} أفادت دراسة أعدتها وزارة التخطيط والتنمية اليمنية بالتعاون مع جهات اخرى أن خريجي الجامعات اليمنية لا يجدون فرص العمل بسهولة وأن أعدادهم تتراكم عاماً بعد آخر. وأوضحت الدراسة أن مجموع المقبولين في الجامعات اليمنية ارتفع من 1545 طالباً وطالبة عام 1990 إلى 63700 طالب وطالبة عام 1998 بمتوسط نمو سنوي قدره 17,5 في المئة. ذكرت الدراسة أن مجموع الخريجين إرتفع من 1970 خريجاً وخريجة الى حوالى 19500 خريج وخريجة أي بمتوسط معدل نمو سنوي قدره 33,2 في المئة. ويعكس عدد الخريجين في المعاهد التقنية خللاً هيكلياً غريباً، إذ بينما كان عدد الخريجين 1150 طالباً وطالبة بلغ عدد خريجي الجامعات 19500 خريج مما يعبر عنه بوجود خريج تقني واحد مقابل 17 خريجاً جامعياً. وفي رأي الجهات الرسمية يتطلب الوصول الى المعادلة القياسية الدولية قلب النظم التعليمية والتدريبية ومفاهيمها ومناهجها وامكاناتها رأساً على عقب، أو قيام ثورة تعليمية تكفل التصحيح والاصلاح وقد يتطلب تحقيق ذلك عقوداً من الزمن وجهوداً وموارد يصعب التنبؤ بها لضخامتها. ويُعد التعليم الجامعي في اليمن حديث العهد ولم يتجاوز عدد الجامعات والكليات حتى عام 1990 جامعتين حكوميتين في صنعاء وعدن تضمان 21 كلية. وأمام التوسع السريع الذي شهدته البلاد في أعداد الملتحقين بمختلف مراحل التعليم الأساسي والثانوي بلغ عدد الجامعات عام 9819- 9919 نحو 7 جامعات حكومية تضم 67 كلية و8 جامعات أهلية تضم 44 كلية أي ما مجموعه 15 جامعة و111 كلية تشتمل على نحو 480 قسماً أو تخصصاً. وتحذر الدراسات الأكاديمية من عدم تلاؤم مخرجات التعليم الجامعي من حيث الكمّ والكيف مع متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل وأصحابه. وتفيد الدراسات أن نسبة الملتحقين في الكليات النظرية تصل الى 89 في المئة من اجمالي المقيدين كما تبلغ نسبة الخريجين فيها 92 في المئة من اجمالي الخريجين كما أن نسبة الفتيات تمثل أقل من 23 في المئة من اجمالي الملتحقين أو الخريجين. وتشير بيانات رسمية الى أن إجمالي الإنفاق على الجامعات الحكومية اليمنية ارتفع من 557 مليون ريال عام 1990 الى 6,1 بليون ريال عام 1997 والى 9,5 بليون ريال عام 1998. ويمثل إجمالي الإنفاق على الجامعات نسبة 2 في المئة من إجمالي النفقات العامة للدولة ونسبة 16,6 في المئة من اجمالي الانفاق على قطاع التعليم والتدريب كاملاً. وتتوقع الدوائر الحكومية أن يرتفع عدد المقيدين في الجامعات من 152100 طالب وطالبة عام 9819 - 1998 الى 338500 طالب وطالبة سنة 2003 - 2004، كما تتوقع أن يرتفع عدد الخريجين من 19500 خريج وخريجة عام 98 - 99 الى أكثر من 60 الف خريج وخريجة سنة 2003 -2004. ونبهت دراسة وزارة التخطيط والتنمية إلى أن تضاعف أعداد الطلاب والطالبات سيؤدي الى زيادة أعداد ومتطلبات أعضاء هيئة التدريس والطاقم الاداري والفني والمباني والتجهيزات والمعدات ولوازم الصيانة والتشغيل، إلى مستويات قد تعجز الدولة عن الإيفاء بها من موازنتها العامة وربما تضطر الى زيادة أعباء الدين الخارجي بما يراوح بين 500 و700 مليون دولار في السنوات الخمس المقبلة. وعن فرص العمل أمام الخريجين اليمنيين أوضحت الدراسة أنها أصبحت ضئيلة إلى حد كبير في ظل الاصلاحات الاقتصادية والمالية والادارية الجارية وفي ظل أوضاع اقتصادية غير مواتية لتأسيس فرص عمل كافية تضمن امتصاص أعداد العاطلين عن العمل واستيعاب الجدد . وقدر حجم الطبقة العاملة الكلية في اليمن عام 1999 بنحو 3,7 مليون عامل منهم نحو 400 ألف في القطاع الحكومي بمختلف أجهزته وقطاعاته، ويستحوذ القطاع الخاص على نسبة 89,2 في المئة من إجمالي العمال. وتتسم سوق