صادق البرلمان المقدوني على التعديلات الدستورية التي تضمنها اتفاق السلام والتي توفر مزيداً من الحقوق القومية والسياسية للأقلية الألبانية، فيما لا تزال المشكلة المقدونية تمر بمصاعب قد تشكل عقبات أمام تنفيذ التعديلات. جاءت مصادقة البرلمان المقدوني على التعديلات الدستورية بغالبية 94 صوتاً اكثر من ثلثي الأعضاء بحسب متطلبات الدستور في مقابل معارضة 14 نائباً من بين 108 نواب حضروا عملية التصويت، من أصل 120 عضواً يتكوّن منهم البرلمان. وبلغ عدد هذه التعديلات 15 وردت في اتفاق السلام الذي تم إبرامه بين الأحزاب الرئيسية المقدونية والألبانية في 13 آب أغسطس الماضي، بوساطة أميركية وأوروبية. وأفادت المعلومات المتداولة ان رئيس البرلمان ستويان اندوف، تعمد ان تكون المصادقة في فترة 20 دقيقة فقط بعد منتصف ليل أول من أمس، تجنباً لقيام فئات معارضة بتظاهرات واحتجاجات. وتمت المصادقة البرلمانية اثر ضغوط شديدة من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الاطلسي، تعرض لها النواب الألبان اخيراً، كي يقبلوا بالتغيير الذي اجراه المقدونيون على قضيتين رئيسيتين في التعديلات تتعلقان بتأكيد الموقع المتميز للشعب السلافي المقدوني الذي يشكل غالبية السكان وديانته المسيحية الأرثوذكسية في مجالات دولة مقدونيا. وتجعل التعديلات اللغة الألبانية لغة رسمية ثانية الى جانب اللغة المقدونية الرسمية في كل البلاد، في مجالات محدودة ومناطق ذات الغالبية السكانية الألبانية، كما تزيد التعديلات من تمثيل الألبان في اجهزة الشرطة والأمن والمؤسسات العامة، اضافة الى شؤون ادارية واسعة في المناطق التي يشكل الألبان فيها غالبية السكان. وعلى رغم ان هذه المصادقة البرلمانية، أزاحت العقبة الأخيرة في طريق انهاء الأزمة المقدونية وحل المشكلات السياسية التي هددت اتفاق السلام من الناحية الرسمية، الا انه لا تزال توجد عقبات كثيرة أمام تنفيذ التعديلات لتحقيق أوضاع مستقرة، وتتعلق خصوصاً بوضع حد لتبادل اطلاق النار المستمر والناتج من وجود جماعات مسلحة البانية رافضة لاتفاق السلام برمته، لأنها تعتبره لا يرقى الى تلبية الحد الأدنى من مطالب الألبان. ويتوقع ان يجتمع البرلمان المقدوني اليوم السبت لإعلان تعديل الدستور المقدوني الصادر عام 1991، رسمياً، بحضور مسؤولين اميركيين وأوروبيين وأطلسيين. وأكد رئيس الحكومة المقدونية ليوبتشو غيورغيفسكي حرص "الحزب القومي المقدوني" الذي يتزعمه على "تنفيذ اتفاق السلام بما يضمن وحدة أراضي الدولة المقدونية وسيادتها وسلامتها". والى ذلك، رحب اربن جعفيري رئيس الحزب الديموقراطي الألباني بمصادقة البرلمان على التعديلات الدستورية، لكنه أكد على "وجوب تغيير العقليات وإصلاحها باتجاه تجنب نزاعات عرقية جديدة، لأنه من دون ذلك لن ينفتح الطريق امام الانهاء الكامل للمشكلات". وأعرب عن أمله في ان "يتحسن الوضع الأمني ويتمكن النازحون من العودة الى ديارهم". واللافت ان البرلمان صادق أول من أمس بغالبية 85 صوتاً ومعارضة 3 نواب ومقاطعة النواب الألبان، على اسقاط عضوية النائب الألباني حسني شاكيري عن الحزب الديموقراطي الألباني لانضمامه الى الحركة المسلحة الألبانية التي اندلعت في شباط فبراير الماضي. وبينما كان البرلمان يصادق على التعديلات، شهدت مناطق المواجهات في مدينتي تيتوفو شمال غربي وكومانوفو شمال وضواحيهما تبادلا لاطلاق النار بين القوات الحكومية ومسلحين ألبان. ونقل تلفزيون سكوبيا الرسمي امس عن مصادر حكومية، تحذيرها من سفر المقدونيين في الطرق الغربية المؤدية الى المدينتين غالبية سكانهما من الألبان تيتوفو وغوستيفار "لأسباب امنية، بسبب المخاطر التي لا تزال قائمة".