منذ شروعها في حجب التسجيلات الموسيقية المحفوظة الحقوق، تنفيذاً لقرار المحكمة الأخير، تناقص عدد مستخدمي نظام "نابستر"، ثم عاد ليرتفع، في أواخر آذار مارس الماضي، بينما يستمرّ معدّل تداول التسجيلات، مجاناً، على حاله، في كل أنحاء الشبكة. واستؤنفت معركة شدّ الحبال بين شركة "نابستر" و"الجمعية الأميركية لصناعة التسجيلات الموسيقية"، RIAA، بحجة أن الأولى لم تنفّذ قرار الحجب كما يجب. وفيها ظهر مدى تشدّد الثانية حيال مقايضة المؤلفات الموسيقية، ما يُنذر بدنو أجَلِ التداول المجّاني، أو "السرقة". يُذكر أن الذين تخلّوا عن "نابستر"، لجأوا إلى شبكات بديلة لمقايضة ملفات الموسيقى، منها "بير شير"، و"ميوزيك سيتي" للموسيقى والفيديو والبرامج المقرصنة، و"لايْم واير". ومن الذين بقوا مواظبين عليه، من استطاع الالتفاف على قرار الحظر بكتابة أسماء الفرق أو المغنّين أو الأغاني في شكل مغلوط، وعلى سبيل المثال: etallicaMay بدلاً من Metallica أو Beautiful d-day بدلاً من Beautiful Day. فبهذه الطريقة، تمكّنوا من تجاوز نظام حجب المؤلفات المحفوظة الحقوق، الذي صمّمته شركة "نابستر" على أساس لوائح أسماء وعناوين بعضها مغلوط أصلاً، على حد قول رئيسها. لكن هذا النظام، على ما يبدو، لا يستطيع تفريق عبارات البحث المغلوطة عن تلك الصحيحة، فيأتي بالنتائج الأقرب إلى العبارة المطلوبة، فينال المستخدم مبتغاه. ويبقى عليه استخدام أنسب الوسائل لسماعها. ومنها، على سبيل المثال، الكومبيوتر المكتبي أو المحمول، حيث تقبع المواد المنزّلة، أو تسجيلها على أقراص ليزر وسماعها على مسجّلة، أو نسخها مباشرة على مسجّلات صغيرة نقّالة خاصة بنسق "أم بي ثري" MP3. والمعروف أن نجاح هذا النسق، الشعبي والرائج في الإنترنت، يأتي من قدرته على ضغط البيانات بمعدّل كبير جداً، مع قدرته على استعادة جودة الصوت. وهكذا، تحتل مقطوعة موسيقية، مدّتها خمس دقائق، نحو 50 ميغابايت على قرص ليزر، في حين لا يتعدّى حجمها 5 ميغابايت عند ضغطها بنسق "أم بي ثري"، مع جودة صوت عالية. ويستطيع المستخدم، إذاً، تخزين عدد كبير من الأعمال الموسيقية والأغاني في القرص الثابت في جهازه، ثم إعداد منوّعات على مزاجه، ونقلها لاحقاً إلى مسجّلة "أم بي ثري" نقّالة. ومن هذه المسجّلات، نذكر الأنواع التالية: NW-E3 من "سوني"، YEPP' من "سامسونغ"، MM-VX200 من "آيوا"، MP3000 من "تيياكْ"، وRio 600 من "ريو". وخضعت تلك الأجهزة عموماً، لتحسينات كثيرة، تتعلّق بجودة الصوت، واستهلاك الطاقة عمر البطارية، وبالتالي، مدّة اشتغالها. فباتت جودة الصوت في بعض الأجهزة عالية جداً، وأضيفت أدوات لضبطها. وثمة أجهزة تعمل مدة 6 ساعات إلى 12 على بطارية واحدة 5،1 فولت. إلا أن التقصير ما زال قائماً في مجال سعة التخزين، إذ تراوح سعات هذه المسجّلات بين 32 ميغابايت و64، أي نحو ساعة واحدة فقط من التسجيلات. ومن هذه الأجهزة ما يتّسع لذاكرة أو وسيلة تخزين إضافية. أما السيئة الكبرى ففي أسعارها المرتفعة التي تتفاوت بين 200 دولار أميركي و500، وقد تصل إلى 750 دولاراً. إلى ذلك، ثمة نواقص أخرى تتعلّق بمعدّل نقل المواد، وواجهة الاستعمال، ومزايا إعداد لوائح التسجيلات، وبالاتصال مباشرة بالمواقع التي تتوافر فيها الأعمال الموسيقية لإنزالها. ويرى خبراء ومحلّلون أن ميزة الاتصال المباشر بالإنترنت، تستدعي وجود وسيلة للكتابة لوحة أحرف، أو ما يشبهها، وكذلك وجود مودم فاعل لتقليص مدّة الاتصال ووقت عمليات الإنزال، وبالتالي، التكاليف. وقد يعزّز سدّ هذه الثغر وضع تلك المسجّلات، ولكن على حساب تكبير حجمها وتحسين تكنولوجيتها، ما يؤدّي إلى رفع أسعارها، على عكس ما يحصل عادة لأسعار الأجهزة والمعدات الإلكترونية الأخرى. فالحسنة الوحيدة تكمن في تقنية "أم بي ثري" نفسها، أي بالنسبة العالية لضغط المواد المسموعة، وبوفائها لجودة الصوت الأصلي. أما سعة المسجّلات فلا تزال أقل من سعة قرص ليزر أو حتى شريط مغناطيسي عادي. وهذان أقل ثمناً من بطاقات التخزين المعتمدة في مسجلات "أم بي ثري". وأي تعديل في حجم المسجّلة نفسها وأدواتها قد يدفع الصانعين إلى إضافة مزايا جديدة عليها، فتفقد خصوصيتها لتتعدّد استعمالاتها. من هنا، قد يكون من الأوفى نقل المزايا الحسنة للمسجّلة إلى كومبيوترات اليد وأجهزة اليد الأخرى، وإلى الهواتفش النقّالة. فهذه الأخيرة منتشرة جداً وأسعار أجهزة اليد. من هنا، يمكن القول إن المستهلك يدفع، مرة أخرى، ثمن تطوير وسيلة تكنولوجية قد لا تعود نافعة بعد حين.