بيروت - "الحياة" نقلت مصادر مقربة من رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري عنه امس ان العلاقة بينه وبين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط لن تبلغ مرحلة التأزم على رغم الفتور الذي تمر فيه بسبب رد التقدمي على الأول لتناوله موقف "الحركة الوطنية" والحزب من ضمنها، إبان الحرب في لبنان. وقال بري أمام زواره إنه لن يدخل في سجال مباشر أو غير مباشر مع جنبلاط أو التقدمي، "لأن الظروف الراهنة لا تسمح بإثارة الحساسيات أو الانجرار وراء تبادل الحملات التي لا تخدم تهدئة الوضع وتنفيس اجواء الاحتقان السائدة". ونسبت المصادر الى بري أن "للجميع مصلحة في استيعاب الحزب التقدمي، إذ يختلف موقفه عن الآخرين الذين تتعارض مصالحهم مع قيام حوار يكون جنبلاط أحد أبرز المشاركين فيه". وأكدت أن بري "يراهن على الاتصالات الجارية على أكثر من صعيد لتطبيع العلاقة بين جنبلاط من جهة ورئيس الجمهورية اميل لحود ودمشق من جهة ثانية، وأن رئيس المجلس نصح ولا يزال بخطوات لتقريب المواقف لأن لا مصلحة في أن نكون ورئيس التقدمي في موقع مختلف". وعلى هذا الصعيد، قالت مصادر وزارية ل"الحياة" إن ثمة جهات لجأت خلال الأيام الماضية الى التشويش على الاتصالات الجارية بهدف تهدئة الأجواء تمهيداً لمعاودة التواصل بين جنبلاط ورئيس الجمهورية والقيادة السورية. وقالت "إن ثمة من لا مصلحة له في الجهود المبذولة في هذا المجال، وهو يحاول استباق الاتصالات، فيسارع الى تحديد مواعيد لزيارة جنبلاط لرئيس الجمهورية، للإيحاء بأن الاتصالات وصلت الى طريق مسدودة، وأن الجهود تصطدم برفض من هنا وآخر من هناك". ولفتت هذه الأوساط الى تسريب أجواء سلبية عن اللقاء الذي عقد اول من امس بين رئيس الحكومة رفيق الحريري وجنبلاط، في حضور الوزيرين مروان حمادة وغازي العريضي، خلافاً للأجواء التي سادته وللموقف الذي صدر عن رئيس التقدمي. واعتبرت ان هذا التسريب هدف الى تحوير تصريحات رئيس التقدمي، ما اقتضى إجراء اتصالات لنفي هذا التحوير وانعكاساته على الاتصالات الجارية. من جهة أخرى، تتواصل اللقاءات على غير صعيد للبحث في سبل تنفيس الاحتقان السياسي في البلد، وعقد في هذا الإطار لقاء بدعوة من النائب ميشال المر، حضره بري وشخصيات منها الوزراء بيار حلو والياس المر، ومحمد بيضون وسيبوه هوفنانيان والنواب أسعد حردان وغسان الأشقر وسمير عازار وأنطوان حداد ونادر سكر وميخائيل الضاهر. وقالت مصادر المجتمعين إن الحوار شدد على رفض اجواء الاحتقان السائدة ودعوا الى العمل من اجل تنفيسها، لإطلاق حوار هادئ يتجاوز الحملات التي يقودها البعض ضد الوجود العسكري السوري في لبنان، الى القضايا التي يمكن ان تسهم في الحفاظ على الاستقرار السياسي ومواجهة المحاولات الهادفة الى إشاعة اجواء غير مريحة شبيهة بتلك التي سادت عشية الحرب. إلى ذلك، دعا اتحاد الرابطات اللبنانية المسيحية الدولة الى "رعاية الحوار الضروري في هذه المرحلة الدقيقة، لا الاكتفاء بتأمين المناخات الحوارية". وشدد رئيس الرابطة المارونية حارس شهاب باسم الاتحاد، بعد لقائه بري على ضرورة تكثيف التشاور في هذه المرحلة لأن المواضيع المطروحة على دقتها وتشعبها لا يمكن ان تفسر الأجواء المشحونة والأليمة التي كنا بدأنا نعتاد غيرها ولا يمكن ان تفسر الشحن الطائفي واللعب بالنار، إذ لا بد من ان ينسحب سلباً على الذين يحاولون القيام به". واعتبر شهاب "أن الوضع الراهن ليس طبيعياً، كمن يسير وسط الألغام". ورأى "أن المطلوب اليوم حوار وطني شامل وعقلاني وبعيد من الحدة والعنف". ونفى أن يكون بري حمّله اي رسالة الى البطريرك الماروني نصر الله صفير. وعلق شهاب على دعوة رئيس المجلس الى سحب موضوع الوجود السوري من التداول، قائلاً: "أتفهم هذا الأمر إذا كان السحب من التداول في الشارع، أما السحب من التداول حتى في المجالس الضيقة فأمر لا أؤمن به شخصياً، لأن الموضوع يتعلق بالعلاقات اللبنانية - السورية، لا بالوجود السوري". وأضاف "موضوع العلاقات يهم كل اللبنانيين على تضارب آرائهم، وقد رأينا أن لفئة منهم نظرة معينة، والأخرى نظرة مختلفة. وقال: "لو لم يوجد اختلاف في وجهات النظر لما كانت ثمة حاجة الى الحوار، والاختلاف لا يفسد في ود العيش المشترك قضية، شرط ان نجلس معاً ونتكلم على هذه المواضيع".