نشرت اسرائيل بوارجها الحربية قبالة سواحل قطاع غزة امس تمهيدا في ما يبدو لتنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد الفلسطينيين المح اليها كل من الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف ورئيس وزرائه ارييل شارون. في غضون ذلك، جددت السلطة الفلسطينية دعوتها المجتمع الدولي الى توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض "لعدوان ليس له محرمات ولا خطوط حمر"، وذلك بعد ان واصل القصف الاسرائيلي العشوائي على الاراضي الفلسطينية الليل بالنهار، وضربت حكومة شارون عرض الحائط بالانتقادات الدولية لسياسة التوسع الاستيطاني، معلنة تسويق 5000 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية. دعا الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف الى "رد عسكري صارم من جانبنا بصورة كافية لردع الفلسطينيين"، معتبرا ان السلطة الوطنية "قررت التصعيد الامني من خلال استخدام قذائف الهاون، ما يحتم ردا حاسما من جانبنا، ولن نمر على هذا الامر مرور الكرام". وتفقد رئيس الوزراء ارييل شارون الذي رافقه كل من وزير دفاعه بنيامين بن اليعيزر ورئيس اركان جيشه شاؤول موفاز، مواقع قالت اسرائيل ان قذائف هاون سقطت فيها خلال ليل الاثنين- الثلثاء. وكانت ثلاث قذائف هاون سقطت في مستوطنة "نيتسانيت" شمال القطاع، واثنتان في تكتل "غوش قطيف" غرب خانيونس، والاخيرة في مستوطنة "عتسمونا" جنوب القطاع. وردت اسرائيل فورا بقصف صباح امس اطلقت خلاله صواريخ "ارض - ارض" في اتجاه موقعين عسكريين فلسطينيين في قطاع غزة. وسقط الصاروخ الاول في عيادة طبية، كما سقط صاروخان على مقر للاستخبارات العسكرية في دير البلح. وقتل الطبيب الفلسطيني العسكري برتبة ملازم اول في الشرطة البحرية وائل خويطر 30 عاما واصيب عشرون آخرون وصفت جروح اثنين منهم بانها "حرجة للغاية". ومن بين الجرحى العقيد غسان عنبتاوي مدير الدائرة الطبية في الشرطة البحرية. وعلمت "الحياة" ان اجتماعا لقيادة قوات البحرية كان يعقد على بعد امتار قليلة من العيادة الطبية، الا ان احدا من القادة لم يصب بأذى. ولوحظ ان القصف جرى صباحا على غير العادة، الامر الذي فسره مراقبون على انه تنفيذ لتهديدات الحكومة الاسرائيلية بقصف "اهداف فلسطينية" من دون سابق انذار. كذلك لوحظ ان قوات الاحتلال بدأت تلجأ الى القصف بصواريخ "ارض - ارض" وقذائف المدفعية من مواقع عسكرية ثابتة، إما على طول حدود القطاع مع اسرائىل او من محيط المستوطنات المنتشرة في القطاع. ويرى مراقبون ان الجيش لجأ الى هذا الاسلوب بعد ان اخذ الفلسطينيون يتنبهون لوجود الطائرات المروحية في سماء القطاع كلما ارادت اسرائيل قصف مواقع عسكرية وامنية، فيخلون مواقعهم فورا تحسبا لهذا القصف. شارون وباول وكان شارون قال خلال مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول ان "الوضع الامني في اسرائيل لا يطاق ومستحيل، لا يمكن الاستمرار على هذا النحو، واسرائيل تدافع عن نفسها". ونقلت صحيفة "يديعوت احرنوت" عن شارون قوله في المحادثة انه "حصل على تفويض من الجمهور لاعادة الامن الشخصي. والالتزام الاخلاقي يحتم على ذلك". واتهم السلطة الفلسطينية "بأنها لا تفعل شيئا لانهاء الارهاب" واعمال العنف وحذر من ان اسرائيل لن تكتفي "بحلول وسط". كذلك هدد ناتان شيرانسكي، وزير البناء والاسكان، زعيم حزب المهاجرين الروس يسرائل بعليا الفلسطينيين بمزيد من الرد العسكري العنيف، وقال ان "من الاهمية بمكان ان يرد جيشنا بحزم على الاعتداءات الفلسطينية لضمان امن المستوطنين وسلامتهم". ودعا الحكومة الى تبني "استراتيجية واضحة وليس خطوات تكتيكية". وطالب الاسرائيليين بالتحلي بطول النفس، اذ "بدأت سياسة الحكومة تتضح، لكن محاربة الارهاب لن تتم بعملية عسكرية واحدة". وانضم الوزير المتطرف افيغدور ليبرمان، وهو ايضا زعيم حزب روسي، الى جوقة المحرضين على الفلسطينيين، وقال: "ليس صحيحا ان نتحدث عن اعمال عنف او ارهاب. ان ما يدور حاليا هو حرب استنزاف والحكومة عاقدة العزم على اعادة الامن لمواطنيها". وزاد ان المواطنين الاسرائيليين سيشعرون حتما بالامن خلال فترة قصيرة، من شهر الى شهرين. كذلك دعا زعيم حزب المستوطنين مفدال اسحق ليفي الحكومة الى الرد بحزم على كل من يحاول القيام بعمليات بغض النظر عن هويته. وانتقد شارون لاعتذاره عن حادث اطلاق النار على مسؤولين امنيين فلسطينيين، مشيرا الى انه كان على شارون دعم موقف الجيش القائل ان اطلاق النار جاء ردا على النار التي اطلقها فلسطينيون. كذلك اطلق الجيش الاسرائيلي بعد ظهر امس قذائف مضادة للدروع على مركز امني فلسطيني في بيت حانون قرب معبر ايريز شمال قطاع غزة عند الحدود مع اسرائيل بعد اطلاق الفلسطينيين قذائف "هاون" على مستوطنة نتساريم. كذلك تظاهر مستوطنون قرب مستوطنات غوش عتصيون ضد شارون الذي اعتبروا ان ثمة "تقصيرا" في موقفه. وجندت الحكومة الاسرائيلية عددا من موظفيها الاعلاميين لمحاولة تبرير اطلاق اسرائيل صواريخ "ارض-ارض" ضد الاهداف الفلسطينية، فيما واصلت الصحف العبرية حديثها عن "مصانع" تشرف على عملها السلطة الفلسطينية لانتاج قاذفات وقذائف هاون في قلب مدينة غزة. السلطة الفلسطينية من جانبها، طالبت السلطة الفلسطينية بتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض "لعدوان ليست له محرمات او خطوط حمر ويستهدف كل المواقع وكل شخص فلسطيني". ووصف الامين العام للرئاسة الفلسطيني الطيب عبد الرحيم القصف الصاروخي الاسرائيلي بانه "حرب معلنة". واضاف خلال تفقده جرحى القصف ان الهجوم الاسرائىلي جاء استجابة لتصريحات "الحاخام الفاشي والعنصري عوفاديا يوسف الذي طالب بابادة العرب بالصواريخ ... هذه نتيجة للافعال والاقوال العنصرية الاسرائيلية". واوضح ان الشعب الفلسطيني "يدافع عن نفسه ويريد للاحتلال ان يرحل عن ارضه ولن يتوقف عن ذلك ...نحن نريد تحرير ارضنا وليس اكثر من ذلك". ومن جهته، صرح مدير الامن العام اللواء عبد الرازق المجايدة اثناء زيارته موقع شرطة البحرية: "نحن في حال الدفاع عن النفس وهذه الضربة اليوم تأتي ضمن مسلسل العدوان الهمجي الاسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني الاعزل ونحمل الحكومة الاسرائيلية مسؤولية ذلك". واعتبر وزير الحكم المحلي الدكتور صائب عريقات انه "ما دامت اسرائيل تشعر بانها قادرة على فعل ما تقوم به من دون حسيب او رقيب من العالم ومن دون ان يسمح العالم بتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين، فان الاعتداءات الاسرائيلية ستستمر". واضاف: "الجرائم مستمرة: هذا هو البرنامج الوحيد لهذه الحكومة الاسرائيلية. ليس لهذه الحكومة اي برنامج سوى استمرار العدوان واستمرار الاستيطان والاغتيالات".