تتنوع مطالب الألبان في مقدونيا بين سياسية وثقافية وجغرافية، وهم يعتبرونها شرعية لأنها تشكل حلاً ديموقراطياً وانسانياً للمظالم التي يشعرون بها، ويؤكدون انهم لجأوا الى التحرك العسكري في شأنها، بعدما اخفقت الأحزاب السياسية، على مدى سنوات، في تحقيقها بسبب المماطلة المحلية وما رافقها من ضغوط دولية على الزعماء الألبان للسكوت والقبول بتجميد المطالب. وتخص السياسية منها، اجراء احصاء سكاني عام في مقدونيا باشراف دولي، حرصاً على الحياد، يظهر النسبة الحقيقية للتركيبة العرقية السكانية في البلاد، وجعل مشاركة المواطنين في مؤسسات الدولة معتمدة على نتيجة هذه النسبة، ويعلل الألبان هذه القضية، بأن آخر الاحصاءات الحكومية 20/6/1994 حددت نسبة المقدونيين السلافيين ب5.66 في المئة والألبان ب9.22 في المئة، ويؤكد الألبان وجود تلاعب متعمد في شكل وجودهم في مقدونيا الذي لا يقل عن 35 في المئة من مجموع السكان. وفي هذا الصدد يشير الألبان الى ترتيب غير واقعي لتوزيع مناطق التصويت الانتخابية للبرلمان وغيره من المؤسسات، نتج عنه تفاوت في عدد المقترعين المطلوب لانتخاب العدد ذاته من النواب بصورة غير عادلة، اذ انه في مناطق التجمعات الألبانية يمكن ان يمثل نائب واحد 15 ألف شخص في حين انه في مناطق المقدونيين يختار ما بين 5و10 آلاف ناخب نائباً واحداً، ولهذا فإن للألبان 25 نائباً من بين 120 نائباً يتكون منهم البرلمان المقدوني، وبذلك فإن نسبة عدد النواب الألبان في البرلمان هي 8.20 في المئة اي حتى أقل مما يعطيهم الاحصاء السكاني الرسمي. ويشير الألبان الى انه، على رغم توافر مشاركة البانية في المناصب الوزارية خلال السنوات العشر الأخيرة، الا ان ذلك لا ينسحب على المؤسسات الأدنى، ومثال على ذلك أن نسبة الألبان بين ضباط الجيش والشرطة والأمن والتمثيل الخارجي والقيادات الاقتصادية لا تتجاوز 3 في المئة من المجموع العام. وفي المجال الثقافي، يطالب الألبان بقدر متساو من الحقوق مع اللغة السلافية المقدونية، أي ان لا يقتصر التحدث في البرلمان مثلاً، على اللغة المقدونية، وانما امكان القيام بذلك بالألبانية أيضاً وبحسب الرغبة للنائب، كما يقتضي الاهتمام، بمعزل عن كل تمييز، بالمؤسسات التعليمية المقدونية والألبانية، ومن ذلك فإن جامعة سكوبيا السلافية المقدونية تحظى بالاعتراف الرسمي ورعاية الدولة مادياً وتشجيعياً ومعنوياً، في حين ان الحكومات المقدونية المتعاقبة رفضت السماح بتأسيس جامعة ذات مميزات وخصائص البانية، ما اضطر الألبان قبل 6 سنوات الى انشاء "جامعة تيتوفو" على رغم معارضة الحكومة وتهديداتها واستخدام وحدات الشرطة الخاصة للقضاء عليها، لكن الجامعة استمرت بفضل عزم الألبان على الحفاظ عليها، ما وفر لها مجال الاستمرار من دون حل لمشكلاتها الرسمية. ولا تزال السلطات الحالية في سكوبيا تماطل في شأن الاعتراف بها، على رغم وعودها بانهاء هذه المشكلة. أما الجانب الجغرافي، فإنه يخص تحديد المناطق بحسب الغالبية العرقية فيها، وتشكيل مؤسساتها ذات الادارة الذاتية اعتماداً على ذلك، وانهاء الصفة الدستورية الخاصة باعتبار الألبان "أقلية قومية" التي تعني وجوداً من الدرجة الثانية في المجتمع الرسمي، وذلك قياساً بصفة "الشعب المقدوني" التي تتوافر للمواطنين السلافيين المقدونيين ولهذا فإن الألبان يطالبون باعتبارهم رسمياً "شعباً" له الدرجة نفسها من الحقوق والواجبات التي يحظى بها "الشعب المقدوني". والى ذلك أبلغ اربن جعفيري رئيس "الحزب الديموقراطي الألباني" المشارك في الحكومة الاتحادية الائتلافية "الحياة" ان هذه المطالب تحظى بموافقة جماعية من الألبان، وان الحزب ظل يطالب بها خلال السنتين الاخيرتين التي شارك فيها بالحكومة، ولكن من دون جدوى. وأضاف ان السياسيين الألبان لا يريدون استخدام عبارة "الاتحاد الفيديرالي" أو ما يماثلها، كي لا يخشى احتمال حدوث انفصال مستقبلي للمنطقة الألبانية. وأشار جعفيري الى انه أبلغ المسؤولين الحكوميين مرات عدة في الأيام الأخيرة، وأكد للمقاتلين الألبان أن "القوة لن تحل المشكلة، وينبغي ترك الأمور هادئة كي يتسنى للعلاقات السياسية المحلية والجهود الدولية التوصل الى اتفاق في شأن المطالب وانهاء العنف والتخلي عن استخدام السلاح". واعتماداً على التصريحات الحكومية، فإن المقدونيين لا يمانعون بتلبية المطالب الألبانية التي لا تستدعي تعديلاً دستورياً، مثل الاحصاء السكاني الحيادي وتوفير مشاركة الألبان في ادارة البلاد وأمور الانتخابات في ضوء نتائجه، اضافة الى القضايا التعليمية وما يتعلق بالجامعة الألبانية في تيتوفو. أما القضايا الأخرى الخاصة باللغة والشعب الألباني، فإن حلها ليس بيد الحكومة، لأنها تتطلب تعديلاً دستورياً من خلال استفتاء شعبي عام، ليس في امكان الحكومة أن تضمن نتيجته. وترى الحكومة وجوب انهاء كل مظاهر الاعمال المسلحة الألبانية أولاً من دون شروط، ومن ثم الدخول في مفاوضات مع القادة السياسيين، تخص فقط الأمور التي لا تتعارض مع الدستور، أما القضايا الأخرى فهي "تعجيزية" حالياً بالنسبة للحكومة، وينبغي التخلي عنها بانتظار التطورات السياسية المستقبلية لمقدونيا. ولا تنكر الحكومة شرعية الكثير من مطالب الألبان، وذلك على رغم ان وضع الألبان في مقدونيا هو الأفضل بين كل الاقليات العرقية في البلقان، وان على الألبان "من جانبهم" اخذ هذه الحقيقة بالاعتبار وعدم اثارة المشكلات للحكومة، من خلال التمادي في المطالب والتلويح بالقتال للحصول عليها، ان لم يتحقق ذلك بعيداً من اطار السلاح.