ما زال الانترنت بالنسبة الى السوريين بمثابة "احجية" تحتاج الى جهد لحل لغزها، اذ انه موجود وليس موجوداً في آن، متاح لفئة دون اخرى، وخدماته متوافرة جزئياً... ولكن يمكن الالتفاف على ذلك. اما المبرر الرسمي فهو محدودية سعة الشبكة الحالية، مما يلغي امكان استيعاب الأعداد الكبيرة الراغبة في الاشتراك، اضافة الى الاضطرار لحجب بعض الخدمات لأسباب تقنية واقتصادية، بحسب مصادر "المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية" المشرفة على الشبكة. وطالما أن "الحاجة ام الاختراع" حاول بعضهم اتاحة الفرصة امام عدد اكبر من المتحمسين للانترنت، للاتصال بالشبكة عبر افتتاح مقاهي انترنت. وعلى رغم وجود ثلاثة مراكز رسمية فقط، هناك عشرات المقاهي تنتشر ب"صورة خاصة"، وهي عبارة عن مكاتب صغيرة تحتوي عدداً من اجهزة الكومبيوتر، يتقاضى اصحابها نحو أربعة دولارات عن الساعة. وتنتشر هذه المراكز في شكل مكثف في منطقة الحلبوني قرب الجامعة وسط دمشق، وفي منطقة البحصة قرب "المركز الثقافي الفرنسي". والجديد اليوم هو تقديم "بيت جبري"، أحد البيوت الأثرية في دمشق، الذي حوّله اصحابه الى مطعم، خدمة الانترنت في احدى قاعاته. ويقول المسؤول عن المقهى: "افتتحنا الصالة منذ شهر، والاقبال ما زال ضعيفاً قياساً الى المراكز الاخرى، لكنه يزداد تدريجاً. نستقبل 8 - 10 زوار يومياً، هم غالباً الذين يترددون على الصالة باستمرار، لكننا نعاني البطء في الاتصال وعدم توفر بعض الخدمات". ويشكو مستخدمو الانترنت في سورية من اغلاق بعض المواقع والخدمات، مما يجعل الشبكة ناقصة. ويقول المهندس غطقان قنديل: "هناك عدد من الخدمات غير متوافرة عبر الانترنت السورية، ومعظم الأسباب اقتصادية او تقنية. وبالنسبة الى خدمات الانترنت في الاتصالات الهاتفية والفاكس، تتولى المؤسسة حجبها لأسباب اقتصادية بحتة، تتمثل بانخفاض كلفة الاتصال عبر الانترنت مقارنة بالهاتف العادي، مما يؤدي الى خسارة المؤسسة مورداً اساسياً من مواردها. أما اغلاق مواقع الدردشة تشات فيعزى الى أسباب تقنية، تتمثل بمحدودية استيعاب الشبكة، فالمتصل بهذه المواقع يبقى مرتبطاً بها لساعات، مما يؤدي الى الازدحام". لكن مستخدمي الانترنت في سورية يستطيعون الوصول الى معظم المواقع المحجوبة بطريقة مبتكرة، ويقول احدهم: "استطيع الدخول الى مواقع تشات عبر الاتصال بأحد المواقع الاجنبية". وتجرى استعدادات لانشاء شركة مشتركة لتقديم خدمة الانترنت في سورية برأسمال مبدئي مقداره 13 مليون دولار، تساهم "المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية" الحكومية بنسبة 25 في المئة منها، عبر المشاركة في البنى التحتية والكابلات والأبنية. وتختار الدولة الآن الشركات الخاصة التي ستساهم ب75 في المئة، ويقدر عددها نحو 30 شركة محلية واجنبية. وذكرت مصادر "المؤسسة" ان الشركة ستؤمن خدمة الانترنت لحوالى خمسين الف مشترك، يرتفع عددهم لاحقاً الى مئتي الف. واشارت الى ان هذا المشروع سيكون جاهزاً هذه السنة، وسيتم اختيار نحو خمسين من الشركات المحلية ذات الكفاءة التقنية المميزة. واضافت: "سيؤدي توسيع طاقة الاستيعاب الى زيادة الخدمات المقدمة" . ويعاني المشروع الحالي للانترنت الذي يستوعب أربعة آلاف مشترك، البطء الشديد، نتيجة الطلب المتزايد، فيضطر المشترك للانتظار ساعات لتأمين اتصاله، مما دفع معظم الشركات ورجال الأعمال الى دخول الشبكة عبر لبنان والاردن، أو عن طريق الاتصال المباشر عبر الأقمار الاصطناعية، على رغم الكلفة المادية المرتفعة. ويشترك السوريون في الأقمار الاصطناعية مثل "يوتل سات"، عبر مكاتب الشركات في لبنان أو عبر وكلائها في سورية، ويصل عددهم الى 20 مشتركاً فقط نظراً الى ارتفاع التكاليف. ويقول أحد رجال الأعمال: "توجد طريقة جديدة للاشتراك في الانترنت عبر الأقمار الاصطناعية مباشرة من دون التعرض لقطع الاتصال، في حال تم مع الشبكة اللبنانية". وعلى رغم ارتفاع كلفة الاشتراك التي تصل الى 5200 دولار شهرياً، إلا ان المضطرين يرتبطون بها، خصوصاً العاملين في مجال البورصة، التي تتطلب اتصالاً من دون انقطاع، وبسرعة لا تؤمّنها خدمة المؤسسة حالياً.