أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان رئىس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري ان لا خلفية سياسية لقرار خفض عدد قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوبلبنان الى 4500 عنصر، وان السبب يعود الى الظروف المالية التي تمر بها الأممالمتحدة. ودعا انان، لبنان واسرائىل الى احترام الخط الازرق لتأمين الاستقرار والهدوء على الحدود، نافياً بحسب معلومات "الحياة" ما كان تسرب عبر احدى الوكالات الأجنبية ان المحادثات التي اجراها مساعده تيري رود لارسن في دمشق لم تكن ناجحة، مؤكداً انها ايجابية وجدية وبناءة. ووصفت مصادر الأممالمتحدة الكلام على عدم نجاح المحادثات بأنه "تهويل". وكان الحريري، يرافقه رئىس البعثة اللبنانية لدى الأممالمتحدة السفير سليم تدمري التقى أنان في منزله في نيويورك مطولاً في حضور ممثل الأمين العام في جنوبلبنان ستافان دوميستورا. وجاء الاجتماع بناء لطلب انان وقبل 48 ساعة على الموعد المحدد له، لرفع تقريره الى مجلس الأمن الدولي بخصوص عمل قوات الطوارئ في الجنوب منذ شباط فبراير الماضي حتى اليوم والصعوبات التي تواجهها، مشيراً بحسب مضمون التقرير الى الخروق التي تحصل من حين الى آخر، وأبرزها الخرق الاسرائيلي في عمق 45 كيلومتراً للأراضي اللبنانية والذي تمثل بالغارة التي شنتها الطائرات الحربية ضد موقع للرادار للجيش السوري في ضهر البيدر. كما يشير التقرير استناداً الى معلومات من الأممالمتحدة الى ان هذا الخرق الاسرائىلي، كان سبقه خرق ل"حزب الله" في مزارع شبعا - المقصود به العملية التي نفذها الحزب ضد دورية اسرائىلية وأدت الى مقتل جندي اسرائىلي. وبالعودة الى الاجتماع، فإن انان عبّر عن ارتياحه للموقف الذي اعلنه الحريري بعد مقابلته الرئىس الاميركي جورج بوش ودعا فيه الى تحقيق السلام العادل والشامل على اساس احترام القرارات الدولية والثوابت التي رسمها مؤتمر مدريد للسلام. وابلغ الحريري انه سيشارك في القمة الفرنكوفونية التي تعقد في لبنان في تشرين الاول اكتوبر المقبل، وانه سيتولى شخصياً الاتصالات بكل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للمساعدة على دعم لبنان. واللافت ان انان تعمد توجيه سؤال لمساعده دوميستورا اثناء اجتماعه بالحريري، ويتعلق بما اذا كانت لديه معلومات عن اجواء المحادثات التي اجراها لارسن أخيراً في دمشق مع وزير الخارجية السوري فاروق الشرع وكان رده انه اجرى محادثات بناءة وايجابية ومفيدة وان لا صحة لما نسب اليه من معلومات خاطئة لا تعكس حقيقة الاجواء، خصوصاً لجهة ما اشيع من نقل تهديدات تتناول امكان انسحاب القوات الدولية من الجنوب. وأثير في الاجتماع ايضاً موضوع ارسال الجيش اللبناني الى الجنوب، وبدا ان انان ليس في وارد اثارة مشكلة في هذا الخصوص بمقدار ما انه اراد التذكير بموقف الأممالمتحدة، وقال للحريري: "ان موقفكم على هذا الصعيد اصبح معروفاً ونحن نعرف الظروف التي املت على لبنان اتخاذ مثل هذا الموقف". ورد الحريري مؤكداً ان الموقف اللبناني من هذه المسألة مرتبط بالتوصل الى سلام شامل وعادل، باعتباره وحده يؤمن الاستقرار ليس في لبنان فحسب وانما على صعيد المنطقة. وتحدث انان عن دقة الوضع في لبنان والمنطقة، ورد الحريري ان مسؤولية تدهور الوضع يقع على عاتق اسرائىل وان الكرة الآن في مرمى رئىس وزرائها آرييل شارون، محذراً من توسيع دائرة العنف في المنطقة اذا لم يُصَرْ الى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية. وحذر