سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" تروي ملابسات مقتل المهاجرين الأحد عشر بعد اغتيال رئيس الكونغو السابق . اللبنانيون الضحايا في كينشاسا خليط من صغار الموظفين والتجار وبعضهم من أقرباء أثرياء كان يحمي أعمالهم محظيون ونافذون محليون 1 من 2
بعد ساعات على اغتيال لوران - ديزيريه كابيلا، رئيس جمهورية الكونغو الديموقراطية، اقتادت قوة من الجيش الكونغولي بعض اللبنانيين المهاجرين الى الكونغو والمقيمين في العاصمة كينشاسا، وقتلتهم. والثابت أن هذه القوة كانت تأتمر بأمر قائد حامية كينشاسا، الجنرال ياف، أحد المقربين من الرئيس السابق، وأحد الموقوفين اليوم على ذمة التحقيق في الاغتيال مع مقرِّب آخر هو "الكولونيل" إيدي كابيند. وربطت الجنرال ياف و"الكولونيل" كابيند ببعض اللبنانيين الأثرياء، العاملين في الكونغو أو زائير، الى حين إخراج موبوتو في أيار/ مايو 1997، روابط سداها ولحمتها المشاركة في بعض الأعمال. وطاولت الأعمال هذه طباعة العملة والاتجار بصرفها، والنقد الأجنبي، وبيع الماس، والمناقصات العامة... وتولى متمولون لبنانيون وأوروبيون، الأعمال من وسطاء وعاملين ومنفذين لبنانيين منتشرين في مدن الكونغو، على ضفتي النهر، وفي "بره" أو بلداته الداخلية. وأدى تشابك هذه العلاقات، وحمايتها بواسطة نفوذ النافذين، وذلك في وقت "انقلاب الدول"، الى انكشاف أعمال غير معلنة بين متمولين لبنانيين متنافسين وبين بعض المحظيين الخائفين على حظوتهم من الأفول. ولما كان المهاجرون اللبنانيون الى الكونغوزائير عموماً، وبعض كبار متموليهم خصوصاً، غرضاً سهلاً للضغائن المحلية، انتهز المحظيون هؤلاء فرصة الاضطراب الذي مرت به البلاد يوم مقتل رئيسها "الشرعي". فسددوا حساباتهم العالقة مع بعض شركائهم اللبنانيين المتهمين بالإخلال بشروط "عقد" ضمني، وقتلوا من قدروا على قتله محل من لم يقدروا عليه. وحسبوا، على الأرجح، ان تعرضهم للبنانيين بالقتل يلقى ترحيباً شعبياً عاماً، ويثأر للأهالي من "فساد" اللبنانيين عموماً وثرائهم ثراء بعضهم الباذخ. وفي سبيل جلاء هذه الحادثة الغامضة استقت "الحياة" الرواية التي تنشرها من مصادر متفرقة في عواصم عربية، مثل القاهرة والخرطوم وبيروت، وأوروبية، مثل باريس وبروكسيل ولندن، وافريقية، مثل كينشاسا وبرازافيل ولواندا. وهي لا تزعم جلاء ملابسات الحادثة المأسوية كلها. وهذا واضح في بعض حلقات الرواية التي تتناول الاعتقال، ثم الاقتياد الى مكان مجهول، فالقتل. ولكن ما أمكن جمعه يستحق النشر. } لندن - "الحياة" - كيف جرى اعتقال اللبنانيين الأحد عشر قبل اقتيادهم الى حيث قتلوا؟ بعد اغتيال الرئيس الكونغولي لوران - ديزيريه كابيلا في السادس عشر من كانون الثاني يناير عام 2001، ونحو الساعة التاسعة من مساء ذلك اليوم، طوقت مجموعة مسلحة من رجال جنرالات حامية كينشاسا العسكرية مبنى يسكنه عدد من اللبنانيين قرب مستشفى ماماييمو، في كينشاسا، وأخرجتهم من بيوتهم بحثاً عن شخص يُدعى عبده، وهو لبناني من بنت جبيل واسمه الكامل عبده حسن بزي. ولكن المجموعة المسلحة لم تعثر علىه في المبنى الذي يستأجر فيه شقة صغيرة، ولا في أهل المبنى الذين أخرجتهم من بيوتهم. فسألوا عنه الحارس، وهو مواطن كونغولي، فدلَّهم على صهر عبدو، عباس ابراهيم، فأمسكوا بهذا الأخير وطلبوا منه ان يدلهم على مكان صهره. فقادهم الى "بناية زيكا" في شارع تومَبْلباي على بعد نحو ألف متر، حيث كان عبدو حسن بزي في زيارة لبعض اصحابه. مداهمة "بناية زيكا" وعند مداهمة "بناية زيكا" كان في الطبقة الأولى منها محمد حراجلي في الشقة الأولى، ومحمد سليمان في الشقة الثانية، ورضا زيدان في الشقة الثالثة. أما في الطبقة الثانية فكان مروان الحكيم، ويحمل جنسية اميركية، في الشقة الأولى، ومحمد نبُّوه وزوجته، في الشقة الثانية، ومحمد علي خزعل خنافر وزوجته وابنته منى وولداه حسن وحسين، وزوجة هيثم اللقيس وطفلاها، ويوسف عبدالكريم بكري وزوجته، ومحمد وأخوه حسان مغنية، في الشقة الثالثة. وفي الطبقة الثالثة كان محمود خزعل وزوجته وأولادهما، وزوجة أخيه، ليلى خزعل وابنتها فاطمة خزعل، المتزوجة من حسين حراجلي، وابنة اخيه وفاء، وابن أخيه ابراهيم محمد خزعل المعروف بعبدو. وهؤلاء كانوا في الشقة الأولى. وفي الشقة الثانية كان نبيه نصر الله، وأخوه رضا نصر الله وزوجته وأولادهما. وفي الثالثة علي عبد علي ابراهيم، ويوسف عبد علي ابراهيم، وحسن حيدر ابراهيم. وفي الشقة الرابعة عادل عاشور وزوجته وأولادهما. وفي أثناء انتقال القوة العسكرية الى "بناية زيكا" كانت ميرفت، أخت عبدو حسن بزي، اتصلت به بواسطة الهاتف النقال، وأخبرته أن الجنود يبحثون عنه. فخرج عبدو مسرعاً من بيت محمد ابراهيم خزعل في الطبقة الثالثة من المبنى ونزل الى بيت محمد علي خزعل خنافر، ودق الباب، ففتحت له زهرة خزعل، زوجة محمد علي، فقال لها: "انهم يطلبون رأسي ويبحثون عني". وخرج يوسف بكري وحسن خزعل ومحمد وحسان مغنية الى "سفرة" الدرج، وسألوا عبدو عما يجري. ونزل كذلك ابراهيم خزعل مستفسراً. وفي الأثناء كان الجنود وصلوا الى سفرة الدرج في الطبقة الثانية، يسوقون أمامهم دليلاً عباس ابراهيم. وأشار هذا الى عبدو. فهجم عليه اثنان من الجنود وضرباه بعقبي بندقيتيهما. وعندما طلب يوسف بكري الى أحد الجنود أن يهدأ، ضربه الجندي بعقب بندقيته على عينه، وتابع ضرب عبدو. عندها صرخت زوجة يوسف بكري صوتاً اهتز له المبنى. فخرج أهل المبنى في الطبقة الثالثة من شققهم. ونزل نبيه نصر الله الدرج، ولحق به يوسف ابراهيم وعادل عاشور، وطلب نبيه نصر الله من الجنود إبراز أمر المهمة. فأراه أحد الجنود "الكلبجة" القيد وقال: "هذا هو أمر المهمة". فعاد