} يعقد البرلمان الاندونيسي جلسة عاصفة اليوم ليقرر مصير أول رئيس منتخب ديموقراطياً في تاريخ البلاد، وسط إجراءات أمنية مكثفة وتهديدات بحمام دم، في حال تقرر المضي قدماً في إجراءات عزل عبدالرحمن وحيد. جاكرتا - رويترز - تدفق انصار الرئيس الاندونيسي عبدالرحمن وحيد على العاصمة جاكرتا أمس، وأشعل آلاف آخرون النار في كنيستين في جاوة الشرقية، عشية نقاش برلماني حاسم يحدد مستقبله السياسي. وفتشت الشرطة القطارات والحافلات التي تصل إلى العاصمة من مناطق يحظى وحيد بشعبية فيها، وصادرت مناجل وسكاكين ورماحاً وأسلحة اخرى. وأشعل خمسة آلاف من أنصاره النار في كنيستين في بلدة باسوروان في جاوة الشرقية مسقطه بعدما أبعدتهم قوات الأمن عن مبان حكومية كانوا يحاولون مهاجمتها. وأطلقت الشرطة طلقات تحذيرية لتفرقة الحشود التي ردت بإلقاء زجاجات حارقة، وأشعلت إطارات في الشوارع. وذكر شهود في العاصمة الاقليمية سورابايا ان الشرطة اطلقت ايضاً اعيرة نارية في الهواء لتفرقة ثلاثة آلاف من انصار الرئيس أثناء محاولتهم اقتحام البرلمان المحلي. وقال حاكم جاكرتا سوتيوسو إن الآلاف من رجال الامن يفرضون الأمن في المدينة قبل الجلسة البرلمانية اليوم التي تتزامن مع قمة لزعماء الدول النامية الخمس عشرة، تعقد على بعد أمتار من البرلمان. ونقلت صحيفة "جاكرتا بوست" اليومية عنه قوله: "على رغم التأهب، لا تزال جاكرتا آمنة". وسيشارك في القمة رؤساء ورؤساء حكومات ل19 دولة آسيوية وأفريقية وأميركية لاتينية. وبحلول الظهر، تجمع نحو ألفين من أنصار وحيد بعصي من الخيزران حول مزار مواجه لقصر الرئاسة في وسط العاصمة. وفتحت الشركات والمدارس في جاكرتا ابوابها كالمعتاد أمس، إلا أن الشرطة انتشرت في شكل متزايد في الشوارع وعند التقاطعات الرئيسة والمباني الرسمية. وثمة مخاطر من إمكان وقوع أعمال عنف أكثر دموية اذا طالب البرلمان اليوم بعقد جلسة خاصة لمجلس الشعب الاستشاري، اكبر هيئة تشريعية في البلاد، للبحث في إمكان مساءلة وحيد الذي تولى السلطة قبل 19 شهراً بسبب فضيحتين ماليتين ورد اسمه فيهما. ويقول محللون وسياسيون بارزون إن عقد مثل هذه الجلسة الخاصة أصبح امراً محتوماً لا يمكن وقفه. وكان وحيد أعطى أوامره، أول من أمس، لوزير الامن بتعزيز القانون والنظام. الا ان اعمال العنف التي نشبت حتى الآن لم يقم بها سوى انصاره. وتأهبت الشرطة في مختلف انحاء البلاد، وتلقت أوامر باتخاذ اجراءات صارمة ضد مثيري الشغب، وسلحت عناصرها بذخيرة حية. ونقلت "جاكرتا بوست" عن المفتش العام في شرطة جاكرتا سفيان جاكوب قوله: "اذا حاولوا اثارة توترات جماعية فسنضربهم". وقال وزير تنسيق الشؤون السياسية والامنية سوسيلو بامبانغ يودهويونو إن الرئيس الاندونيسي كان يعتزم تنفيذ تهديده بإعلان حال الطوارئ في كلمته الى الشعب التي اذاعها التلفزيون أول من أمس، لكنه تراجع بسبب المعارضة الشديدة التي واجهها من الجيش ومن وزرائه، ما أرغمه على التخلي عن هذه الفكرة وأصدر أمراً بفرض الامن والنظام. وكشف أنه اتخذ موقفاً صارماً من محاولة وحيد إعلان الطوارئ، قائلاً: "أنا وقائد الجيش ورئيس الشرطة قلنا بصوت واحد إننا لن نؤيد إصدار مرسوم لفرض حال الطوارئ، وسنرفضه علناً". ومنذ بدأت الازمة بين وحيد والبرلمان، حذر الجيش الرئيس من انه لن ينفذ حال الطوارئ، مؤيداً نائبته ميغاواتي سوكارنو بوتري. وستمنح الطوارئ الشرطة سلطات واسعة، وتمكن وحيد من حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات لتفادي مساءلة قد تؤدي إلى إقالته. وقرر مسؤولون من الحزب الديموقراطي الاندونيسي الذي تترأسه ميغاواتي، وهو أكبر الاحزاب الاندونيسية، في اجتماع عقد أمس التصويت لمصلحة عقد جلسة خاصة للهيئة الاستشارية. وقال زعيمه في البرلمان عارفين بانيجورو للصحافيين بعد الاجتماع الذي ترأسته ميغاواتي: "هذا هو اتجاه الحزب". وفي محاولة لانقاذ نفسه، عرض وحيد الاسبوع الماضي على ميغاواتي رئاسة الحكومة، الا ان مستشاريها قالوا إنها رفضت الاجراء. وقد تكون الورقة الاخيرة التي لا تزال في يد وحيد تهديد الملايين من انصاره، بأعمال عنف، خصوصاً في جاوة الشرقية حيث شكل آلاف من المتعصبين بينهم فرق انتحارية، وتدربوا على الفنون القتالية في معسكرات سرية في حقول الرز وقصب السكر. وقالت "جاكرتا بوست" إن وحيد قد يستخدم العنف الذي يقوم به انصاره سلاحاً للتعلق بالسلطة. وأضافت في مقال افتتاحي: "لم يقم الرئيس او أي من وزرائه بإدانة اعمالهم انصار وحيد ما يعطي انطباعاً قوياً بأنهم جزء من خطة الرئيس للبقاء في السلطة". وأدت الازمة السياسية المستمرة الى التأثير سلباً في الروبية العملة الأندونيسية التي سجلت أدنى مستوياتها منذ شهر بعد قلق من إعلان حال الطوارئ.