} في خطوة اعلامية نسقها رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون مع وزير خارجيته شمعون بيريز واطلع عليها مسبقاً السفير الأميركي في تل أبيب مارتن انديك، أعلن شارون وقفاً لاطلاق النار مع الفلسطينيين من جانب واحد، وامل في أن يحذو الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حذوه. ولكن قوات الاحتلال الاسرائيلي هاجمت أمس مناطق في قطاع غزة. واعتبر الفلسطينيون اعلان شارون وقف النار "نوعاً من التضليل" و"ألاعيب العلاقات العامة". جاء الاعلان في بيان صدر عن مكتبه في ساعة متقدمة من ليل الاربعاء بعدما كان استبق ذلك بمؤتمر صحافي طارئ أشار خلاله الى أن الخطوة الأولى نحو التهدئة هي "الوقف الشامل لكافة اشكال اطلاق النار والعنف ومن جميع الجهات الضالعة في ذلك". وتابع شارون ان الأمر الأهم في هذه المرحلة هو التهدئة الميدانية واستئناف عمل اللجان الثلاثية الأمنية المشتركة الأميركية - الاسرائيلية - الفلسطينية للاشراف على تطبيق وقف النار ثم الاتفاق على مرحلة من التهدئة لمدة محدودة يتبعها البحث في خطوات لبناء الثقة كأساس لاستئناف المفاوضات. وأردف ان الفلسطينيين سيجدون شريكاً اسرائيلياً مستعداً لتقديم تنازلات مؤلمة. وعن الاستيطان قال شارون ان لا علاقة لذلك بالعنف أو وقف النار وبإمكان المستوطنين ان يطمئنوا الى أن البناء الذي يلبي حاجات "النمو الطبيعي" لن يتوقف بل "اذا دعت الحاجة لشق طرق التفافية لمصلحة المستوطنين الأمنية فلن نتردد في شقها". وسارع شارون صباح أمس الى عقد اجتماع عاجل للمجلس الأمني المصغر في حكومته وعرض أمامهم قرار وقف النار، وهو ما اعتبره وزير المواصلات الاسرائيلي افرايم سنيه "مبادرة ايجابية" تصلح أساساً لوقف العنف في المنطقة والتقدم نحو المفاوضات لأن "الحل العسكري وحده لن يفضي الى أي نتيجة في صراعنا مع الفلسطينيين". اما وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر فأعلن انه طلب القوات الاسرائيلية المتمركزة في الضفة الغربية وقطاع غزة ان لا تبادر الى اطلاق النار على الفلسطينيين إلا إذا كانت حياة الجنود في خطر! ودفع هذا التعبير الفضفاض قوات الاحتلال الى الانقضاض على ثلاث مناطق في قطاع غزة وتدمير مركز للشرطة قرب خانيونس واطلاق النار على احياء سكنية فضلاً عن تدمير مزارع واقتلاع أشجار وتسوية الأرض. واعتبر الجانب الفلسطيني ان الاختراقات العسكرية التي تأتي بعد ساعات قليلة من اعلان وقف النار تدل على مدى التضليل الذي تمارسه حكومة شارون. وقال الأمين العام لمجلس الوزراء الفلسطيني أحمد عبدالرحمن ان القرار الاسرائيلي "خادع ويجب الإقرار أولاً ان ما نشهده ليس حرباً بين طرفين متساويين بل هو عدوان على شعب أعزل". وقال وزير الاعلام والثقافة الفلسطيني ياسر عبد ربه في مؤتمر صحافي خصصه للرد على "مبادرات" شارون ان القيادة الفلسطينية تبدي أسفها لرفض شارون تقرير لجنة ميتشل "وما اعلانه عن وقف النار سوى نوع من ألاعيب العلاقات العامة الموجهة الى الرأي العام الأميركي والاسرائيلي وهي خطوة لا تنسجم مع خطورة الوضع الحالي". وتابع عبد ربه ان ما يجري "ليس حرباً بين جيشين أو دولتين بل هو عدوان اسرائيلي بالدبابات والطائرات والزوارق ضد الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال ويجب التأكيد هنا ان قوات الأمن الفلسطينية لا تشارك في اطلاق النار بل تدافع عن أمن الشعب". وفي اشارة الى المستوطنين اليهود قال عبد ربه ان "القيادة الفلسطينية لا يمكنها ان تضمن أمن اولئك الذين يمارسون سرقة أرض الشعب الفلسطيني ومصادرتها". وفي رد على سؤال ل"الحياة" قال عبد ربه ان الفلسطينيين يقبلون تقرير لجنة ميتشل كرزمة واحدة "ولا يمكن القبول باسقاط أي من بنوده أو التفاوض عليها وان القيادة الفلسطينية تدعو الى عقد قمة جديدة لأطراف قمة شرم الشيخ لوضع الآلية الملائمة لتنفيذ دقيق للتوصيات والبنود، وبخاصة ما يتعلق برفع الحصار ووقف كافة أشكال البناء الاستيطاني في القدس وسائر المناطق". من جانبه رحب السفير الأميركي مارتن انديك باعلان شارون وقال بعد لقاء جمعه صباح أمس مع رئيس الدولة العبرية وقبله مع رئيس الوزراء الاسرائيلي، ان القرار بعدم مبادرة الجيش الاسرائيلي الى أي فعل عسكري هو خطوة أولى ضرورية يمكن أن تخلق فضاء لالتقاط الأنفاس "ونحن نرحب بأي تخفيض لمستوى العنف فالأمر المهم هو ايجاد طريقة لتطبيق توصيات ميتشل وبصورة خاصة وقف النار غير المشروط كي نشهد فترة هدوء يتم خلالها اتخاذ اجراءات لبناء الثقة واستئناف المفاوضات. ما نريده هو اطار زمني وخطوط عامة للعمل". وكان لافتاً ان تشخيص انديك اقترب كثيراً من ذلك الذي طرحه شارون بخصوص مراحل العودة الى المفاوضات من حيث البدء بوقف النار ثم المرور في فترة تهدئة واجراءات بناء الثقة قبل العودة الى المفاوضات. ويبدو أن الخلاف هو في تعريف اجراءات بناء الثقة، فربما قصد انديك وقف الاستيطان ورفع الحصار، الا ان شارون قطع الأمر لجهة وقف الاستيطان ولم يشر بكلمة الى رفع الحصار.