العمل اليمنية بغلبة القطاع غير المنظم على القطاع الرسمي لاعتبارات عدة منها كبر حجم القطاع الزراعي الذي يعتمد في انتاجه بشكل رئيسي على القطاع الفردي والأسري وللأهمية النسبية كذلك للأعمال الفردية والأسرية في قطاعات الخدمات الشخصية والتجارة والباعة المتجولين و أصحاب المحلات وعمال التشييد والبناء بوجه خاص. وأشارت الدراسة إلى أن مشكلة التضخم الوظيفي في القطاع الحكومي تمثل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الدولة. وشرعت الحكومة عام 1996 بتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي المشتمل على استراتيجية تحديث الخدمة المدنية وإصلاحها ومعالجة أوضاع العمال الفائضين. وبلغ مجموع الموظفين اليمنيين الجامعيين حتى عام 1998 67400 موظف منهم 12500 موظفة يمثلن 16 في المئة من إجمالي العاملين في القطاع الحكومي. وأعلنت وزارة الخدمة المدنية أن عدد الجامعيين المسجلين على لائحة إنتظار التوظيف بلغ 15400 خريج وخريجة جامعية حتى نهاية حزيران يونيو 1999، وفي المقابل تتوافر لدى القطاع الحكومي 8600 فرصة عمل للجامعيين أو من بحكمهم فقط. واعتبرت الدراسة أن الأمر يزداد سوءاً أمام الخريجين والخريجات الباحثين عن عمل لدى القطاع الخاص الذي يتطلب مهارات وتخصصات وتقنيات ولغات قلّما يمكن للجامعات بوضعها الراهن تأمينها. وأوضحت دراسة ميدانية نفذتها وزارة التخطيط والتنمية أن متوسط ما يكسبه الخريج الجامعي لدى القطاع الخاص لا يتجاوز عشرين ألف ريال شهرياً 125 دولاراً. واقترحت الدراسة اتخاذ إجراءات تعالج الاختلالات الهيكلية القائمة والمتوقعة، منها دفع عجلة النمو الاقتصادي في مختلف الاتجاهات وإيجاد بدائل للتعليم الجامعي التقليدي واتباع أساليب متطورة تستجيب لمطالب المجتمع وسوق العمل بمضامين وتحديات العلم والتكنولوجيا، ومعالجة الاختلالات الهيكلية القائمة في نظم التعليم والتدريب وفي ما بينها وتطوير التعليم العالي وتنويع هياكله وبرامجه لتخريج كوادر جامعية وتقنية تتناسب واحتياجات القطاعات الاقتصادية والخدماتية. وجاء في الدراسة أنه خلال الفترة 2000 - 2004 يتوقع أن يبلغ المجموع التراكمي لخريجي التعليم العالي 180 الف خريج وسيصل مجموع الباحثين عن عمل بنهاية سنة 2004 الى 165400 خريج وخريجة. ويُقدر الطلب على خريجي التعليم العالي والناشئ عن النمو الاقتصادي بنحو 10 آلاف فرصة عمل في السنة مناصفة بين القطاعين الحكومي والخاص كما يُقدر الطلب الناشئ عن إحلال الخريج الجامعي اليمني محل غير اليمني بنحو ألف فرصة عمل في السنة شريطة تطبيق سياسات محددة للإحلال، وبذلك يُقدر أن يبلغ اجمالي الطلب على خريجي التعليم العالي في مختلف القطاعات خلال السنوات الخمس المقبلة نحو 55 ألف فرصة عمل. ووفقاً للدراسة فإن عدد الجامعيين العاطلين عن العمل سيصل الى 110400 خريج وخريجة في التعليم العالي نهاية سنة 2004 ما لم يتم اتخاذ اجراءات من شأنها زيادة فرص العمل النظامية وغير النظامية لاستيعابهم. وخلصت الدراسة إلى توصيات أهمها تفعيل السياسات السكانية الهادفة الى الحد من النمو السكاني وإجراء دراسة ميدانية لتحديد احتياجات سوق العمل وتصنفيها حسب القطاع والمهن والمستوى التعليمي والنوع، وتشكيل لجنة مكونة من الجهات ذات العلاقة بالتنمية البشرية بما فيها ممثلون للقطاع الخاص تتولى تحديد التخصصات المطلوبة وتحديد احتياجات التنمية وسوق العمل من القوى العاملة المؤهلة والمدربة في جميع التخصصات لتكون دليلاً يوجّه القبول بالكليات والجامعات. وحضت الدراسة على تشجيع الخريجين على أخذ المبادرة في إنشاء أو ايجاد فرص عمل ذاتية وانشاء صندوق لتمويل مشاريعهم بقروض ميسرة للغاية.