك يحدث في صورة بطيئة". وكتبت وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين أولبرايت في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" أخيراً: "في ما يتعلق بكل من هذه المواضيع، تكمن المشكلة الرئيسية في معرفة الى أي حد سيمكن الادارة الاميركية ان تعمل بالتعاون مع حلفائنا الأوروبيين". ومما قد يدفع بوش الى ابداء مرونة أكثر حيال بعض القضايا المعطيات السياسية الجديدة على الساحة الاميركية، إذ أصبح منافسوه الديموقراطيون يتمتعون بالغالبية داخل مجلس الشيوخ الاميركي.