تكرّس الانقسام السياسي داخل الحركة النقابية العمالية باجراء انتخابات الاتحاد العمالي العام امس وفوز لائحة من القوى المعارضة لرئيس الاتحاد السابق الياس أبو رزق، بعد خلافات استمرت زهاء خمسة أشهر بين الجهات السياسية والنقابية التي تتحرك داخل الاتحاد. وفيما اخذت الخلافات في الخريف الماضي طابعاً متعلقاً بالانتخابات النيابية التي اجريت خلال الصيف، اذ ترشح أبو رزق في دائرة الجنوب على لائحة مضادة للائحة الائتلافية التي تزعمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فانها اخذت تتصاعد، بائتلاف الاتحادات النقابية القطاعية التي لحركة "أمل" و"حزب الله" والقوميين السوريين الاجتماعيين وحزب البعث نفوذ فيها وتحركها ضد أبو رزق. وبدأ الأمر برفض عودة الأخير عن استقالة قدمها بعد الانتخابات النيابية، من جانب هذا الائتلاف الذي يملك الغالبية في هيئة مكتب الاتحاد، واعتبر مندوبو هذه القوى التي لها الارجحية في 27 اتحاداً نقابياً قطاعياً ان تحركات ابو رزق الذي بقي بعض المستقلين والشيوعيين في هيئة مكتب الاتحاد ونائبه ياسر نعمة يساندونه، غير شرعية. ودعا معارضو أبو رزق الى انتخابات اعتبرها هو غير شرعية. لكن وزارة العمل التي يتولاها الرئيس السابق للحزب القومي الوزير علي قانصو أكدت شرعية الدعوة. فقد فازت بالتزكية في الانتخابات العمالية أمس اللائحة التي تبلورت قبل شهر، وتضم غسان غصن رئيساً نقيب اتحاد النقل الجوي وبسام طليس نائباً له وسعد الدين حميدي صقر أميناً عاماً والأعضاء: بشارة الأسمر وبشارة شعيا وفؤاد حرفوش وأسامة الخنسا وأنطوان انطون وبطرس سعادة ومارون الخولي وفوزي السيد ووليد الجويدي. وقاطع الانتخابات 14 اتحاداً عضواً شيوعيون ومستقلون يمثلها 27 ناخباً في حين شارك 47 ناخباً من أصل 74 وأشرفت وزارة العمل على العملية، عبر مندوبيها علي فياض وأحمد زعرور وجورج السمرا. وأحيطت بتدابير أمنية نفذها عناصر من قوى الأمن الداخلي. وأكد غصن بعد انتخابه "ان الانتخابات لم تكن ويجب الا تكون انتصاراً لفريق على آخر، فالاتحاد الذي هو ركن اساسي في التنمية لن يكون اداة في يد أحد وسيكون له دوره في كل الخطوات الاصلاحية الضرورية في حياة البلاد، الا انه لن يتهاون اطلاقاً في الدفاع عن مصالح العمال وحقوقهم ولن يبقى مكتوفاً حيال عملية الصرف الجماعي والفردي التي تجرى في القطاعين العام والخاص". وسئل عن امكان طعن ابو رزق في الانتخابات، أجاب: "اذا كانوا اعتبروها غير شرعية فلماذا دعوا الى تأجيلها؟". ونفى ان يكون هناك اتحادان عماليان "وإذا كنا نؤمن بالديموقراطية، علينا قبول الآخر...". أما الاتحادات المقاطعة للانتخابات فانقسمت ثلاثة ولكل اسبابه: 9 اتحادات مؤيدة لأبو رزق تعتبر العملية الانتخابية مخالفة للقوانين والنظام الداخلي، 4 اتحادات تؤلف التجمع الديموقراطي، لا تؤيد ابو رزق انما تعترض على ما تعتبره هيئة طائفية حزبية، واتحاد واحد هو اتحاد نقابات موظفي المصارف الذي قرر البقاء خارج الخلافات والانقسامات. وعقد التجمع الديموقراطي للاتحادات والنقابات العمالية المعارضة اجتماعاً استثنائياً واعتبر ان ما حصل امس انقلاب فعلي في الحركة العمالية. وقال: "ان التجمع اذ ينعى للعمال اتحاداً عمالياً حراً ويزف لهم ولادة اتحاد مسيّر في ظل هيمنة فئوية وحزبية واضحة، كان يتمنى على وزير العمل ان يحتكم الى الحق ويجمع الأفرقاء للوصول الى افضل الحلول، من دون تأييد فرع على آخر في ظل الحديث عن غالبية وقلة داخل الاتحاد". واعتبر نائب رئيس الاتحاد ابو رزق ياسر نعمة ان انتخابات امس غير شرعية وقال: "انها لا تعنينا لأنها قامت على أمور باطلة اساساً، وقد نظمتها وزارة العمل وأوجدت فيها قيادة عمالية تأتمر بأمرها". وعلم ان مندوبي الحزب التقدمي الاشتراكي تعاونوا مع الائتلاف المعارض لأبو رزق، فيما التزم حزب الكتائب ومندوبو "القوات اللبنانية" موقفاً ممتنعاً عن الخوض في الانتخابات. وقالت مصادر نقابية ان "القوات" اشترطت الترخيص لاتحادات نقابية جديدة، من أجل المشاركة. وحضر العملية الانتخابية ممثل عن منظمة العمل العربية هو أديب الحمصي وعبدالمنعم الغزال عن اتحاد عمال مصر.