نبيه الى بيته. وكان سبقه علي ابراهيم وعادل عاشور، بعد ان صفعهما أحد الجنود. ولحق بهم عباس ابراهيم، ودخل بيتَ علي ابراهيم. وأغلقوا كلهم أبواب شققهم في الطبقة الثالثة عليهم. ودخل الجنود بيت محمد علي خزعل الذي كان يحتسي الشاي في حجرة استقبال بيته، بينما ابنه حسين يُتم صلاته. وفتش الجنود البيت، واستولوا على ما وجدوه فيه من ساعات ومال وأجهزة هاتف نقالة. ولم يكن التفتيش دقيقاً. ثم اقتادوا الرجال وأنزلوهم الدرج. ولم يتعرضوا لأحد بالضرب، باستثناء عبدو حسن بزي ومحمد مغنية المعروف باسم "مومو". وكانوا تركوا محمد علي خنافر لكبر سنه ومرضه. ولكن جندياً منهم طلب منه أن يأتي معهم. وعندما وصلوا الى خارج المبنى، عاد جنديان منهم الى الطبقة الثالثة، ودق أحدهما باب نبيه نصر الله دقاً خفيفاً، وصبر الاثنان نصف دقيقة ثم نزلا الدرج حتى سفرة الطبقة الثالثة. وعندما فتح نبيه نصر الله الباب رجع الجنديان، وطلبا منه ومن أخيه رضا مرافقتهما الى مدخل البناية بعد أن فتشا البيت. فأصبح عدد الموقوفين عشرة، جُمعوا أمام البناية صفاً واحداً. وبعد عشر دقائق رجع بعض الجند الى الطبقة الثانية ودقوا بابَ مروان الحكيم للمرة الثالثة، فلم يفتح لهم. فدقوا باب شقة محمد نَبّوه، ففتح لهم واقتادوه. وفي تمام الساعة الحادية عشرة مساءً ساقوا الأحد عشر لبنانياً - وهم 1 محمد علي خزعل وابناه 2 حسن و3 حسين خزعل، و4 عبدو حسن بزي، و5 يوسف بكري، و6 محمد و7 أخوه حسان مغنية، و8 نبيه و9 أخوه رضا نصر الله، و10 محمد نَبّوه، و11 ابرهيم محمد خزعل - في شاحنة عسكرية وتركوا المنطقة. وبعد شهر على توقيفهم وتصفيتهم، أعلنت الحكومة الكونغولية رسمياً مقتلهم، وقد عُثِرَ على جثث عشرة منهم في قبر جماعي في كمب كاووكا القريب من مطار كينشاسا. أما الضحية الحادية عشرة عبدو بزي فلم يُعْثَر لها على أثر حتى الآن. وفي الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل دق أربعة جنود باب محمد علي خزعل خنافر فأجابتهم زوجته بأن المفتاح مع الجنود وليس معها، ففتحوا الباب ودخلوا ثم أقفلوه وراءهم، ووضع أحدهم المفتاح في جيبه. فخافت النساء الأربع. ودُقَّ الباب مرة ثانية فقالت زوجة محمد علي أن من يدق هو اريك. فسألها جندي: من إريك هذا؟ فأجابته إنه واحد مثلكم. ففتحوا الباب ودخل اريك ومعه خمسة جنود شاهرين أسلحتهم، وطلب من الجنود الذين سبقوه إلقاء السلاح. فألقوه. فسألهم عن امر المهمة، فطلبوا منه أن يتحدث مع "الجنرال" بواسطة الهاتف النقال. فتكلم إريك مع أحد جنرالات الحامية، وبعد انتهاء المكالمة قال لهم: فتشوا البيت ولا تتعرضوا للنساء، أنا أنتظركم خارج المبنى. فدخل أحد الجنود غرفة النوم، ووجد حقيبة يد نسائية، ففتحها ورأى فيها ثمانين دولاراً. فسأل منى خزعل: لمن هذا المال؟ فأجابته: إنه لك. فوضعه في جيبه، وسألها عما إذا كانت تريد إرسال شيء للموقوفين. فأعطته دواء لأبيها، وقنينتي ماء. وكتبت وريقة إلى الموقوفين لطمأنتهم، فخرج الجنود وتركوا المفتاح. وفي الصباح جاء أهل البناية، ورافقوا النساء الى فندق "مملينك". ومن الفندق اتصل الشيخ حسن المهدي، إمام مسجد الرسول الأعظم في كينشاسا، بالسفارة الإيرانية. وظهراً نقلت النساء الى السفارة. القَتَلة والمقتولون والمتهمان في الحادثة من كبار العسكريين الكونغوليين هما: 1- الكولونيل إ. ك وهو كان اليد اليمنى للرئيس كابيلا الأب، ومدير غرفته. وهو الذي أعلن حال الطوارئ في الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، وطلب من القوات المسلحة الانضباط، وتربطه علاقة حميمة ببعض اللبنانيين المقيمين ورتبة كولونيل هي منحة من لوران كابيلا ولا تدل على رتبة عسكرية. وكان الكولونيل يحظى بدعم القوات الأنغولية المرابطة في كينشاسا منذ الحرب الإقليمية التي أدت الى عزل موبوتو. وفي 19 شباط فبراير 2001 أمر الرئيس الجديد بتوقيف مدير غرفة والده، بعد ان كان عزله في وقت أول. وينتظر "الكولونيل" محاكمته بتهمة الضلوع في اغتيال الرئيس السابق. 2- الجنرال ي، قائد حامية كينشاسا. وهو معروف بعلاقاته الحميمة بالأجانب من رجال الأعمال وبعدد من اللبنانيين. وثمن هذه العلاقة "هدايا" نقدية وعينية له ولأقربائه مقابل حمايتهم من التعدي عليهم ومن مطامع مراكز القوى الأخرى. ويحظى الجنرال بدعم القوات الزيمبابوية التي دخلت الكونغو بذريعة الحرب نفسها. أما اللبنانيون الذين اقتيدوا الى مكان مجهول قبل أن يقتلوا، فهم: 1- عبدو حسن بزي، عمره 21 عاماً، سافر الى زائير عام 1994، وعمل في محل لبيع المواد الغذائية عند احد التجار اللبنانيين. وعرف بزي بتهوره وادعائه معرفة الكبار، وخصوصاً "الكولونيل". وأخلص عبدو لعمله. فكان يمضي فيه وقته من الثامنة صباحاً إلى السادسة مساء، وفي أحيان كثيرة الى التاسعة ليلاً. 2- ابراهيم محمد خزعل، وهو من مواليد كينشاسا، عمره 21 عاماً، حضر الى لبنان عام 1998، وأدى فيه خدمته العسكرية، ورجع الى كينشاسا في 8/11/1999. ووجد عملاً في أيار مايو عام 2000. 3- محمد علي خزعل خنافر، متزوج من زهرة خزعل وعمره سبعة وخمسون عاماً. سافر الى زائير في 1976، وفتح محلاً هناك، وربى أولاده وعلمهم في المدرسة العربية في كينشاسا. وجاء الى لبنان في 1991، حين تعرضت كينشاسا للسلب والنهب. وبقيت امرأته هناك، ولحق بها مع أولاده بعدما استقرت الأمور، ثم رجع الى لبنان للطبابة. وعاد في 1998 إلى الكونغو واستقر هناك الى حين مقتله. وكان يشكو مرضاً مزمناً أقعده تقريباً، فكان لا يخرج من بيته. 4- حسين محمد علي خزعل خنافر، أحد توأمين، عمره عشرون عاماً، من مواليد كينشاسا. جاء مع والده الى لبنان أواخر 1991، ثم رجع الى كينشاسا بعد ثلاثة أشهر، وأكمل تعليمه هناك في مدرسة كينشاسا العربية، وفي شهر آب اغسطس 2000 عَمِلَ حتى مقتله. 