سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لبنان : الحشود الضخمة والمواقف المعلنة تحول ذكرى عاشوراء تظاهرة سياسية . نصرالله : الوجود السوري أكثر من حاجة اقليمية وداخلية والتشكيك في السيادة ضربة لمناخ الاستثمار والرهان على أميركا خاسر
غلب الموقف السياسي على احتفالات الطائفة الشيعية الدينية في لبنان بذكرى عاشوراء، وعلى مجالس العزاء التقليدية، في اليوم العاشر لهذه الاحتفالات الذي انتهى بتصاعد السجال الداخلي على الموقف من الوجود العسكري السوري. وعززت الحشود الضخمة التي حضرت المناسبة هذا العام والخطاب السياسي الذي ختم هذه الاحتفالات، تحولها تظاهرة سياسية، وسط تدابير أمنية مشددة اتخذها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وعناصر من "حزب الله"، خصوصاً في الضاحية الجنوبية للعاصمة حيث ألقى الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله كلمة للمناسبة استمرت زهاء ساعة. واكتظت ضاحية بيروت، حيث أقيم احتفال مركزي، دعا اليه "حزب الله" بالحشود والمسيرات التي ارتفعت خلالها اللافتات السود، منددة بالولاياتالمتحدة الأميركية وإسرائيل. وتوسّط ساحة محلة الصفير مجسم كبير للمسجد الأقصى وتدلى علم فلسطين على طول أحد الأبنية المحيطة بالساحة، تضامناً مع انتفاضة الشعب الفلسطيني. ولفت الأنظار في مسيرات "حزب الله" امتناع الجموع عن الضرب على الرأس بتعميم من الحزب. ولم تتسع الساحة للجموع التي توزعت في الشوارع المحيطة بها وعلى مسافة كيلومترات، كذلك على شرفات الأبنية بعدما كانت انطلقت من الجوامع والحسينيات. وقدرت مصادر متعددة الحشود بحوالى 300 ألف شخص. وأقيمت احتفالات في منطقتي البسطة وزقاق البلاط، وفي العاملية في بيروت حيث أقامت الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية احتفالاً حاشداً تحدث فيه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان، وكذلك في النبطية وبعلبك التي شهدت احتفالين: واحد ل"حزب الله" وآخر لأنصار الشيخ صبحي الطفيلي الذي غاب عنه وألقيت باسمه كلمة. نصرالله ففي الضاحية الجنوبية، حيث الاحتفال الأضخم، تحدث السيد حسن نصرالله، فأشار الى "اصوات لبنانيين ارتفعت بعد أيام قليلة على عرس الانتصار التاريخي الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، مطالبة بخروج القوات السورية وانهاء وجودها، وطارحة الموضوع قضيةً مركزية لبنانية تدور عليها مواقف ولقاءات كثيرة داخل لبنان وخارجه". وقال: "باسم المجتمعين هنا في الضاحية الجنوبية وفي بيروت الغربية والبقاع الغربي وبعلبك والهرمل وصور والنبطية وبنت جبيل وبقية المناطق، علماً أننا لسنا في حاجة الى طرح الأعداد الآن، سأمارس نيابة عن المحتشدين، الحق الشرعي في التعبير عن رأينا وتوجيه أسئلة الى لبنانيين آخرين يخالفوننا الرأي ويتحركون في اتجاه آخر، حرصاً على كل اللبنانيين وكجزء منهم، لأن من واجبنا ان نتصارح ونتناصح في ما يعني بلدنا، وان نعلن موقفنا من هذا الموضوع صراحة، فنحن نصر على كل اللبنانيين الذين يتعاطون هذا الملف ان يبتعدوا عن كل أشكال الشتائم والسباب وأساليبها ولغتها في حق بعضهم بعضاً رداً على المواقف المتطرفة التي تناولت البطريرك الماروني نصرالله صفير، فهذا لا يعالج الموقف ولا يداوي الجرح". وأكد ان "من حق كل لبناني ان يقول ما عنده ويعبر عن رأيه صراحة لكن واذا كنا نريد مصلحتنا الوطنية ونتحرك من خلال حرصنا الوطني يجب ان