16 آذار مارس 2001، يوم لن ينساه القطريونوالبحرينيون. يوم يطوي تاريخاً طويلاً من الخلاف الحدودي بين البلدين، ويطوي عقداً من الجلسات والمرافعات لمحكمة العدل الدولية، في قضية تعود جذورها إلى قرنين وأكثر، من أيام تناحر القبائل في شبه الجزيرة والاستعمار البريطاني. وأعلنت الدوحةوالمنامة التزامهما تنفيذ ما نص عليه الحكم. راجع ص 4 ووجّه كل من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وأمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، كلمة إلى شعبه، معلنين معاً التزامهما الحكم، ومادين يد التعاون وإعادة الوفاق بين البلدين ل"كسب معركة المستقبل"، شاكرين للقضاة جهودهم. النطق بالحكم الذي تلاه بالفرنسية القاضي جيلبير غيوم وقصره على مواد معينة قافزاً على حيثيات كثيرة، استغرق نحو ساعتين ونصف ساعة، في حضور حشد من الديبلوماسيين والحقوقيين والصحافيين، فضلاً عن وفدي البلدين برئاسة وزيري الخارجية، البحريني الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة والقطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر. وأعطت المحكمة للبحرين ما اعتبرته لها، ولقطر ما اعتبرته لها، مستندة إلى وثائق ومراسلات بين شيوخ الدولتين من جهة والدولة المستعمرة، وإلى اتفاقات بين بريطانيا والدولة العثمانية، وإلى نتائج تحكيمات تولاها الممثل السياسي البريطاني في الخليج ووزير الهند.، وإلى الظروف القائمة حالياً. وبدا من ردود فعل الطرفين على الحكم أنهما خرجا مرتاحين معبرين عن تطلعاتهما نحو المستقبل... بعدما أصبح الخلاف جزءاً من الماضي. قضت المحكمة، كما ذكرت "الحياة" أمس، بسيادة البحرين على جزيرة حوار وقطعة جرادة، وبسيادة قطر على الزبارة وجزيرة جنان وحد جنان وفشت الديبل. وأعادت رسم الحدود البحرية استناداً إلى القانون الدولي وما يحدده في شأن المياه الاقليمية، من دون أن تعتبر البحرين ارخبيلاً، ومنحت السفن القطرية حق المرور السلمي في المياه الفاصلة بين حوار والساحل القطري المقابل. ولخص أمير البحرين الحكم بأنه "كسب مشترك للبلدين" وعده "انتصاراً ليس للبحرين فحسب وانما لجميع الأشقاء والأصدقاء وأطراف المجتمع الدولي ومبادىء الشرعية في كل مكان". وقال: "حان الوقت لفتح صفحة جديدة مشرقة من الوفاق بين بلدينا تثبيتاً للتلاحم القائم بينهما". ورأى أمير قطر "جوانب ايجابية" في الحكم أكدت حقوق بلاده "في اقليمها البري ومناطقها البحرية وجرفها القاري ومنطقتها الاقتصادية الخالصة بما في ذلك مغاصات اللؤلؤ وجزيرة جنان وفشت الديبل وقطعتي الشجرة والعرج وغيرها من المناطق". لكنه وجد ان الحكم لم "يكن بالامر الهين على نفوسنا" بابقائه السيادة البحرينية على حوار. وهنأ شعبي البلدين داعياً إلى طي صفحة الماضي "لنبدأ صفحة جديدة". ومثلما اعتبرت المنامة أن بقاء سيادتها على حوار "انتصار"، اعتبرت الدوحة أن الحكم بسيادتها على فشت الديبل ومناطق بحرية ومغاصات "انتصار" أيضاً له أهمية اقتصادية تفوق فوائدها ما لحوار من موقع "عاطفي" لدى القطريين، كما قال وزير الخارجية القطري. وفي أول خطوة تعبر عن تسارع التطورات الإيجابية، أجرى ولي عهد قطر الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني اتصالاً هاتفياً مساء أمس بنظيره البحريني الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، وبحثا في مستقبل العلاقات وسبل تطويرها، علما أن أمير البحرين دعا في كلمته مساء إلى معاودة اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين برئاسة وليي العهد. وأعلن الديوان الأميري في المنامة أن الشيخ حمد بن عيسى سيتوجه اليوم إلى السعودية للقاء الملك فهد بن عبد العزيز والمسؤولين السعوديين وشكرهم على جهود الوساطة التي بذلوها لحل النزاع. وأصدر رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة قراراً باعتبار اليرم السبت يوم عطلة رسمية لمناسبة صدور الحكم.