الحريري من مغبة لجوء شارون الى مغامرة عسكرية بغية الهروب الى الامام وقال: "ان مثل هذه المغامرة سيجر الويلات على المنطقة وان لا شيء يمنع الدول العربية من رد الفعل عليها، من زاوية حقها المشروع في الدفاع عن النفس". وبالنسبة الى مزارع شبعا، أثار هذا الموضوع جدلاً طويلاً بين انان والحريري الذي اكد انها لبنانية ويجب على اسرائىل الانسحاب منها. وشدد على ان سورية كانت بادرت فور تحرير الجنوب الى ابلاغ الأممالمتحدة بأن مزارع شبعا لبنانية ويجب ان تعود الى سيادة السلطة اللبنانية. وقال: "ان هذه المزارع لبنانية أكانت مشمولة بالقرار 425 أو بالقرار 242 اللذين لا يتضمان أي اشارة بمنع لبنان من استردادها بالقوة، ومن حقه مقاومة الاحتلال بكل الوسائل التي يراها مناسبة". وسأل الحريري أنان في معرض تقويمهما للوضع في المنطقة، كيف يوفق شارون بين مطالبته بالسلام وبين استمراره في بناء المستوطنات من جهة وبين فرض أمر واقع على مدينة القدس يتعارض والقرارات الدولية المتخذة في خصوصها. وأثار الحريري استمرار اسرائيل بانتهاك الاجواء اللبنانية براً وبحراً وجواً وكان آخرها أول من أمس السبت. رد أنان بأنه سيضمن تقريراً اشارة واضحة الى هذه الانتهاكات كما سيضمنه اشارة واضحة الى "انتهاكات" مماثلة يقصد بها العملية الأخيرة ل"حزب الله" في مزارع شبعا. وأبدى الحريري تحفظه على الشق الأخير من التقرير. وبعد اللقاء قال أنان: "اجرينا محادثات مثمرة وبناءة مع الحريري وناقشنا الوضع في المنطقة والحاجة الى الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأبلغته اهتمامي في شأن الخط الأزرق وضرورة احترامه من كل الاطراف وهو يعلم انني أثرت هذا الموضوع مع الجانب الاسرائيلي لأنها الطريقة الوحيدة لتأمين الاستقرار والهدوء على الحدود. وعندما نضمن هذا الاستقرار نستطيع التركيز على الأمور الاقتصادية والانمائية التي هي من صلب اهتمامات الحريري واهتماماتي أيضاً. بدوره قال الحريري انه شرح له الوضع في المنطقة "خصوصاً في الجنوب وقد شرحت له أن لبنان يحترم الخط الأزرق وان اسرائيل تنتهك باستمرار حرمة هذا الخط من خلال تحليق الطائرات الاسرائيلية على نحو يشكل انتهاكاً شبه يومي للسيادة اللبنانية". ورداً على سؤال عن الخلاف القائم بين لبنانوالأممالمتحدة حول ما اذا كان القرار 425 ينطبق على مزارع شبعا ام لا، اجاب: "لا يوجد خلاف بين الأممالمتحدةولبنان، وهناك طرق عدة للنظر الى المسألة، الأممالمتحدة قالت ان القرار طبق ونحن نقول انه طبق جزئياً، وفي جميع الأحوال أكانت المزارع تحت نطاق 425 أو 242 فهناك واقع واحد يتوافق عليه الجميع ومن بينهم أنان وهو ان المزارع ليست أرضاً اسرائيلية وهي أما ينطبق عليها القرار 425 أو 242 لكن ذلك لا يجعلها بأي حال من الأحوال أراضي اسرائيلية. أما اذا كان السؤال حول لبنانية المزارع او سوريتها فلا خلاف على الاطلاق بين لبنان وسورية خصوصاً ان الاخوان في سورية يقولون انها لبنانية ونحن نقول كذلك". وأوضح انان ان "قوات الطوارئ باقية في الجنوب". ونفى الحريري ان يكون ناقش مع أنان موضوع الوجود السوري في لبنان وقال: "ما دام يتعلق بالحكومتين اللبنانية والسورية وموقفنا منه معروف وواضح"، مشيراً الى ان انان أثار مسألة ارسال الجيش اللبناني الى الجنوب، "وأعطيته الجواب وبات الجواب بين يديه". وغادر الحريري نيويورك ظهر أمس، متوجهاً الى أوتاوا ليبدأ زيارة الى كندا تستمر يومين يقابل خلالها نظيره الكندي جان كريتيان لينتقل منها الى باريس للقاء شيراك.