لندن - "رويترز" - لا بد من ان يشعر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير انه على قمة العالم قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات البريطانية، بسبب الفارق الشاسع الذي تسجله استطلاعات الرأي لمصلحته... لكن عثرة صغيرة تؤرقه، ألا وهي... شعور البريطانيين باللامبالاة حيال الانتخابات المذكورة. ويحتفظ بلير الساعي الى ولاية ثانية بسجل سياسي ممتاز. فهو استطاع احتواء وباء "الحمى القلاعية" وخفض نسبة التضخم بنسبة قياسية، ووفر وظائف جديدة بمعدل هو الأعلى منذ 25 عاماً، وتشهد بريطانيا في عهده نمواً اقتصادياً مستقراً. وتظهر استطلاعات الرأي ان وضع حزب المحافظين المعارض بزعامة ويليام هيغ مماثل لما كان عام 1997، عندما مني بأقسى هزيمة انتخابية خلال القرن ونصف القرن الماضي، وفاز حزب العمال بغالبية مريحة بلغت 179 مقعداً في مجلس العموم. وكانت الانتخابات الماضية سجلت نسبة اقبال متدنية بلغت 71 في المئة من عدد الناخبين وهي الأدنى من نوعها بعد الحرب العالمية الثانية. ويتوقع المحللون السياسيون ان تتدنى نسبة اقبال الناخبين بعد ثلاثة اسابيع الى ما دون الرقم المذكور. وقال الخبير في الاستطلاعات روجر مورتيمور إن 35 في المئة من الناخبين البريطانيين لن يتوجهوا الى صناديق الاقتراع في السابع من حزيران يونيو المقبل. وجاء في دراسة لجامعة "بلاي وات" الانكليزية ان نسبة التصويت ستنخفض عن السبعين في المئة، للمرة الأولى منذ عام 1918. وبالنسبة الى بلير، كلما انخفض عدد المقترعين، تراجعت الاصوات التي يمكن ان يفوز بها حزبه، لأن العماليين سيكونون اكثر ميلاً الى البقاء في منازلهم يوم الاقتراع بسبب ثقتهم الزائدة بالفوز في الانتخابات. وقال المعلق السياسي بيتر كلنر ان "اللامبالاة ستضر العمال اكثر من منافسيهم". وأوضح ان بلير تحول من مثير للشغف ببرامجه السياسية الى مثير للامبالاة، ما يعني ان عدد النواب العماليين في مجلس العموم سينقص. وحذرت النائبة العمالية مارغريت بيكيه في شباط فبراير الماضي من ان تمنع واحد من كل خمسة عماليين عن التصويت في الانتخابات المقبلة، قد يؤدي الى خسارة بلير نحو ستين مقعداً، ما قد يحول دون مضيه في البرامج السياسية التي تعهدها. وأضافت: "اننا اذا اخذنا في الاعتبار ما يريد بلير تحقيقه، عليه ان يفوز بفارق كبير. ولكي يفعل ذلك يجب ان تشهد الانتخابات اقبالاً كبيراً". وكان التحذير الأول الذي وجه الى بلير انتخابات المجلس الأوروبي عام 1999 التي فاز فيها المحافظون، على رغم تقدم العمال في الاستطلاعات، بسبب انخفاض نسبة الاقبال التي بلغت، في حينه، 24 في المئة. ومنذ تلك الانتخابات، يعكف بلير ووزراؤه على حث مؤيديهم على التوجه، بكثافة، الى صناديق الاقتراع وعلى عدم التساهل. واعتبر ساسة عماليون ان الحديث عن فوز ساحق لبلير مؤامرة "محافظة" لتعزيز مناخات اللامبالاة بين الناخبين.