5- حسن محمد علي خزعل خنافر، وهو ثاني التوأمين، عمره عشرون عاماً، من مواليد كينشاسا، درس في المدرسة العربية بكينشاسا واستمر مع والدته في المحل يساعدها. وعندما مرضت والدته، منذ سنتين تقريباً، ترك المدرسة وأدار المحل الى حين مقتله. 6- يوسف عبدالكريم بكري، عمره 23 عاماً من مواليد كينشاسا ودرس في مدرستها العربية. ترك زائير في 1998 الى لبنان، ثم الى لوساكا زامبيا، ثم الى لبنان، حيث قرر الزواج. وذهب الى كينشاسا في أواسط تشرين الأول اكتوبر 2000، ولحقت به زوجته في الأسبوع الأول من كانون الأول ديسمبر 2000، وهو يدير فيها مع أخيه بلال بكري شركة نقل كبيرة بين مرفأ ماتادي ومدينة كينشاسا. وكان في عمله الى حين مقتله. 7- نبيه عبد الرسول نصر الله، من مواليد عيناثا - لبنان. ذهب الى زائير في أوائل الثمانينات، وفتح محلاً في كينشاسا، ثم أحضر إخوته يحيى وعلي ورضا. تزوج من ليلى سمحات، وله من الأولاد أربعة. عرف عنه حبه للعمل، وحرصه على إخوته. وكان مستقيماً في تجارته. زار لبنانمرات، آخرها في تشرين الأول 2000. وعندما مرضت والدته وتوفيت عاد الى كينشاسا الى حين مقتله. 8- رضا عبد الرسول نصر الله، من مواليد عيناثا كذلك. ذهب الى زائير في أواخر الثمانينات. تزوج من ملاك وهبي ولهما ثلاثة أولاد. كان يدير أحد المحلات مع أخيه نبيه، ويسكنان معاً. زار لبنان في أثناء اضطرابات كينشاسا، وبقي يعمل فيها الى حين مقتله. 9- محمد قاسم مغنية من مواليد طير دبا صور، في 1978، أعزب. ذهب الى كينشاسا عام 1996، واشتغل عند تاجرين لبنانيين سبعة اشهر، ثم رجع الى لبنان. ورجع آخر مرة الى كينشاسا في آب 2000. وحين مقتله كان يعمل عند أحد التجار اللبنانيين المعروفين. 10- حسان قاسم مغنية، متزوج من لبنانية ولهما صبي واحد عمره سنتان وأربعة أشهر. عمل في دول افريقية منها الكونغو. وكانت المرة الأخيرة التي دخل فيها كينشاسا أواخر عام 1998. وكان يملك شاحنة صغيرة للنقليات داخل المدينة. وظل فيها حتى مقتله. 11- محمد نبّوه، ذهب الى كينشاسا أوائل الثمانينات، متزوج ولم ينجب. كان يدير محل ملبوسات خاصة الى حين مقتله. أموال مهرّبة وتناولت صحف أجنبية الحادثة. فروت Jeune Afrique "جون أفريك" الواسعة الانتشار حادثة مصرع اللبنانيين على النحو التالي: بعد إعلان الكولونيل ايدي كابيند بيانه على التلفزيون بساعة، كان لبنانيان في سيارة أجرة يقودها كونغولي يضحكان فرحَيْن ومبتهجين. وأجرى أحدهما، ويدعى ع.، اتصالاً بالكولونيل وهنأه على موت الرئيس ولم يكن أعلن موت الرئيس في البيان، وعلى تربعه في المنصب "الكبير" الآن. وبعدها ذهب السائق، وكان يعمل في المخابرات ومحباً لكابيلا، فأخبر مسؤوله في قصر الرئاسة. وتوجهت قوة عسكرية الى بيت ع.