بعد أربعة أيام على اصدار محكمة العدل الدولية في لاهاي حكمها في النزاع الحدودي بين قطروالبحرين، والذي طوى صفحة الخلاف بين البلدين، زار أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة الدوحة أمس وأجرى محادثات مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وسط مظاهر حفاوة استثنائية. وشدد أمير البحرين على "نصر تاريخي" للبلدين تحقق بطي صفحة النزاع، مشيراً الى أنهما يسيران "على طريق الوحدة، ولا سقف للتكامل"، فيما أعلن أمير قطر انه اتفق والشيخ حمد بن عيسى على اجتماع قريب ستعقده اللجنة العليا المشتركة برئاسة وليي العهد. عاد الى المنامة بعد ظهر أمس أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة آتياً من الدوحة حيث التقى الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وكان زار الامارات وأجرى محادثات مع رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وأفادت "وكالة أنباء الخليج" ان أمير البحرين عرض مع أمير قطر مستقبل العلاقات بين بلديهما والسبل الكفيلة بتعزيز تعاونهما بما "يخدم العلاقات الأخوية لما فيه خير الشعبين". وجدد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة قبول البحرين حكم محكمة العدل الدولية الذي "سيفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين ويعطي فرصة أكبر للتعاون والتنسيق في كل المجالات"، مؤكداً ان "هذا النصر التاريخي لقطروالبحرين يعد مكسباً لهما في اطار ما يربطهما من وشائج القربى وصلات الاخوة والمحبة التي تجمع بينهما منذ القدم، ونقطة انطلاقة لمزيد من البناء والعمل المشترك". ولفت أمير البحرين بعد محادثاته مع أمير قطر الى أن "الوحدة موجودة اليوم في قلوب الجميع"، مؤكداً الاستعداد لتلبية مثل هذه الرغبة، ومشيراً الى أن حدود التعاون بين البلدين مفتوحة. وأعلن ان البحرينوقطر "تسيران على طريق الوحدة". ورأى ان اللجنة العليا المشتركة "ستقوم بعمل كبير"، مشيراً الى انشاء جسر بين البلدين. وتناولت محادثات الأميرين وهي الأولى بعد طي ملف الخلاف الحدودي تفعيل كل ما من شأنه تعزيز التعاون لا سيما اللجنة العليا المشتركة، التي يرأسها وليا العهد، لما لهذه اللجنة من "أهمية في تحقيق طموحات قيادتي البلدين وشعبيهما". وبثت وكالة الأنباء القطرية ان المحادثات تناولت "قضايا متعلقة بدعم مسيرة مجلس التعاون الخليجي، اضافة الى عدد من القضايا الاقليمية والدولية". وحضر المحادثات من الجانب القطري ولي العهد الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني، ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ورئيس الديوان الأميري الشيخ عبدالله بن محمد بن سعود آل ثاني. وحضرها من الجانب البحريني وزير المواصلات الشيخ علي بن خليفة آل خليفة ووزير الدولة لشؤون الديوان الأميري الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، والشيخ سلمان بن عبدالله آل خليفة والشيخ حمد بن ابراهيم آل خليفة والشيخ خالد بن سلمان آل خليفة، والسفير البحريني في الدوحة السيد عيسى الجامع. وكان لافتاً أن قطر أعدت أمس استقبالاً رسمياً وشعبياً لأمير البحرين، هو الأول من نوعه لأي زعيم يزور الدوحة، اذ احتشد في المطار عدد كبير من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين لاستقبال الشيخ حمد بن عيسى والوفد المرافق، واصطف على جانبي شارع الكورنيش مواطنون وطلاب يحملون اعلام البحرينوقطر، التي لوحوا بها تحية لأمير البحرين وصفقوا لدى مرور موكبه. وبدت هذه الحفاوة واضحة في وسائل الاعلام وتعليقات الأوساط الشعبية. وكان أمير قطر أدلى بتصريح والى جواره أمير البحرين وقال: "اتفقنا مع الشيخ حمد بن عيسى على أن تجتمع اللجنة المشتركة برئاسة وليي العهد في أقرب فرصة، لمناقشة الأمور التي تزيد التلاحم بين الشعبين". وزاد: "من حسن الطالع ان اللجنة ستعقد ودولة البحرين تجري فيها مشاركة شعبية وقطر تجري فيها أيضاً مشاركة شعبية، ونعتقد ان هذه ستكون الأسس السليمة لأن المشاركة الشعبية هي التي تدعم القرارات السليمة بين البلدين". وأقام أمير قطر مأدبة غداء تكريماً لضيفه، حضرها كبار المسؤولين وعدد كبير من الشيوخ والوزراء ورؤساء البعثات الديبلوماسية العربية والأجنبية. وكان الشيخ حمد بن عيسى أعرب لدى وصوله الى الدوحة عن سروره بزيارة قطر ولقاء الشيخ حمد بن خليفة "لنمضي معاً بعزيمة مشتركة نحو تعميق روح الأسرة الواحدة بين الشعبين الشقيقين، بما يعود بالخير عليهما وعلى كل الشعوب الخليجية". وأضاف: "اننا على يقين من أن زيارتنا الاخوية لدولة قطر الشقيقة ولقاءنا أخينا صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية في شأن الخلاف الحدودي بين البلدين، وقبوله بالروح الحضارية من الطرفين، سيساهمان في الارتقاء بالعلاقات، وتعميق أواصر التلاقي والمحبة بين الشعبين، وتوثيق عرى الأسرة الخليجية الواحدة وتعزيز انطلاقها". ورأى أمير البحرين ان 16 آذار مارس 2001 يوم صدور قرار محكمة العدل "مثلما كان يوماً يؤرخ نهاية الخلاف بين دولتينا الشقيقتين، فإنه يوم يؤرخ أيضاً لانطلاقتنا الجديدة معاً نحو المستقبل وفتح صفحة جديدة مشرقة بين البلدين، ستنعكس ايجاباً على الشعب البحرينيالقطري الواحد، وعلى سائر شعوبنا ضمن منظومتنا الخليجية الواحدة". وأشار الى التاريخ المشترك بين قطروالبحرين، مكرراً ان حكم محكمة العدل الدولية مكسب مشترك لهما "إذ كسبنا معركة المستقبل معاً بما يحقق تطلعات أجيال من شعبينا الى العيش المشترك". وتابع: "لا سقف ولا حدود للتكامل مع الأشقاء في دولة قطر، ونتطلع الى استئناف أعمال اللجنة العليا المشتركة للانطلاق بالتعاون بين البلدين نحو آفاق رحبة، عبر البدء من دون ابطاء بالمشاريع المشتركة، وفي مقدمها مشروع الجسر الذي سيربطهما وسيكون جسراً للتواصل لا ينقطع".