سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فشل مشروع الزراعات البديلة ... وتحميل الدولة والأمم المتحدة مسؤولية الاخلال بوعود التمويل . الجوع يدفع الى "الممنوع"... والمخدرات تعود الى البقاع اللبناني ؟
} هل عادت زراعة المخدرات الى البقاع اللبناني؟ سؤال يتصدر واجهة الاحداث في المنطقة، بعدما دفع الفقر المدقع الذي حل بالمنطقة، بعد تسع سنوات على وقف الزراعات الممنوعة، وفشل مشروع التنمية الريفية المتكاملة في ايجاد البديل، بعض المزارعين الى معاودة زرع نباتات مخدرة. وشاهدت "الحياة" ميدانياً مساحات مزروعة بالحشيشة في جرود بعلبك - الهرمل. وفي وقت يقر مدير برنامج التنمية الريفية محمد ناصر الفرجاني بفشل الحل البديل الذي قدمه برنامج الأممالمتحدة الانساني حمّل وزير الزراعة اللبناني علي عبدالله المسؤولية للدول المانحة التي لم تفِ بوعودها المالية. وحذر من "ان عدم استكمال المشروع سيجعل الوضع صعباً". تبدو سهول البقاع - الهرمل اليوم اشبه بنار تحت الرماد تتغذى من تململ الاهالي وسوء اوضاعهم الاقتصادية نتيجة فشل سياسة الدولة في ايجاد بدائل من زراعة المخدرات التي كانت تعتاش منها المنطقة. فرحلة الألف ميل دفنت في مهدها. وعاش المزارعون حالاً من الترقب امتدت اعواماً طويلة، وسمعوا عن اموال ومساعدات لم يروا منها الا الجزء اليسير، في حين بقيت المشاريع الانمائية حبراً على ورق، فكان لا بد من ان يبحثوا عن الحل على طريقتهم. منهم من نزح في اتجاه العاصمة وأقام في احزمة البؤس الملتفة حولها، ومنهم من سعى الى ايجاد زراعات جديدة فاصطدم بكساد البضائع وانخفاض الاسعار بسبب المضاربة الناتجة من التهريب من سورية. فكانت العودة الى زراعة المخدرات تتربص بهم عند مفترق كل طريق يسلكونها. وعلى رغم ان الحديث عن الزراعات الممنوعة، غالباً ما يثار في شهر نيسان ابريل موعد نثر البذور في الارض، فإن الواقع يبدو مختلفاً هذه السنة، خصوصاً ان المزارعين انفسهم اعلنوا انهم سيعودون الى زراعة المخدرات بعدما فشلت كل مشاريع الزراعات البديلة، علماً ان مكافحة هذه الآفة بدأت عام 1992 بالتعاون مع القوات السورية، وانجزت في سرعة قياسية. قرار العودة الى زراعة الممنوعات اتخذ. وهذا ما اكده المزارعون في جولة ميدانية شملت قرى وبلدات من مثل ايعات ودير الاحمر واليمونة والمنصورة وزغرين ومرجحين والقصر. وثمة من عاد الى هذه الزراعة العام الماضي في الجرود العالية التي لا يمكن الوصول اليها الا على الدواب. ولم يمانع احد المزارعين من آل علوّه في مرافقة "الحياة" له كليومترات عدة سيراً في الجرود الوعرة حيث رأينا بعض الحقول مزوعة بنبتة الحشيشة. ولعل المنشورات التحذيرية التي القتها قوى الأمن الداخلي فوق قرى بعلبك والهرمل، من المروحيات، خير دليل الى ان زراعة الممنوعات لم تعد مجرد تخمين، بل هي واقع بدأت ترتسم معالمه الاولى، على ان تتضح الصورة في شكلها النهائي في ايلول سبتمبر المقبل، موعد الجنى. العودة الى الممنوع "البديل من الجوع هو العودة الى الممنوع. ولن ارضى بعد اليوم ان ينام اولادي من دون عشاء". بهذه العبارات التي لا تخلو من الانفعال والحسرة اختصر المزارع ح. ش الذي رفض ذكر اسمه خوفاً من الملاحقة، الأسباب التي تدفعه الى زراعة المخدرات مجدداً. اما الحديث عن زراعات بديلة فهو اكثر ما يثيره، ويتساءل: "ماذا ازرع؟ حدودنا مفتوحة للتهريب، وكلفة الانتاج عالية، والدولة لا تلتفت الينا". انقلبت حياة ح. ش رأساً على عقب مذ انقطع عن زراعة المخدرات عام 1992. فأولاده تركوا المدرسة بعدما صرف كل مدخراته وساءت احواله المادية، جراء خساراته المتتالية في محاولات يائسة قام بها لزرع انواع جديدة من الفاكهة والخضر، وكانت النتيجة كساد البضاعة بسبب التهريب والمنافسة. تبلورت فكرة القضاء على زراعة المخدرات، مطلع التسعينات، بعدما اتخذ القرار محلياً واقليمياً ودولياً بمحاربة هذه الآفة. وعقدت لهذه الغاية اجتماعات ولقاءات اثمرت قراراً بالمكافحة الشاملة في ايار مايو 1991 بناء على رغبة الأممالمتحدة. وفي تشرين الاول اكتوبر 1992، عقد اجتماع في فيينا حضره 90 مندوباً من الهيئة الدولية اتفقوا خلاله على وضع برنامج انمائي لمنطقة بعلبك - الهرمل لمساعدة الاهالي في اللجوء الى الزراعات البديلة. فولد برنامج الأممالمتحدة للتنمية الريفية المتكاملة بموازنة قيمتها اربعة ملايين ونصف مليون دولار اميركي. الا ان انطلاقة المشروع تأخرت حتى منتصف 1994، ما حرم هذه المنطقة التي تشكل 28 في المئة من مساحة لبنان اهم مصدر لدخلها طوال هذه المدة. لم يحقق المشروع المؤلف من ثلاث مراحل اهدافه. واقتصرت انجازاته على اتمام المرحلة الاولى فقط، بسبب غياب التمويل الذي لم يُلبِ اكثر من 7 في المئة، من الحاجات التنموية وفق ما اكد مدير البرنامج محمد ناصر الفرجاني. وأشار الى ان الاهمال والتهميش المزمن اللذين عانتهما المنطقة، فضلاً عن فقدانها المفاجئ مورداً اقتصادياً مهماً، يجعل الحاجة ملحة لتمويل يستمر مدى السنوات العشر المقبلة، لا تقل قيمته عن 300 مليون دولار، على ان تبلغ قيمة الأموال المطلوبة في السنوات الخمس الاولى 117 مليون دولار. ووعد رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، الفرجاني برصد المبلغ ابتداء من موازنة العام 2001 ولمدة خمس سنوات. ولا يزال الوعد ينتظر التنفيذ. وأكد الفرجاني ان "العودة الى الزراعات الممنوعة باتت حتمية في ظل غياب موارد الرزق البديلة. هذا ما ذكرناه في كل التقارير التي رفعناها الى الجهات المعنية". وطلب من مكتب الاممالمتحدة في جنيف نقله الى العمل في مشروع آخر خارج لبنان، معتبراً ان "البرنامج في حاله الراهنة لا يحتاج الى مدير متفرغ". انعدام الثقة فقد المزارعون ثقتهم ببرنامج التنمية الريفية بعدما املوا بأنه قد يشكل خشبة الخلاص. ولأن حاجات المزارعين ومتطلباتهم كانت طموحة وملحة في آن، بدءاً بتأمين مصادر رزق بديلة، مروراً بالارشاد الزراعي وتخفيف كلفة الانتاج وتزويد المزارعين الاسمدة والأدوية، وصولاً الى حماية المنتوجات اللبنانية من المنافسة وتأمين تصريفها، فإن الخيبة جاءت كبيرة جداً. وما زاد الطين بلة قروض المزارعين التي لحظها البرنامج في مرحلته الاولى، لأن قيمتها كانت