، وألقت القبض عليه وعلى عشرة لبنانيين آخرين، ونكلت بهم جميعاً وضربتهم وأطلقت النار عليهم. وعمت اللبنانيين في كينشاسا، وعمت قرية عيناثا إشاعة مصدرها أحد اللبنانيين ومفادها أن التاجر اللبناني المعروف كان يقوم بتصريف العملة الوطنية الكونغولية الى دولار بالاتفاق مع "الكولونيل" والجنرال. وكان هذان يسهلان نقلها الى برازافيل. ومن برازافيل كان التاجر اللبناني المعروف ينقلها الى منطقة الثوار المنشقين عن كينشاسا في الكونغو الأعلى، حيث يبلغ سعر صرفها الضعفين، فيعاد صرفها الى دولار ثانية. فتبلغ نسبة أرباح هذه العملية الضعفين، وتقسم الأرباح بين الشركاء. وفي الصفقة الأخيرة لم يرسل اللبناني وهو شقيق أحد الذين اقتيدوا من "بناية زيكا"، حصة شريكيه من العملية. فغضب المسؤولان وقررا الانتقام، فكانت المجزرة. وكان يساعد الوسيط أخوه وهو بين القتلى، وأولاد خالته والستة بين القتلى، إضافة الى آخرين ما زالوا على قيد الحياة. وقد تكون هذه الشائعة قريبة للتصديق لولا بعض الوقائع. ومن هذه الوقائع: 1- ان الشائعة تفصل بين الضحايا، فتتهم مع ع. خ. و ب. خ. وه. ب. وهم ضالعون في أعمال مشتركة مع النافذين الكونغوليين السابقين، ثمانية آخرين لا شأن لهم في تهريب العملة. 2- وهي تبرئ ب. ب.، أخا ه. ب. من الاشتراك في هذه الشبكة، وكان قد غادر كينشاسا مع ع. خ. الموظف في شركته. 3- وتزعم الشائعة ان الثمانية يعملون عند ه. ب. والحقيقة مختلفة: أ - فابراهيم خزعل وحسين خنافر وعبدو حسن بزي يعملون في شركة ضخمة للمواد التموينية يملكها ا. ع. ب - كان حسن خنافر يدير محلاً تجارياً يملكه. ج - كان حسان مغنية يملك شاحنة صغيرة ويقوم بأعمال نقل رابحة داخل العاصمة. د - يدير يوسف بكري شركة نقليات للمستوعبات "كونتينر" من المرفأ ويملك 17 ناقلة. ه - كان محمد مغنية موظفاً في شركة ه. ب. و - كان بلال خزعل يعمل في شركة تملك مكتباً لشراء الماس، رخصت لها الدولة منذ 1998. وتوقفت الشركة عن العمل بعد سحب التراخيص من جميع اللبنانيين وحصر التراخيص في شركة إسرائيلية، في أواسط تشرين الأول 2000. ز - كان ه. ب. يملك شركة أولى في زامبيا، وأخرى في جنوب افريقيا، وثالثة في البلاد التي يسيطر عليها المتمردون الكونغوليون، ويجري فيها تصريف العملة المنقولة من كينشاسا بواسطة الجنرال و"الكولونيل". والواقع ان الكونغو انشطر قسمين: الأول تديره حكومة معترف بها ومقرها كينشاسا، وفيه قوات انغولية وزيمبابوية وناميبية، مع مخابراتها. ويبلغ عدد القوات الأجنبية هذه مجتمعة خمسين الف جندي. ولاحظ المراقبون ان الحكومة الجديدة الأولى التي ألفها الرئيس الشاب الجديد في 14 نيسان ابريل أوكلت الأمن الى موينزي كونغولو، وهو يحظى بثقة زيمبابوي، وأوكلت وزارة الدفاع الى إيرونغ أوان القريب من أنغولا. والقسم الثاني من الكونغو