"الثقب الأسود" جسم خفيّ في الفضاء الخارجي، فائق الكثافة، "يزدرد" المادة بكل أشكالها، إذا وقعت في مجال قوة سحبه الجبّارة. ولا يفلت منه شيء... حتّى الضوء. ولعلّ هذا التعريف هو خير ما يمكن أن يوصف به موقع "أرشيف الإنترنت" الذي هو بمثابة "ثقب أسود" ظهر في الفضاء الإلكتروني عام 1996، وأخذ "يبتلع" محتوياته بهدف أرشفتها وحفظها. وبلغت سعته، حتّى الآن، أكثر من 43 تيرابايت أي 43 مليون ميغابايت من المواد المكتوبة والمسموعة والمرئية، منها: 4 بلايين صفحة "ويب" منذ بدء عملياته حتى الآن 40 تيرابايت، 200 مليون صفحة للانتخابات الأميركية الأخيرة 2 تيرابايت، و360 فيلماً سينمائياً 5،0 تيرابايت، بعد رقمنتها، فضلاً عن محتويات شبكة "يوزنت" ووثائق تاريخية من شبكة "أربانت" نواة الإنترنت. إلا أن الثقب الأسود الإلكتروني أقل "عدوانية" من نظيره الفضائي، إذ يتيح لأصحاب المواقع والحقوق طريقة للتخفيف من "نهم" أدوات البحث الخاصة به، والتي تجوب أرجاء الإنترنت كافة لتأتيه بالمعلومات محتويات، عناوين، وغير ذلك. وبطريقة الضبط الخصوصية، يستطيع صاحب الموقع أن يحجب كل محتويات موقعه، أو بعضاً منها عن أدوات البحث تلك. ويطلب "أرشيف الإنترنت" من مختلف المؤسسات والأفراد إرسال مجموعات مواد خاصة لإضافتها. وتُوثق المواقع كل شهرين للنصوص، وكل سنة للصور. أما التعامل معه فوفقاً لأصول وضوابط تضمن الخصوصية والسرّية وتحفظ الحقوق. وهو متاح، أولاً للباحثين والمؤرّخين والأكاديميين، وفي ما بعد للجمهور العريض، ولكن بشروط. فإذا طالعتك رسالة الخطأ Error:404، ومفادها أن الصفحة غير موجودة، أو أصيبت صفحات موقعك بأضرار، يمكنك تقديم طلب خاص إلى الأرشيف لاستعادتها. وتقبع كل تلك المواد في مستودع مليء بالكومبيوترات ومعدات التخزين، يقع في منطقة "بريزيديو سان فرانسيسكو" في ولاية كاليفورنيا. يؤازر الأرشيف برنامج "أليكسا"، Alexa، الذي يمكن إنزاله من موقع خاص به. وهو عبارة عن شريط أدوات يحسّن أداء برنامج "نافيغايتور" و"أكسبلورر" في عمليات الابحار في "ويب". ويُعْلمك بوجود المواد المطلوبة في الأرشيف أو بعدم وجودها. أُسِّس موقع "أليكسا إنترنت" عام 1996بالتواقت مع "أرشيف الإنترنت". وأصبح، منذ عام 1999، ملكاً لشركة "أمازون". بروسْتر كال، Brewster Khale، الأربعيني، هو من يقف وراء "أرشيف ذاكرة العالم اليوم"، على ما جاء في مقابلة مع "لوموند أنترأكتيف"، "... ويطمح الى بناء مكتبة الاسكندرية المعاصرة... وتكاد غايته تتحقّق". وعام 1989، اخترع نظام "خدمة المعلومات في مناطق موسّعة"، WAIS، وأسس شركة بالاسم نفسه للنشر الإلكتروني. ثم باعها، عام 1995، لشركة "أميركا أونلاين". وساعد أيضاً في إطلاق شركة "الماكينات المفكّرة"، Thinking Machines، لصناعة الكومبيوترات الفائقة، عام 1983. وعمل فيها مهندساً أول، ست سنوات. وكان نال شهادة بكالوريوس في العلوم من جامعة "أم آي تي" الشهيرة، حيث درس الذكاء الاصطناعي. وهناك ابتدأ كل شيء، عام 1980، عندما "سئل عمّا يمكن فعله بتكنولوجيته؟"، على ما جاء في المقابلة المذكورة أعلاه. لم يكن بروستر الطالب يملك الجواب، حينذاك. ولم يخطر في باله سوى أمرين: "التشفير السري لحماية البيانات والخصوصية، وإنشاء مكتبة إلكترونية". ويرى، الآن، أن المستقبل في نشوء مكتبات رقمية منتشرة في كل أنحاء العالم. أما منطلقه الأساسي فيلخّصه ما جاء في موقع "أرشيف الإنترنت": "تهتمّ المجتمعات بحفظ معالمها الثقافية والتراثية. فمن دونها لا ذاكرة لأي حضارة ولا آلية لتتعلّم بواسطتها من نجاحاتها وإخفاقاتها. وثقافتنا اليوم، أخذت تترك أكثر فأكثر من الآثار في نسق رقمي. لذلك، تتمثّل مهمة "الأرشيف" في المساعدة على الحفاظ عليها وإنشاء مكتبة إنترنت للباحثين والمؤرّخين والأكاديميين. ويتعاون الأرشيف مع معاهد ومؤسسات عدّة، منها مكتبة الكونغرس والمتحف السميثوني". عنوانا إنترنت على علاقة: www.archive.org www.alexa.com