نبتعد عن هذه اللغة". وأضاف: "الكل يعرف ان سورية ومن خلال وجودها المباشر في لبنان أوقفت الحرب الأهلية ونزيف الدم والاقتتال المدمر بين الطوائف وفي داخلها، وحققت أمناً واستقراراً داخلياً ودفعت الأمور في اتجاه سلم أهلي ما زال صامداً حتى الآن، وساعدت على بناء مؤسسات الدولة المفككة والممزقة والضائعة، وأصبح لنا جيش واحد وحكومة واحدة"، سائلاً: "كيف يمكن لبنانياً منصفاً ان ينسى وقفة الراحل الكبير حافظ الاسد وسورية في مواجهة الحروب الصهيونية في تموز يوليو 1993 ونيسان أبريل 1996، الى ان كان الانتصار والتحرير". ورأى ان "قضية الوجود العسكري السوري طرحت بقوة على انها مطلب وطني، وان الذي يطالب بخروجها انما يتحدث باسم اللبنانيين جميعاً. هذا ليس صحيحاً ولن استخدم عبارات غير مناسبة". وأكد ان "مَن يطالب بذلك انما يطالب باسمه وباسم من يؤيده. نحن هنا، فئةً وتياراً كبيراً ومعنا غالبية اللبنانيين، لنا رأي آخر ووجهة نظر أخرى". وسأل: "لماذا كان قتال العدو الصهيوني المعتدي يحتاج الى اجماع وطني فيما المطالبة باخراج الصديق والمساند والمدافع، أي الجيش السوري، لا يحتاج الى اجماع وطني؟ وكيف يمكن فئة لبنانية أو زعيماً دينياً لبنانياً أو زعيماً سياسياً أن يتخذ موقفاً ويطرحه كموقف وطني ولماذا؟ ولماذا هذا الاصرار على ان يعود الى لبنان آلاف العملاء الذين لم يسلموا انفسهم الى القضاء اللبناني؟ ولماذا ترتفع الاصوات وتصبح عودة العملاء واعطاؤهم ضمانات والمطالبة بالعفو عن المسجونين منهم، قضية انسانية وطنية؟ من قتلنا واعتقلنا وقصفنا وارتكب المجازر من اللبنانيين العملاء، يجب ان يعود الى لبنان وان يعفى عنه، أما السوريون الذين قاتلوا معنا ودافعوا عنا وحمونا وكانوا الى جانبنا يجب ان يحاكموا ويوضعوا في دائرة الشبهات والاتهام! أي انسان لديه عقل يمكن ان يتخذ موقفاً من هذا النوع؟ ولماذا عندما تحصل عملية في مزارع شبعا تقوم قيامة هذه الأصوات لتقول إن المقاومة تريد ان تدمر المناخ الاستثماري في لبنان وتعطل النهوض الاقتصادي؟". واعتبر انهم "مخطئون، فالمقاومة من أهم شروط تأمين المناخ الاستثماري في لبنان وقيام نهوض اقتصادي، لانها اوجدت عند الحدود توازن رعب مع هذا العدو. فلم يعد قصف البنى التحتية والاخلال بالأمن نزهة أو عملاً بسيطاً". وسأل: "أليست اثارة قضية من هذا النوع تؤدي الى انشقاق بين اللبنانيين وخلاف بينهم؟ أوليس التشكيك في كل شيء في لبنان، في السيادة والاستقلال والأمن والاستقرار والحريات، ضربة قاصمة لمناخ الاستثمار؟". وقال: "نقف في حيرة عندما يستهدف بعض اللبنانيين منذ بداية التحرير أهم عناصر القوة في لبنان، أي المقاومة ووجود القوات السورية التي يطالبون باخراجها، وكذلك الالتزام الوطني لجيشنا الذي يسعى البعض الى زجه في لعبة الخط الأحمر المطالبة بارساله الى الجنوب بدافع ومطالبة علنية من الولاياتالمتحدة الاميركية واسرائيل، وصولاً الى الطعن المستمر من البعض برئيس الجمهورية اميل لحود الذي كان ولا يزال، وهو رأس للدولة، من أهم عناصر قوة الموقف في الدفاع عن لبنان ومواجهة التهديدات الصهيونية سابقاً وراهناً". وأعلن "باسم كل هذه الحشود، ان الوجود السوري في لبنان أكثر من حاجة اقليمة وداخلية للبنان. وواجب قومي على سورية ان تؤديه لأن أوضاعنا الداخلية تتردى في سرعة عندما تطرح أي مسألة خلافية وتبرز الى العلن كل الحساسيات والعداوات القديمة ومصطلحات الحرب الأهلية، ما يؤكد اننا ما زلنا في حاجة الى المساعدة والمؤازرة السورية لجيشنا ولأجهزة الدولة، ولا يجوز ان نغامر ويقول احدهم ليخرج السوريون ولا مشكلة في البلد، ولا يجوز ان نجرب، لأن بلدنا لم يعد يحتمل مغامرات وتجارب قاسية خصوصاً ان الكثيرين من المغامرين ما زالوا موجودين في الساحة". وأضاف: "لو ارادت القيادة السورية ان تخرج قواتها من لبنان، فسنقف ونقول لها انت مخطئة وتقومين بعمل ليس من مصلحة لبنان، لا في الاعتبار المحلي ولا في الاعتبار الاقليمي. انت تتخلفين عن اداء واجب قومي وستتحملين مسؤولية هذا التخلف". وتوجه الى المسيحيين قائلاً: "نحن حرصاء على عيشنا المشترك ومتمسكون به، وهذا البلد لنا جميعاً ونريد ان نعمل معاً ونبحث معاً في خلاصنا الوطني، ولكن لنستفد من كل تجاربنا ورهاناتنا السابقة. كل الذين راهنوا على اسرائيل خسروا. واليوم أي رهان على اميركا وعلى الغرب خاسر. فهؤلاء لا يرون في المنطقة الا اسرائيل". ودعا اللبنانيين جميعاًً الى "قراءة كل المتغيرات والتطورات في المنطقة جيداً وبواقعية، واختيار الطريق التي تعطي وطننا القوة والوحدة، لأن السيادة والاستقلال نصيب الأقوياء الموحدين لا نصيب الضعفاء الممزقين المشتتين". وناشد الجميع طي ملف الوجود السوري "حتى اشعار آخر، ومصارحة بعضنا بعضاً، وليتحمل كل واحد منا مسؤوليته عما فعله من صواب أو خطأ، فلا نلقي بكل اخطائنا على سورية، ولنعمل في شجاعة لمواجهة كل الاخطاء في الداخل، من دون ان يختبئ أحد منا خلف هذا الصديق أو ذاك". وجدد نصرالله تأكيده "قرار استمرار المقاومة المسلحة لتحرير بقية أرضنا المحتلة. والعدو في هذه الأيام ينتظرنا في مزارع شبعا في أعلى درجات استنفاره"، مؤكداً "الجهوزية الدائمة للمقاومة". وأشار الى ان "في يد "حزب الله" الامكان لاستعادة الأسرى، وان صبر الصهاينة سينفد في نهاية المطاف، وانهم سيخضعون ليعطوا المقاومة الثمن الانساني الذي تريده لانجاز عملية التبادل، وستفرح العائلات الفلسطينية والعربية والايرانية عندما تشاهد ابناءها وازواجها واخوانها قد عادوا اليها من دون منة من أحد". وتحدث عن تواصل الانتفاضة في فلسطينالمحتلة، معتبراً أن اتخاذها "شكل المقاومة المسلحة تطور كبير ومهم واستراتيجي، وخيار صحيح يجب ان يأخذ وقته، ونهايته ستكون الانتصار الحتمي". واعتبر ان "المحاولات الصهيونية لقتل الكوادر واغتيال القادة وعمليات القصف والحصار لا تأتي بجديد، وتجربتنا علمتنا ان الخضوع والتراجع أمام الضغط العسكري الاسرائيلي سيزيد من الاقتناع بأنه مفيد، أما عندما لا نتراجع ونكمل طريقنا فنُقتَل ونقتل، وسيتأكد العدو الصهيوني ان وسيلته لن تجديه نفعاً وان عليه ان يتراجع". ودعا طلاب الجامعات العربية الى "النزول الى الشارع وتحريكه مجدداً والى الوقوف الى جانب هذا الشعب الذي يتعرض للضغط العسكري في الميدان وللضغط السياسي ليتخلى عن خيار المقاومة ويعود الى خيار المساومة". وطالب الحكومات العربية وشعوبها ب"ان نُخرج من حساباتنا أي رهانات على الادارة الأميركية الجديدة لأنها صهيونية بالمقدار الكافي"، مشيراً الى "استخدامها الفيتو لمنع أبسط أشكال حماية المدنيين الفلسطينيين، وضغطها على الحكومات العربية ونكء الجراح قبل قمة عمان، وأعلانها مساندة آرييل شارون وتنديدها بالفلسطينيين الذين يدافعون عن أرضهم". وأضاف: "يجب ان نعرف جميعاً في هذه الأمة ان الحل هنا في بندقية المقاومة وحجارة المنتفضين لا في قصور واشنطن التي لا تخجل