متواضعة جداً، وراوحت بين 700 و2000 دولار في احسن الاحوال بفائدة 12 في المئة سنوياً، على ان يبدأ سداد القرض بعد ثلاثة اشهر من استدانته، علماً ان زرع الارض وجني المحاصيل وبيعها تحتاج الى مدة اطول من ذلك بكثير. ويشير مصطفى ابو اسبر، رئيس قسم الاعلام في برنامج التنمية الريفية، الى ان حجم التسليفات بلغ مليوناً و450 ألف دولار اميركي، افاد منها 2250 مزارعاً، وتم استرداد نحو 70 في المئة من قيمتها. الا ان المستفيدين لم يستخدموا هذه الاموال في الزراعة، بل ذهبت تلبية لحاجات خاصة نتيجة الحرمان الذي كانوا يعانونه. ولا شك في ان عدد المستفيدين من هذه القروض ضئيل جداً، مقارنة بحجم الاشخاص الذين كانوا يفيدون من زراعة المخدرات ويبلغ عددهم نحو 54 ألف شخص، وفق ما أكد وزير الزراعة السابق شوقي فاخوري في كلمة ألقاها في افتتاح مؤتمر الدول المانحة في باريس عام 1995. والشكوى من ندرة الأموال سمعناها في غير بلدة بقاعية حيث حمّل المزارعون الدولة اللبنانيةوالأممالمتحدة والمسؤولين في برنامج التنمية الريفية مسؤولية تدهور اوضاعهم الاقتصادية. ويقول المزارع أ. ت الحاج حسين من بلدة المنصورة: "لم تصل الينا خيرات ناصر الفرجاني الذي اعطى تسليفات لبعض المزارعين حملت صفة الدين الممتاز بشروط صعبة اقتضت احياناً رهن الارض او وجود كفيلين". ويشكو المزارع م. قطايا من بلدة القصر الحدودية العزلة التي تعيشها البلدة، فيقول: "كأننا نعيش في جزيرة، ولا نعرف هل نحن فعلاً في لبنان. فالخير اللبناني لم يمر مرة واحدة في مناطقنا، ونحن لا نتوقع اصلاً ان يعرف طريق الوصول الينا". ويأتي كلام ادمون جريصاتي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في البقاع، ليدعم كلام المزارعين وشكواهم، فيؤكد ان الغرفة عملت اكثر من برنامج التنمية الريفية والولايات المتحدة والدول المانحة ولم يحصل الأهالي على ما توقعوه من الزراعات البديلة. بدا الالتباس واضحاً عند الاهالي في شأن ماهية مشروع التنمية الريفية. اذ ان الفكرة السائدة لديهم ان المشروع سيجترح المعجزات، فيولّد مشاريع انتاجية ويؤمن زراعات تحقق لهم دخلاً مقبولاً. الا ان الفرجاني يدحض هذه الافكار ويؤكد ان "هدف التنمية الريفية هو دعم الانماء في المناطق. ولم يكن وارداً على الاطلاق تأمين زراعات بديلة، اذ لا توجد بكل بساطة، زراعة تضاهي بمردودها المالي زراعة المخدرات". مشاريع خاصة لم يكن مشروع التنمية الريفية البرنامج الوحيد الذي انطلق في منطقة بعلبك - الهرمل. فثمة مشاريع اخرى خاصة في طابعها سعت الى استخدام زراعات جديدة في المنطقة منها مشروع زراعة الكرمة الذي جاء ثمرة تعاون بين غرفة زحلة والبقاع ومقاطعة اللوار في فرنسا. ويكشف هذا المشروع الذي يهدف الى زراعة الكرمة وصناعة النبيذ وجود تنافس اميركي - اوروبي خفي لبسط النفوذ على المنطقة من خلال الامساك باقتصاد اهلها. ولعل هذا ما يبرر امتناع بعض الدول المانحة عن تمويل مشروع الأممالمتحدة، كما فعلت فرنسا مثلاً. وتظهر التصريحات الصادرة من الطرفين في تناقضها حقيقة هذا التنافس. فيقول الفرجاني: "اننا نتعاون