} اخر محتجون صرب تنفيذ قرار تحكيم دولي يخص إعادة ترتيب الأوضاع في احدى ضواحي العاصمة ساراييفو، فيما أعرب الحلف الاطلسي عن قلقه إزاء التحركات الانفصالية للمتشددين الكروات. تظاهر عشرات الصرب في الحي الرابع من ضاحية دوبرينيا جنوب ساراييفو أمس، احتجاجاً على اقتطاع مناطق من الحي كانت تابعة الى الجمهورية الصربية كيان صرب البوسنة منذ تنفيذ اتفاق دايتون الذي انهى الحرب البوسنية 1992 1995 وتسليمها الى كيان الاتحاد البوسني المسلم الكرواتي. وحالوا دون دخول افراد من شرطة الاتحاد البوسني الذين ظلوا خارج المناطق "خشية وقوع اشتباك مع المحتجين". وجاءت هذه التغييرات الجغرافية التي رفضها الصرب، بناء على قرار المحكّم الايرلندي دايارمويد شيريدان الذي قضى ان "معظم الحي الرابع من ضاحية دوبرينيا الذي تسيطر الجمهورية الصربية عليه، يجب تسليمه الى الاتحاد البوسني". وتقدمت شرطة الاتحاد الى الحي مساءً وانتشرت فيه وسيرت دوريات راجلة واكبت دوريات القوات الدولية.. ومعلوم ان ضاحية دوبرينيا الواقعة قرب مطار ساراييفو، تتكون من أربعة احياء، أُعطيت ثلاثة منها الى الاتحاد البوسني في حين جُعل الحي الرابع ضمن أراضي الجمهورية الصربية، بموجب خرائط اتفاق دايتون. وكانت المناطق التي تناولها قرار القاضي موضع نزاع عنيف منذ بدء تنفيذ خرائط اتفاق دايتون، ذلك ان الخط الفاصل بينها وبين الأحياء الثلاثة الأخرى في الضاحية، يقسم بعض العمارات السكنية والمباني العامة وحتى المنازل الى شطرين، في منطقة شهدت بعضاً من اعنف القتال اثناء الحرب البوسنية اضافة الى توترات وحوادث بعدها. وأعلن شيريدان في مؤتمر صحافي عقده في ساراييفو أمس، ان "الخرائط الخاصة بتقسيم الضاحية ليست مرضية تماماً"، واعتبر ان السبيل الذي اختير لوضعها يجعل ساراييفو "وكأنها مجرد نقطة ويحول دون تحديد أي خط فاصل داخل دوبرينيا". وأضاف ان "خط الترسيم جاء نتيجة خطأ جماعي، لأنه لا يمكن لأي خبير في الخرائط ان يقبل تقسيم البنايات الى جزءين". واشار الى ان قراره يشمل 800 وحدة سكنية ومدرسة واحدة "كان فقدها سكانها الذين يعيشون في الاتحاد البوسني، ولا بد من رفع الحيف الذي لحق بهم". وأكد شيريدان ان قراره "نابع عن شعوره الانساني، ولا يمكنه ان يغيره او يحيد عنه". ويذكر ان اتفاقات دايتون تنص على تقسيم البوسنة الهرسك الى كيانين لكل منهما حكومته وقوانينه: الاتحاد البوسني 51 في المئة من الأراضي والجمهورية الصربية 49 في المئة. وأفاد بيان اصدرته حكومة صرب البوسنة، انها روعت بهذا القرار. وناشدت كل الاشخاص الذين يعيشون حالياً في الحي "التزام الهدوء وعدم مغادرة مساكنهم الى ان يتم توفير اماكن ليعيشون فيها". ووصف البيان قرار التحكيم بأنه "استمرار للمعاملة غير العادلة للمصالح الشرعية للجمهورية الصربية". وأكد ان حكومة الجمهورية ستعترض عليه وتمارس حقها في استئنافه "لأنه يقلل نسبة ال49 في المئة من الأراضي البوسنية التي اقرها اتفاق دايتون للجمهورية الصربية". وأضاف البيان ان حكومة الجمهورية الصربية "لا يمكنها ان تأخذ على عاتقها المسؤولية عن المشكلات المحتملة، اذا دخلت شرطة الاتحاد البوسني الى الحي". ودعا الى نشر مراقبين من الشرطة الدولية فقط في المناطق التي شملها قرار القاضي الايرلندي". والى ذلك، أفاد الناطق باسم قوات حفظ الاستقرار البوسني سفور اندرو كوكسهيد، ان الجنود والشرطة الدوليين سيساعدون على احترام الخط الحدودي الذي وضعه قرار التحكيم. الكروات على صعيد آخر، أفاد القائد العام لقوات حلف شمال الاطلسي في أوروبا الجنرال الأميركي جوزف رالستون، ان الحلف "قلق ازاء تحركات القوميين الكروات في البوسنة". وجاءت تصريحات رالستون تعليقاً على النشاطات العدائية التي قام بها متشددون كروات، في موستار ومدن اخرى يسيطرون عليها جنوب غربي البوسنة، ضد قوات حفظ الاستقرار سفور. وتشعر القوات الدولية بنكسة كبيرة نتيجة اخفاق محاولاتها في السيطرة على "بنك هيرسيغوفاكا" الذي يعتقد انه يمول الانفصاليين الكروات في البوسنة، الأمر الذي وصف بأنه أول فشل للقوات الدولية منذ انتشارها في البوسنة بعد توقيع اتفاق دايتون اواخر عام 1995. وكان 22 من قوات سفور اصيبوا في المواجهات التي جرت مع المتشددين الكروات اثناء محاولات تنفيذ اوامر المسؤولين الدوليين بالسيطرة على فروع المصرف في البوسنة. ووصف السفير الأميركي في ساراييفو توماس ميلر ما حدث لقوات سفور بأنه "درس يجب ان يستفاد منه". وقال ميلر في تصريح نشر أمس في ساراييفو ان "التهديدات المستقبلية التي تواجه هذه القوات سفور لا تتمثل في الحروب الانفصالية، بقدر ما هي مشكلات من قبيل العمليات الارهابية والتفجيرات".