من تبنّي أبشع جزار وأكبر مرتكب لجرائم الحرب، شارون، وهي التي تحيي اعتقال الرئيس الصربي السابق" سلوبودان ميلوشيفيتش. وأكد مواصلة الحزب دعم الانتفاضة "بكل ما تمليه علينا مسؤوليتنا الشرعية وتكليفنا الالهي، وفي أي حين". وأشار الى "المأساة الانسانية التي يعيشها الفلسطينيون في مخيمات لبنان تحت عين الدولة والشعب اللبناني وهي لا يجوز ان تستمر". وقال: "ما هكذا يتعاطى الأخ مع أخيه"، مطالباً ب"اخذ الاجراءات القانونية والادارية اللازمة لمعالجة هذا الوضع اللاانساني الذي تعيشه المخيمات، واعادة النظر في استثناء الفلسطينيين من حق التملك بعيداً من عقدة التوطين، لأن الفلسطينيين لا يريدون البقاء هنا ولأن اللبنانيين جميعاً، المسلمون منهم قبل المسيحيين، يرفضونه". احتفالات أخرى وفي احتفال العاملية، شدد الشيخ عبدالأمير قبلان على الوحدة الوطنية كشرط أساسي لقيام حياة سلمية في لبنان. وقال: "ان هذا الأمر واجب على كل اللبنانيين"، داعياً الى "رفض كل اشكال التمييز الطائفي او المناطقي". ودعا السيد محمد حسين فضل الله الى "الوقوف مع القضية الفلسطينية بعيداً من كل ذهنية طائفية ومع الانتفاضة التي تمثل حركة التحرير لهذه الأرض المقدسة التي دنسها اليهود"، معتبراً ان "الانتفاضة اذا سقطت وسيطر اليهود على فلسطين فستدخل المنطقة في فتن وصراعات كثيرة تصب في خدمة اسرائيل وأميركا". وأضاف: "علينا الوقوف مع المقاومة الاسلامية لتحرير بقية الأرض، ونندد بكل الطروحات الأميركية التي تتحدث عن نشر الجيش اللبناني في الجنوب رفضاً للشروط الأميركية والاسرائيلية". ودعا الى "العمل لمواجهة كل الأوضاع القلقة في البلد، اذ هناك كثير من الشعارات والاحقاد ومن يتحدث عن عودة الحرب والفتنة"، مؤكداً ان "الحرب لن تعود الى لبنان مهما طبل المطبلون وزمر المزمرون وتحركت الكلمات الانفعالية والحادة، لأن الحرب انطلقت تاريخاً من قرارات دولية لا محلية ولأن لا مصلحة الآن لأي دولة في عودة الحرب". وطمأن الى "ان الأزمات السياسية مهما اشتدت وتنوعت اللغات العنيفة لن تنتج حرباً، ونقول للمسؤولين: لسنا ضدّ التعبير عن الرأي في أي قضية كمسألة الوجود السوري أو غيره، ولكن لا بد من ان نجد الزمن الذي نتحدث فيه، لأن بعض الازمنة تكون ملتهبة فتزيد الحديث التهاباً. وعلينا ان نختار كلماتنا واساليبنا لأننا لسنا في حاجة الى انتاج الطائفية من جديد". وأضاف: "اذا كان اللبنانيون منقسمين على هذه القضية، فعلينا معرفة كيف ندير الحوار بطريقة سياسية لا تثير التعقيدات الطائفية"، مطالباً الجميع ب"التحرك لانقاذ البلد من الأزمة الاقتصادية قبل الوصول الى الكارثة". ونقلت وكالة "رويترز" عن الشيخ صبحي الطفيلي تحميله الحكومة الحالية "مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان"، داعياً الى "اسقاطها". وقال: "ان الأزمة السياسية والاقتصادية لا يمكن ان يعالجها مسببوها ولا يمكن ان يكون حاميها حراميها. لذا يجب ان يطرد هؤلاء أولاً من السلطة، وقبل أي اجراء آخر، لأننا لا نأمن على ما تبقى في خزائن الدولة من أموال، وعلى ما سيباع من الاملاك العامة من النهب". وفي النبطية تم تشخيص موقعة كربلاء، وحز كثر رؤوسهم وضربوها بأيديهم لتسيل الدماء، على رغم الفتاوى الصادرة بتحريمها. وفي بلدة الخيام الحدودية حصل عراك بالأيدي والعصي بين أنصار "حزب الله" و"حركة أمل" بسبب رفض الحزب حز الرؤوس والضرب بالجنازير، ما استدعى تدخل القوى الأمنية.