صادق البرلمان المقدوني ليل اول من امس، بغالبية 104 اصوات من اصل 120، على تشكيل حكومة ائتلافية موسعة، اطلق عليها "الوحدة الوطنية" وتتكوّن من 13 وزيراً من العرق المقدوني و6 ألبان وتستمر في السلطة حتى موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة في كانون الثاني يناير المقبل. ويترأس الحكومة زعيم "الحزب القومي الديموقراطي" ليوبتشو غيورغيفسكي، وهي سادس حكومة ائتلافية يشكلها من دون غالبية برلمانية مطلقة، منذ فوز حزبه في الانتخابات التي اجريت قبل نحو سنتين ونصف السنة. واحتفظ 10 من اعضاء الحكومة السابقة بمناصبهم، وهم ينتمون الى الائتلاف السابق المكوّن من الحزبين "القومي" و"الليبرالي" و"الحزب الألباني" الديموقراطي. وتولى وزير جديد حقيبة الداخلية وهو من الحزب القومي، بعدما اعترض "التكتل الديموقراطي الاشتراكي" اليساري الذي دخل الحكومة الجديدة، على بقاء وزيرة الداخلية السابقة دوستا ديموفسكا في منصبها. ودخل الحكومة من الوزراء الجدد، خمسة من "التكتل الاشتراكي الديموقراطي" اليساري المسمى "من اجل مقدونيا معاً" ابرزهم وزيرة الخارجية ألينكا ميتروفا وهي استاذة اللغة الفرنسية في جامعة سكوبيا، ووزير الدفاع فلادو بوتشكوفسكي وهو حقوقي، والاثنان من العرق المقدوني ومعروفان بتشددهما مع مطالب الألبان والحركة المسلحة الألبانية. كما دخلها من "حزب الرفاه الألباني" ثلاثة اعضاء هم: النائب الرابع لرئيس الحكومة كمال مسليو ووزيرا العدل ايجيت ميميتي والادارة المحلية فائق اصلاني. وألقى رئيس الحكومة غيورغيفسكي، كلمة في بداية جلسة البرلمان، استعرض فيها برنامج حكومته ومهماتها، التي ستعمل "للحفاظ على استقرار البلاد وضمان مستقبلها الذي يتعرض لخطر جيش التحرير الألباني". ووجّه الاتهام في شأن الأزمة المقدونية الى "قوى جيدة التنظيم ومدربة في الخارج، تريد تدمير البلاد، والتسبب في الفوضى والرعب". وأضاف ان من اولى مهمات حكومته "القضاء على المسلحين الذين يثيرون الارهاب في مقدونيا، حتى لو تطلب الامر زيادة المقدرات العسكرية للبلاد". واثارت كلمته استياء "حزب الرفاه الألباني" الذي كان تعرض لضغوط اميركية وأوروبية بسبب تردده في الانضمام الى الحكومة قبل وقف العمليات العسكرية ضد المقاتلين الألبان، وطلب نائبه ناصر زبيري وقف الجلسة مدة نصف ساعة من اجل حذف الفقرة الخاصة "باستعمال القوة ضد الارهابيين"، لكن رئيس الحكومة رفض ذلك. وقرر نواب الحزب ال15 مقاطعة البرلمان وعدم المشاركة في الحكومة. وأخفق سفراء الولاياتالمتحدة وبريطانيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية والاتحاد الاوروبي الذين كانوا موجودين في البرلمان لمثل هذا الطارئ، في حض الحزب الالباني على التراجع عن موقفه، ما جعلهم يطلبون "العون" من منسّق الشؤون الامنية والخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، الذي تحدث هاتفياً مع قادة "حزب الرفاه الالباني" محذراً. وقال: "اذا قاطعتم الجلسة البرلمانية والحكومة، فان المجتمع الدولي سيقاطعكم وتصبحون معزولين عن العالم". وعاد نواب "الرفاه" بعد نحو 4 ساعات من المقاطعة الى جلسة البرلمان على مضض، ولكن بعدما انسحب احتجاجاً من الحكومة قياديا الحزب: عبدالرحمن أليتي نائب رئيس الحكومة وناصر زبيري وزير العدل وحل مكانهما عضوان عاديان في الحزب، هما: كمال مسليو وإيجيت ميميتي. وبعد العودة، ألقى نائب الحزب عصمت رمضاني بياناً جاء فيه: "لنا الحق ان نؤكد عدم ارتياحنا لما ورد في برنامج رئيس الحكومة غيورغيفسكي، لنهجه غير الصائب، وتحدثه بحرارة العسكريين ومنطق استخدام القوة، وسنحدد موقفنا دائماً، بأننا مع السلام ضد الحرب والقتل، وأنه ينبغي حل مشكلة تعديل الدستور بالحوار، ليكون كل المواطنين سواسية". وختم بيان حزب الرفاه الألباني قائلاً: "عدنا الى الجلسة والحكومة، لنعطي فرصة للسلام، ولنؤكد، اذا كنتم المقدونيون فقط للحوار، فنحن هنا، وإذا واصلتم القتال، فإننا لا نستطيع البقاء معكم".وفي الوقت الذي كانت الضغوط الأوروبية والأميركية تشتد على النواب الألبان، فان الدبابات والمدافع والمروحيات القتالية، كانت استأنفت قصفاً مكثفاً على الكثير من القرى الألبانية التي يسيطر المقاتلون عليها قرب مدينة كومانوفو الشمالية، مدّعية انها ردّت على استفزاز قام به "الارهابيون" بمدافع الهاون، عندما كان رئيس الحكومة غيورغيفسكي يلقي كلمته.