} أُفيد في الجزائر ان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة على وشك إعلان تغييرات واسعة في الحكومة والإدارة واجهزة امنية، في حين استمرت الإضطرابات في مناطق القبائل وامتدت الى العاصمة ومحيطها، ومحاولة طلاب جامعة الجزائرالاشتراك في التظاهرات المؤيدة لمطالب البربر. تواصلت أعمال العنف في غالبية مناطق القبائل وتوسعت إلى العاصمة وولاية بومرداس 50 كلم شرق الجزائر، في تصعيد لافت للمواجهات التي بدأت قبل أكثر من شهر بين الشبان القبائليين وقوات الأمن. وقررت جبهة القوى الاشتراكية تحويل مسيرتها "الأمل الديموقراطي"، المقررة غداً الخميس، في اتجاه رئاسة الجمهورية. في غضون ذلك، لا تزال اجتماعات المجلس الأعلى للأمن متواصلة. ورجّح مصدر مطلع ل "الحياة" أن تُعلن قريباً حكومة وفاق وطني تضم شخصيات صاحبة تمثيل ليست حزبية بالضرورة. كذلك توقع تعيينات تطاول بعض المصالح الحيوية في أجهزة الأمن والإدارة العمومية. ولم تتوافر معلومات إضافية عن التغييرات المتوقعة، لكن صحيفة "لكسبرسيون"، القريبة من الرئاسة، تحدث أمس عن تغيير وشيك سيطاول "50 في المئة من تشكيلة الحكومة الحالية". ويرى بعض المصادر أن رئيس الجمهورية قد يعمد إلى تنفيذ مثل هذه التغييرات الواسعة في حال استمرار موجة العنف. وهو كان رهن إجراء أي تغيير في أجهزة الدولة بأحداث منطقة القبائل، وبما سيرد اليه من نتائج في تقارير تُعدها لجان تحقيق وطنية وبرلمانية في المواجهات. تخريب جامعة الجزائر وأفيد أن عشرات الطلاب الذين وفدوا من منطقة القبائل، مساء الإثنين، تمكنوا من حشد عدد كبير من زملائهم في بوزريعة جامعة الجزائر وبادروا إلى حرق المكتبة المركزية وحطّموا العديد من النوافذ والأبواب في الحرم الجامعي. وذكر شهود أن الطلاب حاولوا في البداية الخروج إلى وسط مدينة بوزريعة أعالي العاصمة لكن قوات الأمن أغلقت أبواب الجامعة في وجههم فعمدوا الى القيام بأعمال تخريب داخلها. وجُرح نحو 10 من قوات مكافحة الشغب واكثر من خمسين طالباً متعاطفاً مع المطالب البربرية. وكادت المواجهات بين الطلاب والأمن تخرج عن السيطرة لولا لجوء عميد جامعة الجزائر السيد عبدالقادر حجار إلى طلب قطع الكهرباء والغاز عن الحرم. وفشلت محاولة ثانية قام بها طلاب من جامعة تيزي وزو لنقل أحداث الشغب إلى وسط العاصمة، عندما حاولوا تنظيم مسيرة بعد تجمع عقده صحافيون في ساحة "حرية الصحافة" في الجزائر. وتمكنت قوات الأمن من تطويق المسيرة التي وصلت الى مجلس الأمة الغرفة الثانية للبرلمان. وفي سياق هذه التطورات، أعلنت النيابة العامة لمجلس قضاء ولايتي تيزي وزو وبجاية فتح تحقيقات قضائية في "وفيات مشبوهة" لما يزيد على ستين شخصاً خلال المواجهات التي تعرفها منطقة القبائل. وذكرت المصادر القضائية أن النيابة العامة تريد فتح تحقيق في أسباب الوفيات و"الشكاوى المرتبطة بهذه الأحداث". وأعلنت القيادة العامة للدرك الوطني التابعة لوزارة الدفاع أنها وضعت تحت تصرف القضاء ولجان التحقيق ما يزيد على 600 دركي تقرر إبعادهم من منطقة القبائل. وقالت ان خطوتها تأتي "إثر الأحداث المأسوية التي أحزنت ولايات القبائل والتي خلفت أثاراً جسدية ونفسية". وأوضح القائد العام للدرك في بيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، مساء الاثنين، "انه السلطات المكلفة بالتحقيق أُبلغت بتحويل هؤلاء المستخدمين