وفي سياق النقاش بين الرجلين، طلب ستار من كلينتون أن يعطي تصنيفاً للأفعال الجسدية التي كانت تجري بينه وبين المتدرّبة مونيكا لوينسكي. رفض كلينتون تصنيف هذه الأفعال في خانة الجنس. وأصر ستار. وسأل كلينتون: «ألا يكون فعل كذا وكذا هو جنس»؟ ومن دون رفّة جفن، رد كلينتون بسؤال عجيب: «ما هو تعريفك لكلمة «هو»؟ وبات هذا السؤال (what is your definition of is?) نموذجاً عن التلاعب الماكر لمحاولة التنصّل من حقائق جليّة. أحياناً، يلجأ بعض المسؤولين في مصر إلى تلاعب كلامي أثناء تناولهم موضوع مرور كابلات الانترنت في قناة السويس، لا يبعد كثيراً عن السؤال الكلينتوني الشهير. إذ تشير الخرائط العالمية لتلك الكابلات، دوماً إلى مرورها في السويس أثناء عبورها الى آسيا والخليج العربي، وكذلك الى عبورها في مياه المتوسط المُقابلة لمدينة الإسكندرية. وعلى رغم ذلك، دأب بعض مسؤولي الاتصالات في نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، على نفي مرور الكابلات في قناة السويس. مئة كيلومتر «ضائعة» في خريف 2006 واجه بروستر كاهيل، مؤسس موقع «أرشيف الإنترنت»Internet Archive الشهير، مشكلة تتعلق بكابلات الانترنت التي تعبر في مياه الاسكندرية. ويشتهر بروستر بوصفه من الرموز البارزين في مسار شبكة الانترنت. إذ تقاعد بعد أن باع شركته «ألكسا» Alexa المتخصّصة في إعطاء تصنيف لمواقع الانترنت بحسب عدد الزوار. ثم أنشأ مشروعاً لأرشفة الانترنت، يعمل على تخزين محتويات هذه الشبكة كل ستة أشهر، ويحتفظ به في أرشيف ضخم يتوزّع بين مدينتي سان فرانسيسكو الأميركية ولاهاي الهولندية، ومكتبة الإسكندرية في مصر. يتطلب هذا الأمر أن يتصل كل من هذه المواقع الثلاثة بالإنترنت، عبر وصلة قوتها 2 غيغابت في الثانية، أي بليوني بت في الثانية. واتصلت مكتبة الإسكندرية بشركة «فلاغ» صاحبة أحد الكابلات التي تمرّ في مصر. وبسبب عوائق مالية، لم يكن في مقدرة مكتبة الإسكندرية أن تحصل إلا على قرابة 145 ميغابت في الثانية (كل ميغابت يساوي مليون بت)، ما يقلّ كثيراً عن قوة الاتصال المطلوبة للمشاركة في مشروع «أرشيف الإنترنت». ويكلف هذا الاتصال المتواضع قرابة مليون دولار سنوياً، على رغم أن الوصلة التي طلبها «أرشيف الانترنت» لا تمثّل سوى كسر من عشرة آلاف من قدرة كابل شركة «فلاغ» في مصر. ولأخذ فكرة عن الطريقة التي تتعامل بها الدولة الحديثة مع كابلات الإنترنت ومداخيلها، تكفي الإشارة إلى أن الولاياتالمتحدة تقتطع 10 في المئة من رسوم مرور كابلات الانترنت في نيويورك، كي تستخدم في خدمات عامة مجانية للشعب الأميركي تشمل قطاعات التعليم والصحة والمكتبات والأمن. وعُقد مؤتمر عن «أرشيف الانترنت» في مكتبة الإسكندرية في العام 2006، بحضور بروستر كاهيل. وجرى اتصال مع الدكتور طارق كامل، وهو وزير الاتصالات حينها. وأنكر مرور كابلات الانترنت في مياه قناة السويس، لكنه رفض نقاش إمكان مرورها «قرب» القناة، على رغم أن القوانين الدولية تعرّف الساحل بأنه مساحة الأرض التي تمتد من نقطة ملامسة البر لمياه البحر، إلى مسافة 100 كيلومتر. لاحقاً، عانت الهند انقطاعاً في اتصالها بالانترنت، فأعلنت أنه يعود الى انقطاع كابل رئيسي لتلك الشبكة يعبر أمام مدينة الإسكندرية! ترى كم تحصل مصر لقاء مرور هذا الكابل؟ هل ثمة عقد مُزرٍ آخر عن هذا الكابل، على غرار الأمر مع كابل «غلوبال كروسينغ»؟ سؤال برسم المسؤولين الجدد في القاهرة.