أنقرة - أ ف ب - تسهم الازمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا بشكل غير مباشر في التقارب مع اليونان، اذ تم تأجيل العديد من صفقات التسلح للجيش التركي بعد اسبوعين من اتخاذ اليونان خطوة مماثلة. وكانت هيئة اركان الجيش التركي قررت الاربعاء الماضي، ارجاء تنفيذ 32 صفقة تسلح لتوفير 5،19 بليون دولار بسبب الازمة الاقتصادية، التي بدأت بعد فقدان الليرة التركية اكثر من 40 في المئة من قيمتها ازاء الدولار الاميركي مما سيعرض البلاد لاجراءات تقشف. وكانت اليونان قررت منذ نحو اسبوعين ارجاء العديد من طلبيات التسلح بينها طلب شراء 50 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر"، في اطار قرار لاعطاء الاولوية ل"السياسة الاجتماعية والتنمية والالعاب الاولمبية المقررة في اثينا في عام 2004"، على حد تعبير رئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتس. وأعلن وزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو عن ارتياحه للقرار التركي، معتبراً انه يمكن ان يؤدي "الى خفض متبادل للتسلح" ويسهم في اشاعة "جو من الارتياح في المنطقة". وصرح نائب وزير الخارجية التركي فاروق لوغولو بانه "امر جيد للعلاقات التركية - اليونانية ان يرى الوزير باباندريو ايجابية في هذا القرار". لكنه لفت الى ان القرار التركي اتخذ بسبب الوضع الاقتصادي والحاجات الدفاعية لتركيا وليس ك"بادرة من بلد تجاه آخر ... لكن نتيجة الامر على العلاقات اليونانية التركية ايجابية". ويعتبر اعلان الجيش التركي موجهاً الى الرأي العام الذي يثق جداً بالعسكريين، وفي القرار رسالة واضحة ان الجيش يريد ان يعطي المثل بشد الحزام في هذه الاوقات الصعبة. وأشار مصدر ديبلوماسي يوناني الى ان "هذا تدبير اقتصادي، لكنه ايضاً محاولة لاتخاذ قرار مواز لقرار الحكومة اليونانية". واضاف ان "القرار الذي اتخذ في اليونان ايضاً، كان لاسباب اقتصادية لكنه يشكل ايضاً مبادرة في اتجاه تركيا، وان لهذه القرارات مفعولاً ثانوياً شديد الاهمية. والكل سينامون مرتاحين بعد ذلك". يذكر ان البلدين كانا اعلنا الاسبوع الماضي انهما سينزعان الالغام من حدودهما المشتركة خلال زيارة الوزير باباندريو الى انقره، وهذا دليل اضافي على ارادة البلدين الجارين والمنتمين الى حلف شمال الاطلسي في خلق اجواء مريحة. ويبدو ان الامور ابتعدت عن الزمن الذي كان فيه البلدان على شفا الحرب عبر تنازعهما السيادة على عدد من الجزر الصخرية غير المأهولة في بحر ايجه في عام 1996، حتى ولو ان مشكلات بحر ايجه وقضية جزيرة قبرص المقسمة ما زالت تباعد بين البلدين. كما ان الصداقة بينهما تسير قدماً، على وقع الازمات الاقتصادية او الطبيعية. وكان الحوار بدأ بين الوزير باباندريو ونظيره التركي اسماعيل جيم في حزيران يونيو 1999. وشكل الزلزال الذي ضرب شمال غرب تركيا في آب اغسطس 1999، وأدى الى مقتل 20000 شخص، فرصة للتقارب بين الشعبين، لا بين المسؤولين السياسيين فقط، اذ ابدى اليونانيون في حينها تعاطفاً عفوياً كبيراً مع جيرانهم الاتراك، الذين ردوا لهم مبادرتهم بعد بضعة اشهر عندما ضرب زلزال اليونان. كما ان اليونان تراجعت في كانون الاول ديسمبر الماضي عن اعتراضها على انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي.