يعتبر الاستثمار في الموارد البشرية احد الركائز الاساسية التي اعتمدت عليها السعودية لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي، واكدت خطط التنمية المتعاقبة على أهمية التعليم بقطاعاته المختلفة، وقدرت المبالغ التي صرفتها السعودية على التعليم خلال خطة التنمية الخامسة 1990- 1995 بنحو 153 بليون ريال 40.8 بليون دولار. وكان لهذا الانفاق والدعم الأثر المباشر في قدرة قطاع التعليم على تحقيق معدلات نمو عالية سواء في ما يتعلق بعدد الملتحقين بمراحل التعليم المختلفة أو عدد المدارس والمؤسسات التعليمية التي تم افتتاحها خلال السنوات الماضية. وبلغ مجموع الطلاب والطالبات الملتحقين بالتعليم العام بالمراحل الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية عام 1996نحو 3.6 مليون طالب وطالبة بزيادة قدرها 7.2 في المئة عن العام الذي سبقه، ويتوقع ان يستمر الارتفاع في مجموع عدد الطلاب والطالبات بنهاية الخطة السادسة 1995- 2000 ليقارب الخمسة ملايين، وبلغ اجمالي المدارس عام 1996 نحو 18428 مدرسة، وارتفع مجموع عدد اعضاء هيئة التدريس ليصل الى 274377 معلماً ومعلمة عام 1996. وشهد التعليم العالي نمواً أسرع من مراحل التعليم الاخرى، اذ وصل عدد الطلاب والطالبات الملتحقين بالجامعات السعودية عام 1996 الى 237320 طالباً وطالبة ويتوقع ان يرتفع الى 245049 بنهاية خطة التنمية السادسة. وحظي قطاع التعليم الخاص في السعودية بتشجيع كبير ويتلقى الكثير من التسهيلات لانشاء المدارس ونشر التعليم ضمن الخطوط العريضة التي رسمتها الحكومة سواء في التعليم الفني او العام او التدريبي بأنواعه او التعليم العالي والتقني. واوضحت دراسة تطبيقية على "المنشآت الخاصة في قطاع التعليم" اجرتها كلية العلوم الادارية في جامعة الملك فيصل في الاحساء ان القطاع الخاص السعودي استطاع خلال خطة التنمية الخامسة 1990- 1995 فتح العديد من المدارس الاهلية بلغ عددها 1100 مدرسة للبنين والبنات، وبلغت نسبة الطلبة في هذه المدارس الاهلية نحو 7 في المئة من اجمالي الملتحقين بالمدارس الحكومية، واستفادت هذه المدارس من المساعدات المالية التي تقدمها الدولة بصورة مستمرة، اذ بلغت المساعدات المادية خلال خطة التنمية الخامسة نحو 432 مليون ريال 115.2 مليون دولار، كما استطاعت الدولة تنفيذ مشروع تقوم بموجبه ببناء مدارس بتمويل من القطاع الخاص ومن ثم تقوم الحكومة باستئجار تلك المدارس بايجارات سنوية لمدة عشر سنوات تؤول ملكيتها بعد ذلك الى الدولة، وخلال خطة التنمية الخامسة تم بناء 400 مدرسة ضمن هذا البرنامج. وعلى رغم التوسع المستمر من قبل الدولة في دعم قطاع التعليم، الا ان خطتي التنمية الخامسة والسادسة ركزتا بشكل كبير على ضرورة مشاركة القطاع الخاص ورفع مساهمته في تقديم الخدمات التعليمية في كل من التعليم العام والتعليم العالي. وفي الخطة الخمسية السادسة بات واضحاً ان الحكومة ستوسع دور القطاع الخص بهدف تعبئة موارده المالية واستثمارها في قطاع التعليم، إذ تضمنت الخطة العديد من السياسات المتعلقة بالاهداف العامة لنظامي التعليم العام والعالي. ومن ابرز هذه السياسات الدعوة الى زيادة دور القطاع الخاص في دعم قطاع التعليم من خلال التوسع في فتح المدارس الاهلية، لترتفع نسبة الطلبة الملتحقين بها الى 10 في المئة من اجمالي الطلاب على مستوى السعودية، والتوسع في فتح مدارس رياض الاطفال، وفتح كليات اهلية وكليات تقنية، والمشاركة في تطبيق