بدأ العدّ العكسي للانتخابات الرئاسية في ايران، مع الانطلاقة الرسمية لحملات المرشحين العشرة وعلى رأسهم الرئيس محمد خاتمي، وسط زخم من الاصلاحيين وتثاقل من المحافظين ظهر في عدم تقديم مرشح رسمي لهم، ولكن مع عدم المقاطعة او الانكفاء. واعلنت جماعة "علماء الدين المجاهدين" وهي بمثابة القيادة الدينية للتيار المحافظ، انها لم تتوصل الى نتيجة نهائية في شأن دعم اي من المرشحين، لكنها استدركت ان موقفها لا يعتبر انكفاء عن المشاركة في الانتخابات المقررة في الثامن من الشهر المقبل. بل اكدت حضورها الفاعل في هذه "الفترة الحساسة" داعية الناخبين الى اختيار "المرشح المناسب الملتزم المبادئ الدينية والثورية". وحضت الرئيس المقبل على "معرفة الافكار المستوردة الاجنبية" وان "يتمتع بحساسية خاصة تجاه القوى التي تريد الانقلاب على أسس النظام الاسلامي، وان يعمل لمواجهة الاخطار قبل وقوعها". وتعتبر هذه العناوين ابرز مآخذ المحافظين على الرئيس محمد خاتمي المرشح للرئاسة. وهي العناوين التي دارت حولها المعارك السياسية والتجاذبات الحادة بين المحافظين والاصلاحيين خلال السنوات الاربع الماضية، وادت الى اجبار خاتمي على قبول استقالة وزير الثقافة والارشاد عطاءالله مهاجراني بضغط شارك فيه اعلى سلطة للقرار المرشد واستمر ليطاول الناشطين الليبراليين المتهمين بالعمل لاطاحة النظام. ويرى بعض اوساط المحافظين ان ما منعهم من الانكفاء الكامل عن الساحة الانتخابية هو موقف المرشد آية الله علي خامنئي الذي دعا جميع الايرانيين والاحزاب الى المشاركة الواسعة في الانتخابات، معلناً حياده التام. ولم تستبعد مصادر جماعة "المؤتلفة الاسلامية" ابرز القوى السياسية المحافظة، ان تختار في نهاية المطاف احد المرشحين لدعمه، وهو ما توقعته ايضاً مصادر فاعلة في التيار الاصلاحي. وواصل الاصلاحيون حشد قواهم لخوض الانتخابات وتحويلها الى ما يشبه الاستفتاء على الاصلاحات، واكدت منظمة "مجاهدي الثورة الاسلامية" يسار اصلاحي ان المرحلة المقبلة ستكون "مرحلة تحقيق الاصلاحات كواقع على الارض، بعدما كانت المرحلة الاولى مرحلة تثبيتها". ويخوض تسعة مرشحين منافسين للرئيس خاتمي السباق الرئاسي بصفة مستقلين وبينهم وزير الدفاع الادميرال علي شمخاني ووزير الاستخبارات السابق علي فلاحيان، والوزير السابق احمد توكلي، ومعظم المرشحين يدورون في فلك التيار المحافظ. وتتواصل الحملات الانتخابية الى السابع من حزيران. ومع بدء الحملات لانتخابات الرئاسة، تواصل السجال بين المحافظين والاصلاحيين في ايران حول قوى اصلاحية وليبرالية في قضية "التآمر لإطاحة نظام الجمهورية الاسلامية"، وهي تسمية يرفضها الاصلاحيون الذين وصفوا اعترافات علي افشاري، القيادي الجامعي الاصلاحي بأنها "مصطنعة أُخذت منه بالقوة". واكد افشاري في مقابلة بثها التلفزيون الايراني الذي يسيطر عليه المحافظون انه "كان يعمل مع شخصيات اخرى في التيار الاصلاحي بين طلاب الجامعات، لفصل الجامعيين عن التديّن والنظام وفصل اسلامية النظام عن جمهوريته، وبث اجواء توتر وتشنّج وتضخيم كل حديث داخلي، خصوصاً احداث الحي الجامعي عام 1999، على ان تسلّط اطراف اجنبية الضوء على هذه الاحداث اعلامياً، لتوجيه ضربات الى النظام". ويتولى افشاري منصب المسؤول السياسي في اكبر تجمع طالبي اصلاحي في الجامعات، يطلق عليه "مكتب تعزيز الوحدة". وقال افشاري المعتقل في قضية "التآمر لاطاحة النظام" الايراني ان "بعض الشعارات المتطرفة كان يهدف الى اثارة فتنة بين اجهزة النظام واحداث تصدّع داخلي، على ان تضخم وسائل الاعلام الاجنبية ما يحدث وكان بعض الصحف الاصلاحية يعمل لمصلحة اعداء ايران". وردت مصادر حزب "جبهة المشاركة" القريب الى الرئيس محمد خاتمي بأن هذه الاعترافات تفتقد الصدقية. وقال عضو الحزب علوي تبار ان "الذين اخذوا الاعترافات من افشاري هم الذين يعملون من اجل انقلاب في ايران"، يستهدف النظام. ورأى ان "ليس من البراعة الضغط على سجين كي يعترف بما يدينه في ظل تحقيقات فيها الكثير من الغرابة". واعتبر النائب الاصلاحي علي شكوري راد ان بثّ مثل هذه الاعترافات التي "لا يمكن تصديقها" مع بدء الحملات للانتخابات الرئاسية المقررة في 8 حزيران يونيو المقبل، يشير الى "اهداف خاصة". ووصفت عائلة افشاري اعترافاته بأنها "مدبّرة مفتعلة جاءت بعد فترة طويلة من ايداعه في السجن الانفرادي". وكانت المحكمة الثورية اعلنت تلقي بعض الشخصيات المعتقلة في اطار قضية "التآمر" اموالاً من شخص يدعى حسن ماسالي، يعمل في "اذاعة الحرية" التي تمولها الولاياتالمتحدة وتبث برامج موجهة الى ايران، واكدت المحكمة ان ماسالي كان على علاقة بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي آي ايه. في غضون ذلك، تعثّر اطلاق الصحافي الاصلاحي اكبر غنجي اذ اعلن محاميه غلام علي رياحي ان اطلاقه يحتم دفعه نحو 75 ألف دولار كفالة، لأنه ملاحق في قضية اخرى تتعلق بعمله كصحافي. وكانت محكمة الاستئناف خفضت الحكم الصادر بحق غنجي في قضية مؤتمر برلين من السجن عشر سنين الى السجن ستة شهور. وهي عقوبة قضاها غنجي مما دفع الى توقع الافراج عنه قريباً. وأثارت مقالاته اكثر من "زوبعة" اذ اتهم عدداً من المسؤولين السابقين، وبينهم وزير الاستخبارات السابق المرشح للرئاسة علي فلاحيان بالوقوف وراء عمليات اغتيال طاولت معارضين قوميين وليبراليين عام 1998.