مع كل المشاريع في شكل متوازن، ونشارك في تمويلها، خصوصاً انها تصب جميعاً في رفد عملية التنمية، وهي مكملة لبرنامجنا". اما الخبير الفرنسي سيرج كرمنتران المسؤول عن مشروع زراعة الكرمة، فينتقد برنامج الأممالمتحدة مستشهداً بالمثل الصيني "بدلاً من ان تطعم اولادك سمكاً، علمهم كيف يصطادونه". ويعتبر كرمنتران ان الثغرة الاساسية في برنامج الأممالمتحدة، تبرز في اعطاء المزارعين اموالاً من دون ان يحددوا لهم وجهة صرفها. والمال الذي يأتي سريعاً يذهب سريعاً! في حين سعى المشروع الفرنسي الى ايجاد حوافز لدى المزارعين، وطلب منهم ان يؤمنوا المال ليجهزوا أرضهم ويصلحونها، حتى يحصلوا على شتول الكرمة. الا ان عدد المشاركين في المشروع تقلص من 430 عائلة الى 23 فقط، لأن المزارعين لا يملكون المال اصلاً. تجربة واعدة تعتبر زراعة القطن التي يعمل عليها النائب السابق يحيى شمص من التجارب الواعدة، على رغم ان الفرجاني وكرمنتران يعتبرانها زراعة فاشلة وتحتاج الى كميات هائلة من المياه. ويعكس هذان الرأيان وجهاً آخر من وجوه التنافس بين المشاريع المتنوعة في المنطقة. فشمص اكد ان تجربته حققت نجاحاً ملحوظاً. وأشار نائب رئىس الابحاث الزراعية في لبنان ميشال افرام الى ان القطن من اهم الزراعات التي تتماشى وطبيعة المنطقة، مستشهداً بالتجربة الناجحة في حمص وحلب السوريتين حيث لا تتجاوز كمية الامطار 200 ملم سنوياً. انطلق مشروع شمص عام 1998 على 5 دونمات يساوي الدونم ألف متر وزادت مساحته 45 دونماً عام 1999، لتبلغ 4200، العام الماضي. ويحقق كل دونم نحو 300 دولار اميركي سنوياً ربحاً صافياً، علماً ان كلفته لا تتجاوز المئتي دولار. ويؤكد شمص ان جودة القطن الذي ينتجه توازي جودة القطن المصري الى حد بعيد، ما يتيح له تصريف انتاجه في اوروبا، خصوصاً انه حصل على شهادة في الجودة من "الاسكوا" ومختبرات بروكسيل. ويدحض شمص كل الادعاءات ان القطن يحتاج الى كمية هائلة من المياه فيؤكد ان تقنية الري بالتنقيط تحل الازمة، خصوصاً ان القطن يحتاج الى نصف كمية المياه التي تحتاج اليها الزراعات الاخرى، كمثل البطاطا. ويعتبر شمص ان زراعة القطن، في حال دعمتها الدولة اللبنانية، تؤمن 50 ألف وظيفة، ودخلاً سنوياً يبلغ نحو 200 مليون دولار من 30 ألف دونم، ما يعني ان زراعة القطن لا تحل ازمة بعلبك - الهرمل بل تشكل داعماً رئيسياً للاقتصاد اللبناني. زراعة سهلة ومربحة وفي ظل فشل معظم المشاريع البديلة في المنطقة نتيجة ندرة الاموال وغياب التمويل، قرر المزارعون العودة الى زراعة المخدرات، خصوصاً انها زراعة سهلة ومربحة في آن. وهذا ما جعلهم يلجأون اليها مطلع القرن الماضي. وهكذا بدأت زراعة القنب الهندي، مطلع الثلاثينات بعدما كانت سهول بعلبك - الهرمل تعرف ب"اهراءات روما" لأن انتاجها من القمح كان يكفي الامبراطورية الرومانية. وقدرت المساحات المزروعة بالقنب بما بين 11 ألف دونم و16 ألفاً، في اعوام ازدهارها في الثمانينات. وكانت تنتج ما يقارب الألف طن من الحشيشة. اما خشخاش الأفيون فكان يغطي ما بين 3500 دونم وخمسة آلاف، كانت تنتج نحو 40 طناً