تتقاسم السيطرة عليه أوغندا ورواندا. ويُدخل الى هذا الشطر من طريق إحدى الدولتين. وضمت الدولتان فعلاً المناطق الخاضعة لكل منهما. وهما تتصرفان في هذه المناطق تصرف المحتل. والعلاقات بينهما تأخذ شكل الصراع المسلح. ولا يسمح للأجنبي بزيارة البلد الآخر إذا كان يحمل إقامة في البلد الأول على جواز سفره. وعلى هذا، فالمداهمة والتوقيف ربما كان الهدف منهما إجبار ه. ب. على دفع المبلغ الذي أخل بدفعه، وهو لن يملك التهرب من ذلك. وإذا كانت الأرباح كبيرة، وشرطها التعامل مع رجلين نافذين، فلماذا يغامر ه. ب. بأرباحه هذه ويخل بعقده؟ وعمت إشاعة لبنانية ثالثة الكونغو وعيناثا. وتزعم الشائعة ان محمد مغنية وحسن خنافر استأجرا شقة عبدو حسن بزي، وأسكنا فيها مواطنَيْن كونغوليين ومواطنة، ومعهم طفل. واختفى الأربعة عند الساعة الخامسة، أي بعد ساعتين ونصف الساعة من إعلان الطوارئ، وشوهدوا ومعهم فراش نوم فرشة. وفي الفراش فرنكات كونغولية تبلغ على حسب الشائعة، ثلاثة ملايين فرنك أي زهاء 260000 دولار أميركي. وتزعم الشائعة ان ح. خ. قال أمام إحدى جاراته اللبنانيات أنه يدبر صفقة مع آخرين، ويربح وحده ماية ألف دولار. ومن المصادفات ان المخابرات الكونغولية قامت باستجواب صاحبة البناية التي كان يسكنها عبدو حسن بزي في في 31/1/2001. وأفادت هذه انها يوم مقتل كابيلا في تمام الثالثة والربع بعد الظهر، أرادت إخلاء بيت عبدو لتقاعسه عن تسديد الإيجار. ولم تجد في البيت سوى "فرشة" وبعض ثيابه. فاتصلت بأخته ميرفت، زوجة عباس ابراهيم، وأبلغتها أنها ستأخذ الفرشة أو تدفع لها بدل الإيجار. فتحدثت ميرفت مع أخيها عبدو على الهاتف النقال، فتمنى عليها ان تدفع لصاحبة الشقة مبلغ ماية دولار، وعندما يرى صاحب عمله، ابراهيم عيساوي يسدد الماية دولار لها لأخته. فإذا كان عبدو أجَّر شريكيه الاثنين غرفته، وكان الربح المرتقب يبلغ مئات الألوف من الدولارات، فلماذا لم يسدد إيجاره من جيبه؟ وإلى ما سبق ينبغي الالتفات الى وقائع أخرى. فهناك خلافات عميقة وحادة بين ه. ب. وبين ع. س. ع. وابن عمه ع. ع. وبين ه. ب. نفسه وبين عدد من تجار الماس اللبنانيين. وهي خلافات يعرفها ابناء الجالية. وقد ترك ه. ب. كينشاسا منذ أكثر من عام. وعندما وقعت المجزرة استغل وقوعها لتصفية حسابات شخصية. فأُطلقت الشائعات، وعملت أجهزة الهاتف في الاتصالات بين لبنان وكينشاسا اللبنانية. ويعمل عدد من اللبنانيين مع المخابرات الكونغولية، ويتبرعون بإخبارها بما يدور بين ابناء الجالية، وبما تكتب الصحافة اللبنانية. ولولا موقف بعض مساعدي جوزيف كابيلا الابن، وموقف رئيسة لجنة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة، وقوى دولية اخرى لانزلق التحقيق الى اتهام اللبنانيين بقتل الرئيس كابيلا الأب، ولقضي على الجالية اللبنانية قضاء تاماً.