نظام التعليم التعاوني، والتوسع في خدمات النقل المدرسي. وأشارت الدراسة الى ان اهم المشاكل التمويلية التي تواجه المنشآت الخاصة في قطاع التعليم تتمثل في ان غالبية هذه المنشآت تعتمد في تغطية متطلباتها التمويلية على قدراتها الذاتية اكثر من اعتمادها على مصادر التمويل الخارجية، ويرجع هذا الى عدم وجود مؤسسات ائتمانية متخصصة، وإحجام المؤسسات المالية المختلفة وفي مقدمها البنوك التجارية عن تقديم الاحتياجات المالية اللازمة لهذه المنشآت بالقدر الكافي، الى جانب نقص عنصر الادارة والخبرة المالية لدى اصحاب هذه المنشآت، وعزوف جزء كبير من اصحاب المنشآت عن التعامل مع البنوك التجارية باعتبار ان القروض التي تمنحها تلك البنوك قروض ربوية. ولفتت الدراسة الى تمتع القطاع الخاص السعودي بفوائض مالية كبيرة ما شجعه على الدخول في المشاريع الاستثمارية المتاحة، ولاحظت ان غالبية المنشآت الخاصة في قطاع التعليم اعتمدت بصورة اساسية على مدخرات الملاك حيث بلغ هذا الاعتماد ما نسبته 87 في المئة. وكشفت الدراسة ان 40 في المئة من ملاك المدارس الاهلية لديها رغبة في التوسع والتطور ما يؤكد ان الطلب على الخدمات الخاصة في مجال التعليم متوفر، وان تمويل مثل هذه المشروعات يمكن ان يتم من مصادر ارباح المشروع ومصادر التمويل الذاتية. وبينت ان 94 في المئة لم تلجأ الى الاستشارة المالية، ما يشير الى ان دراسات الجدوى في اغلب الاحيان تعتبر مطلباً نظامياً اكثر منها دليلاً ومرشداً لتنفيذ المشاريع الاستثمارية. وكان للتعليم الفني الاهلي نفس الاهمية التي حظي بها قطاع التعليم العالي وفقا لدراسة عن "التعليم الفني ودوره في تنمية الاقتصاد السعودي"، اذ زاد عدد المتدربين في القطاع الخاص من نحو 22.3 الف متدرب عام 1991 الى 34.4 ألف متدرب عام 1993 بنسبة زيادة قدرها 54.3 في المئة كما زاد عدد الخريجين من مراكز التدريب الخاصة من نحو 19.1 ألف خريج عام 1991 الى نحو 31.6 ألف خريج عام 1993 بنسبة زيادة قدرها 65.4 في المئة ما يؤكد زيادة الاهتمام بالتدريب في القطاع الخاص في السعودية. وتوجد ثلاثة انواع من التدريب هي: التدريب المهني والتدريب التخصصي والتدريب في القطاع الخاص. وبلغ عدد المعاهد الفنية الاهلية حتى عام 1996 نحو 244 معهداً وبلغ عدد الملتحقين بها والخريجين نحو 19.9 الف ملتحق و12.6 ألف متخرج. وكان تخصص الحاسب الآلي أهم التخصصات من حيث عدد المعاهد الخاصة به وعدد الملتحقين بها الذي بلغ عددهم 191 معهداً و107 الف ملتحق و12.6 ألف خريج يمثلون 78.3 في المئة و64.4 في المئة من الاجمالي. ويرى البحث ان قضية النهوض بالتعيم الفني في السعودية لا يتم حلها من خلال تخصيصه وانما من خلال الارتقاء بالتعليم الفني المملوك للدولة مع تشجيع القطاع الخاص على انشاء مدارس ومعاهد فنية متخصصة في اطار استراتيجية شاملة للتعليم الفني في السعودية. وطالب البحث بانشاء هيئة عليا للتعليم الفني السعودي الحكومي والخاص، والتنسيق والتكامل بين الجهات الانتاجية والبحثية والتعليم الفني، والعمل على تنمية وخلق القيم الجديدة التي تغير النظرة الاجتماعية نحو العمل الفني، وتشجيع الفتاة السعودية للتوجه للتعليم الفني في مختلف المجالات، وربط التعليم الفني باحتياجات السوق السعودية، والتوسع في تنفيذ مشروعات مشتركة مع الدول الصناعية الكبرى للعمل على تطوير التعليم الفني وفقاً للأساليب الحديثة المتقدمة، وتشجيع المواهب الفنية للطالب في مرحلة التعليم الاساسي.