إلى مكان آخر وأنهم يبقون تحت تصرفهم بالنسبة الى حاجيات التحريات الجارية. وأشار إلى أن الهدف الأساسي لهذه العملية هو "استعادة علاقة الثقة مع السكان". واعترفت قيادة الدرك بأن المناقلات الواسعة في صفوف عناصرها والتي طالت 636 دركياً حوّلوا الى مناطق أخرى "يمليها الحرص على التهدئة وتخفيف حدة الصدمة". وشملت المناقلات "قائدي مجموعة و13 قائد كتيبة و7 مساعدي قائد كتيبة و45 رئيس فرقة و43 مساعد رئيس فرقة و526 دركياً". رفض محاولات التهدئة لكن غالبية التنظيمات البربرية بدت رافضة خطوات الحكم لتهدئة الأوضاع بما في ذلك تحويل نقل قوات الدرك المتورطة في "القمع" إلى ولايات أخرى. وأبلغ ممثلو تجمعات محلية في منطقة القبائل هذا الرفض إلى رئيس الحكومة السيد علي بن فليس ومستشار رئيس الجمهورية السيد رشيد عيسات الذي يتولى تنسيق "خلية الأزمة" المتعلقة بأحداث القبائل في الرئاسة. مسيرة "القمصان البيضاء" ونظّم أطباء ولاية بجاية، أمس، مسيرة "القمصان البيضاء" في خطوة جديدة للاحتجاج على أسلوب إدارة الحكومة لما أصبح يسمى ب "انتفاضة منطقة القبائل". وكان محامو الولاية نظموا الأسبوع الماضي مسيرة تضامنية مع الشباب. ولوحظ ان المواجهات المستمرة أدت الى تنامي موجة النهب والسرقة ضد الممتلكات العمومية والخاصة بسبب انسحاب ممثلي الأجهزة الحكومية من مناطق القبائل. وأفاد شهود أن عشرات المواطنين الذين حاولوا الانتقال إلى مدن الشرق الجزائري أُوقفوا على حواجز نصبها الشباب البربري في بعض الطرق الوعرة التي عجزت قوات الأمن عن التحكم فيها. "الأمل الديموقراطي" إلى ذلك، رفض الأمين العام لجبهة القوى الاشتراكية السيد علي قربوعة اقتراحاً قدمه التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية وحزب العمال في شأن دعم مبادرة "الأمل الديموقراطي" من خلال تنظيم مسيرة وطنية غداً الخميس. وبررت جبهة القوى الاشتراكية التي يقودها السيد حسين آيت أحمد هذا الرفض إلى كونها وجدت نفسها وحيدة "منذ عشر سنوات" وهي اليوم تجد نفسها وحيدة في التعبير عن إرادة مناضليها من "دون تقديم عرض إلى أجهزة الحكم"، في إشارة غير مباشرة إلى تعاون حزب الدكتور سعيد سعدي تجمع الثقافة مع الدولة. أزمة في هرم الحكم وتعتقد مصادر مطلعة بان تصاعد المواجهات في منطقة القبائل ومطالبة بعض الصحف برحيل الرئيس بوتفليقة تشيران الى أزمة في قمة الحكم. وقالت ان بعض التصريحات الصادرة عن مسؤولين في قيادة الدرك الوطني تشير الى "ازدواجية" لدى الحكم في التعامل مع الأحداث. ولفتت الى ان تصريحات الدرك يعتبرها سكان القبائل "ترهيبية"، بينما يعتمد رئيس الجمهورية لغة "ترغيبية" إزاء مطالب سكان المنطقة. ولم تستبعد صحيفة "لكسبرسيون" أمس أن يسحب الرئيس بوتفليقة التعديلات الخاصة بقانون العقوبات بسبب تنامي موجة الرفض، إعلامياً وسياسياً. لكن مصادر سياسية أبلغت الى "الحياة" أنه "يصعب على الرئيس التراجع عن قانون بذل جهوداً كبيراً لإقراره" في البرلمان. على صعيد آخر، تحيي أوساط الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة هذه الأيام الذكرى العاشرة للمواجهات الدامية التي جرت نهاية ايار مايو 1991 بعد إعلان زعيم الجبهة السيد عباسي مدني "الإضراب السياسي" الذي انتهى بإعلان استقالة رئيس الحكومة السابق مولود حمروش وبدء حملة اعتقالات واسعة في صفوف القادة "الإنقاذيين".