منذ 20 آذار مارس الماضي، تعمل مراكز التوليد في كل المناطق الفرنسية بأدنى وتيرة لها، فتكتفي باستقبال الحالات الطارئة فقط، بسبب الاضراب الذي تنفذه القابلات، وهو الأول من نوعه في هذا القطاع المهني. ونظراً لأهمية دور القابلات في حياة الحوامل الفرنسيات، فإن الاضراب يحظى بتأييد نسائي شامل، وبتغطية اعلامية واسعة من قبل الصحافة النسائية. مجلة Elle النسائية الفرنسية اعتبرت ان المعركة التي تخوضها القابلات لتحسين ظروف عملهن وأجورهن، هي معركة من اجل نساء فرنسا، ومن اجل احاطة الحوامل منهن بقدر أفضل من العناية. اما والدة رئىس الحكومة الفرنسية، ميراي جوسبان 90 عاماً وهي قابلة سابقة فلم تتردد في النزول الى الشارع والسير في مقدمة احدى التظاهرات تعبيراً عن تأييدها لمطالب العاملات في هذا القطاع. ويأتي تحرك القابلات اللواتي يبلغ عددهن في فرنسا حوالى 15 ألفاً من بينهن 71 رجلاً، بعد اتصالات عدة اجريت مع المسؤولين في وزارة الصحة الفرنسية، لكنها لم تسفر عن نتائج ملحوظة. ولذا فإن الشعار الأبرز الذي ترفعنه في إطار تحركهن هو "طفح الكيل"، لأنهن واجهن ضغوطاً طبية وقانونية متزايدة، وعملهن يتطلب المزيد من الكفاية والتخصص، فيما عدد الولادات في تصاعد وعدد اطباء التوليد في خفوض. ونتيجة هذا الوضع تجد القابلات انفسهن امام مسؤوليات متزايدة يوماً بعد يوم، ولذا تطالبن بزيادة عددهن وباعادة النظر في اوضاعهن الوظيفية وبزيادة في الأجور. وتدرس القابلات 4 سنوات، سنتان للعلوم النظرية وسنتان للعلوم التطبيقية لكن الشهادة التي تحصلن عليها لا تأخذ بالاعتبار سوى سنتي الدراسة النظرية، ما يؤدي الى انتقاص من مزايا وظيفتهن. وبعد التخرج يتوجب عليهن بموازاة عملهن اتباع دورات تدريبية دائمة للبقاء على اتصال مع التطورات التقنية الحديثة في مجالهن العملي، لقاء أجر شهري يبلغ 9 آلاف فرنك فرنسي للمبتدئات ويصل عند نهاية الخدمة الى 14500 فرنك. ما يعني ان القابلة التي يتوجب عليها وفقاً للنظام المتبع في المستشفيات الفرنسية، مواكبة الحامل منذ بداية حملها الى ما بعد الولادة حيث ترشد الامهات الى كيفية العناية بأطفالهن، تتقاضى اجراً لا يتجاوز 50 فرنكاً في الساعة. وغالباً ما تقوم القابلات بتوليد الحوامل بأنفسهن اذ لا يتدخل طبيب التوليد الا في الحالات المعقدة التي تستدعي ذلك، ويتحملن المسؤولية القانونية عن الحوادث التي تتعرض لها الحوامل في بعض الاحيان. وتتخوف القابلات من ان تؤدي الضغوط المتزايدة المفروضة عليهن، اضافة الى قلة عددهن، الى تأثير سلبي على نوعية العناية المطلوبة منهن، ولذا قررن التوقف عن العمل بدلاً من تعريض الحوامل والمواليد للخطر. وكانت جولة المفاوضات التي تمت اخيراً، بين ممثلات عن القابلات المضربات ووزارة الصحة الفرنسية، ادت الى الموافقة على زيادة الأجور بمعدل 800 فرنك شهرياً. لكن تلبية هذا المطلب لم تكن كافية لوقف الاضراب الذي يهدف الى تحسين كل اوجه النشاط المهني للقابلات الفرنسيات.