مع إعلانه سحب الموافقة الأميركية على "بروتوكول كيوتو"، تتضح صورة البرنامج اليميني المحافظ للرئيس جورج بوش. الذي يعطي أولوية مطلقة لمصالح الشركات الأميركية الكبرى. وفي أواخر عهد سلفه الديموقراطي بيل كلينتون، خالفت أميركا رأي العالم في "قمة لاهاي - 2000"، لكن الرئيس السابق أبقى التزام بلاده البروتوكول الذي صيغ بتدخل واسع منها. ومعروف ان الولاياتالمتحدة هي أكبر ملوث مفرد للبيئة، وتنفث وحدها ربع غازات الصناعة. وتحتل المرتبة الأولى في معدل ما يعطيه الفرد من الغازات المرتبطة بارتفاع حرارة الأرض. ويعطي الأميركي ضعفي المواطن الأوروبي أو الاسترالي، وعشرين ضعفاً قياساً الى ما يعطي الهندي، من غازات التلوث! في 1997 عقد مؤتمر دولي في مدينة "كيوتو" اليابانية ووقع "اتفاق عن تغيير المناخ" عرف باسم "بروتوكول كيوتو". وهو صيغ بعد سنتين ونصف سنة من المفاوضات، وأقره معظم دول العالم، خصوصاً الدول الصناعية ال38، ودول الاتحاد الأوروبي، ويشدد على ضرورة خفض الغازات التي تتسبب في "ظاهرة البيت الزجاج" وارتفاع درجة حرارة الأرض بنسبة 2.5 في المئة عما كانت عليه عام 1990. واعتبر ذلك حلاً وسطاً بين طلب أوروبا الوصول بالخفض الى 15 في المئة، والمطلب الأميركي بالعمل لتثبيت المستويات القائمة لتلك الغازات. ويؤدي العمل بموجب "اقتصاد البيئة" الى اضافة اكلاف كبرى على أي صناعة تأخذ بها. مثلاً، تحسين نوع الوقود المستخدم في المصانع، واستخدام أدوات تنقية متطورة، يرفعان كلفة الطاقة بنسبة تتفاوت بين خمسة اضعاف وعشرة. وينطبق الوصف ذاته على قطاع المواصلات الحيوي لنقل البضائع والبشر، خصوصاً في بلد باتساع الولاياتالمتحدة! ولكن ما هي غازات البيت الزجاج؟ تتألف تلك الغازات أساساً، من الميثين Methane وأوكسيد النيتروجين No+No2 وثاني أوكسيد الكربون. وتنتج غازات الصناعة من احتراق الفيول والبنزين والديزيل والغاز الطبيعي، وتتجمع في طبقة التروبوسفير القريبة من الأرض، وتشكل "عازلاً" بين الستراتوسفير، أعلى طبقات الغلاف الجوي، والتروبوسفير. ويمنع "العازل" موجات الحرارة المرتدة من الأرض في اتجاه الجو، من التبدد والابتراد في الستراتوسفير. ويؤول الأمر الى تراكم الحرارة تحت عازل الغازات، وهو ما يوصف باسم "البيت الزجاج" ويساهم في ارتفاع حرارة الارض. ومنذ قمة المناخ الأولى في ريو دي جانيرو، خالف علماء أميركا جميع زملائهم، وتفردوا بالقول إن ارتفاع درجة حرارة الأرض لا يتصل بتراكم غازات الصناعة. وهم يقرون بوجود طبقة عازلة من الغازات، لكنهم يرون ان ارتفاع الحرارة يتصل بعناصر أخرى في المناخ مثل دورات العواصف الشمسية، وأخرى مجهولة تتعلق بالتاريخ الكبير للكوكب الأزرق. وعلى سبيل المثال، تظهر بحوث المناخ ان الأرض شهدت موجات مماثلة من ارتفاع درجة الحرارة، في عهود سحيقة، قبل الصناعة وغازاتها. ولا يتوقف النقاش في تلك النقاط.