من الخشخاش اي ما يعادل ما بين ثلاثة اطنان وخمسة من الهيرويين المكرر. مجلة الأمن - آب 1995. عاد المزارعون اليوم الى زراعة المخدرات. ولم تكن مسألة تأمين البذور صعبة كما يقول ابو ياسر ناصر الدين، مشيراً الى ان ثمة من لا يزال يحتفظ بهذا "الرأسمال". والمفارقة، ان المزارعين لا يخشون القوى الأمنية التي يتجول رجالها بينهم بلباس مدني ليتحروا عن المخالفين وفق ما يجمع عليه المزارعون الذين يدافعون عن عودتهم الى زراعة المخدرات بشراسة. وتشكل رواية احد المزارعين من آل علوه نموذجاً لما عاناه المزارعون بعد مكافحة المخدرات في المنطقة، اذ يقول: "زرعت الحقول فولاً وحمصاً وبازلاء، الا ان ثمن هذه المزروعات زهيد جداً بسبب المنافسة وكساد البضائع. لذا، لم استطع ان ابيع كيلو الفول بأكثر من مئتي ليرة لبنانية، ما يعني ان مدخولي لن يتجاوز في احسن الاحوال الثلاثمئة ألف ليرة. ولكن حين كنت ازرع الحشيشة على مساحة الارض اياها 30 دونماً كنت احصد تسعين قنطاراً، يبلغ ثمن الواحد منها 450 ألف ليرة لبنانية. اما اذا صنعنا الحشيشة، فنحصل من الدونم الواحد على 10 كيلوغرامات من البودرة البيضاء التي يبلغ سعر الكيلو منها مليوناً ونصف مليون ليرة. فأي زراعة سيختار البقاعيون، وبالقوة هذه المرة؟". تلك هي المعادلة الحسابية التي سمعناها في معظم قرى بعلبك والهرمل مع بعض الفروقات في الأرقام التي لا تغير شيئاً في النتيجة النهائية، اي العودة الى الزراعات الممنوعة. ويصبح الأمر اكثر سوءاً والقرار اكثر حزماً، حين لا تقتصر اضرار الزراعات الجديدة او البديلة على مردود ضئيل، بل تتسبب بخسائر فادحة. هذا ما حصل للمزارع ابو كامل الحاج حسن من الهرمل الذي يقول: "زرعت الحبوب في العامين الماضيين على مساحة 50 دونماً وخسرت اكثر من 15 مليون ليرة كنت استدنتها من احد الاشخاص. في حين انني كنت اجني هذه القيمة من الأموال وأحياناً اكثر منها حين كنت ازرع الحشيشة". لا شك في ان الدولة اللبنانية تتحمل مسؤولية الثغر التي شابت مشروع مكافحة زراعة المخدرات، اذ انها استعجلت انهاء الموضوع قبل الحصول على الأموال، في حين ان مكافحة هذه الآفة في تركيا استغرقت اثني عشر عاماً، تولت خلالها الأممالمتحدة دعم كل طن تصدره تركيا من زراعاتها البديلة ب80 دولاراً. ويعترف وزير الزراعة علي عبدالله بهذا الواقع محملاً الدول المانحة مسؤولية موازية في افشال المشروع، جراء عدم التزامها وعودها المالية. ويرى في موقفها هذا دفعاً للمنطقة نحو ازمة اقتصادية شديدة تنذر بحلول كارثة، وكأنهم يقولون للمزارعين عودوا الى زراعة المخدرات. وأكد عبدالله الذي لم ينكر عودة زراعة المخدرات، وان في شكل محدود، ان الموضوع، في حال عدم تداركه سريعاً واقرار مبلغ ال117 مليون لتنفيذ المرحلة الثالثة من مشروع الأممالمتحدة، سيكون صعباً جداً في المنطقة. أُعد هذا التحقيق كجزء من دورة في الصحافة الاستقصائية عقدت في بيروت في آذار مارس ونيسان ابريل باشراف المركز الدولي للصحافيين في واشنطن. وشاركت فيه الزميلة جنى نصرالله من "النهار" والزميل مصطفى عاصي من "الكفاح العربي".