يصف الرقيب السوري تعامله مع خدمة الانترنت التي دخلت البلاد حديثاً ب"التفهم والمرونة". يتضح ذلك بانخفاض المواقع المحجوبة التي لا تتجاوز بضعة عشر موقعاً في غالبيتها مواضيع إباحية ومواقع اسرائيلية. وعلى رغم امكان مراقبة المعلومات المتوافرة على الشبكة وحجبها عبر تجهيزات معينة تُركّب في مقر العقدة الرئيسية لخدمة الانترنت، فإن الجهات المسؤولة ترى في الحجب "اجراءً قاسياً يجب عدم اتباعه الا بما ينسجم مع حجم الممارسة السيئة"، خصوصاً ان خطر "الممارسات السيئة" في الشبكة اقل منه في وسائل الاتصال الاخرى. تمارس "المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية" مهمة الرقيب على الشبكة التجريبية، عن طريق لجنة من الفنيين تعمل لحجب المواقع غير المرغوب فيها. اما آلية عملها فتتم عن طريق درس طلبات الوزارات والسفارات والجهات الامنية لاغلاق المواقع التي ترى انها مسيئة بطريقة او بأخرى. ويغلق فريق المؤسسة الموقع بعد التأكد من مدى ضرره سياسياً او اخلاقياً، وتشمل المواقع المحجوبة "معلومات سياسية مسيئة ومواضيع اباحية، والاتصال بمراكز او دول غير مرغوب فيها". يقول المسؤول عن الشبكة التجريبية للانترنت المهندس غطفان قنديل: "نحاول عدم اغلاق اي موقع الا بعد التأكد من ان ضرره اكثر من 80 في المئة، ولا نستطيع ان نغلق كل المواقع المسيئة خصوصا اذا كانت تحوي جوانب اخرى مفيدة". ويضيف ان "اكثر من 60 في المئة من المواقع المغلقة مسيئة اخلاقياً و40 في المئة سياسية مثل مواقع اسرائيل. ونعاود باستمرار النظر في المواقع المغلقة". اما المواقع الإباحية المغلقة فمعظمها تلك المعلنة عناوينها في القنوات الفضائية، اضافة الى المواقع التي يبلغ عنها المشتركون خصوصاً السفارات التي تطلب احياناً اغلاق موقع يكون معروفاً لديها بأنه للقرصنة. يقول المهندس قنديل: "خطر الانترنت اقل من مثيلاتها الموجودة في اشرطة الفيديو والمجلات او اجهزة الاستقبال للقنوات الفضائىة، واستخدام الهاتف العادي او الفاكس، لذلك نحاول ابقاء الحجب ضمن اقل مقدار ممكن". اما اغلاق البريد الالكتروني المجاني على الانترنت فيعود الى رغبة المؤسسة في تنشيط البريد السوري، الذي تتقاضى عنه دولاراً للدقيقة. ويشير قنديل الى ان المؤسسة "تحجب هذا البريد على المواقع المعروفة مثل "ياهو" و"هات ميل" لأسباب اقتصادية، خصوصاً ان سورية بنت شبكة "اي ميل" محلية وخارجية، يتم الاشتراك فيها بصورة منفصلة عن خدمة الانترنت". وكان المشروع التجريبي للانترنت بدأ ب520 مشتركاً فقط، وشمل المؤسسات الحكومية نهاية عام 1996 ثم وسّعت الشبكة العام الماضي لتشمل اربعة آلاف مشترك. وهي تعاني الآن ضعف الامكانات، ويؤدي الطلب المتزايد على الخدمة الى بطء شديد، فيضطر المشترك للانتظار ساعات لتأمين اتصاله مما يضطر معظم الشركات ورجال الاعمال الى دخول الشبكة عن طريق لبنان او الاردن، وتشير الارقام الى ان عدد المشتركين في الانترنت عبر لبنان يصل الآن الى حوالى 30 ألفاً. واحالت "المؤسسة العامة للاتصالات" اخيراً على رئاسة مجلس الوزراء مشروعاً لانشاء شركة مساهمة، تهتم باحداث البنية التحتية لخدمة الانترنت، وتطرح اسهمها للتداول برأس مال مبدئي مقداره نحو 13 مليون دولار. ويوضح قنديل ان "مساهمة المؤسسة العامة في الشركة المقترحة تبلغ نحو 25 في المئة، عبر مشاركتها في البنى التحتية والكابلات والابنية. اما النسبة المتبقية فتخصص للقطاع الخاص، وتعطي افضلية الاشتراك للشركات العالمية". ويتوقع ان يبدأ هذا المشروع العام المقبل، ويستمر نحو خمس سنوات بأجور منخفضة جداً، موازية لأجور الاتصالات المحلية. ويؤكد قنديل ان "الشركة ستؤمن في البداية خدمة الانترنت لحوالى خمسين الف مشترك وسيصل العدد لاحقاً الى مئتي الف".