حملت استراليا الحكومة الروسية المسؤولية عن عزم الولاياتالمتحدة على تطوير درع صاروخي مثير للجدل، في موقف تضامني بارز مع الادارة الاميركية الجديدة، في وقت حرصت بريطانيا على تفادي اتخاذ موقف مماثل يضر بعلاقاتها مع الدول الاوروبية المجاورة. وأشار وزير الخارجية البريطاني روبن كوك الموجود في واشنطن في زيارة تعارف مع الادارة الاميركية الجديدة، الى وجود "جدل في هذا الشأن داخل اميركا نفسها". وأعاد التذكير بان المسؤولين في ادارة الرئيس جورج بوش، حرصوا على تأكيد ان تطوير الدرع الصاروخي لن يتم من دون التشاور مسبقاً مع حلفاء اميركا في الخارج، وتحديداً شركائها في حلف شمال الاطلسي، مبدياً استعداد لندن للتحادث مع واشنطن في هذا الشأن عندما تكون الاخيرة مستعدة لذلك. وفي معرض الاشارة الى الجدل داخل اميركا الذي تحدث عنه كوك، كان ملفتاً تحليل حول الموضوع في صحيفة "نيويورك تايمز" مطلع الاسبوع، اعتبر ان الاتصالات التي يخطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاجرائها مع اثنين من قادة الدول "المارقة" التي استفادت من تصدير تكنولوجيا الصواريخ الروسية، هدفه التأكيد على ان الديبلوماسية هي افضل الطرق لتبديد المخاوف الغربية من الخطر الصاروخي الذي تمثله هذه الدول. ورأت الصحيفة الاميركية ان بوتين "بدأ يضع نفسه في موقع للعب دور بناء" في هذا الاطار، من خلال المحادثات التي يزمع اجراءها في هذا الصدد، مع كل من الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل والرئيس الايراني محمد خاتمي، وذلك اعتباراً من مطلع الربيع المقبل. ويأتي ذلك في وقت يجمع المراقبون على ان بوتين يخطط لاستغلال الشكوك الاوروبية القوية، وتحديداً الفرنسية والالمانية، في مشروع الدرع الصاروخي الاميركي باعتبار المشروع "يعيد خلط اوراق التوازن الاستراتيجي وينتهك معاهدة الحد من انتشار الصواريخ البالستية الموقعة عام 1972". ويبدو ان بوتين يعد العدة لحملة في الاشهر التي تسبق قمة الدول الصناعية الكبرى في جنوا في حزيران يونيو المقبل، ليظهر في القمة ببديل قوي للمشروع الاميركي، مبني على خطة للتعاون الاميركي - الاوروبي لبناء دفاعات صاروخية اقليمية، للرد على المخاوف الاميركية من مخاطر لجوء الدول "المارقة" الى هجمات صاروخية على اهداف في الولاياتالمتحدة. وفي المقابل، بدت الادارة الاميركية مصرة على المضي قدماً في هذا المشروع خصوصاً بعد اعطاء وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد تعليمات بذلك الى الجهات المعنية اخيراً. كذلك حرص مسؤولو الادارة الاميركية على تأكيد ان مسألة الدرع الصاروخي، ركن اساسي في السياسة التي وعد بوش الناخبين الاميركيين بها، ما يجعل التراجع عنها صعباً. وأعلن البنتاغون اول من امس، ان رامسفلد طلب من الجنرال في سلاح الطيران رونالد كاديش المكلف مشروع الدرع الصاروخي المضي قدماً في تنفيذه، وذلك بدراسة تمويل المشروع وبرنامجه الزمني والتجارب المتعلقة به. ومعلوم ان الهدف من مشروع الدرع المضاد للصواريخ هو اعتراض صاروخ يتم اطلاقه على الولاياتالمتحدة وتدميره في الفضاء بمساعدة صاروخ اخر توجهه رادارات اثر تحذير تطلقه الاقمار الاصطناعية. وفي مواجهة الاعتراضات الروسية - الاوروبية وفي ظل الحرج البريطاني، سارعت استراليا الى اتخاذ موقف حاسم بتحميلها روسيا مسؤولية نشر تكنولوجيا الصواريخ البالستية العابرة للقارات. ورأى وزير الخارجية الاسترالي الكسندر داونر ان "الجدل" ويقصد الاعتراضات في هذا الشأن، يجب الا توجه نحو الولاياتالمتحدة. وقال في مقابلة مع محطة "اي بي سي" التلفزيونية مساء أول من أمس: "اعتقد ان الجدل في هذا الشأن يجب ان يوجه، لا نحو الدول التي تملك أنظمة صاروخية او تحاول تطويرها فحسب، بل نحو الدول التي كانت تصدر تكنولوجيا الصواريخ". وأضاف: "على سبيل المثال، ابدت روسيا قلقها ازاء المخاطر الصاروخية، لكن روسيا كانت متورطة في تصدير تلك التكنولوجيا، ولو لم تكن تلك الصواريخ، لما كانت الحاجة الى دفاع صاروخي". وخلافاً لمشروع سلفه بيل كلينتون الذي ظل مقتصراً على الاراضي الاميركية، يتضمن مشروع بوش توسيع نطاق الحماية التي يوفرها الدرع لتشمل من يرغب من حلفاء اميركا الاوروبيين. ويبدي الاوروبيون تحفظات على المشروع الذي يعتبرونه مثيراً لعدم الاستقرار وعديم الفاعلية ولا يشاركون الولاياتالمتحدة وجهة نظرها في وجود تهديد من دول "مارقة". الا ان الدول الاوروبية ليست كلها على الموقف نفسه.