} استأنف "منتدى جمال الاتاسي للحوار الديموقراطي" نشاطه مساء أول من أمس بمحاضرة القاها الدكتور عبدالرزاق عيد عن "ثقافة الخوف"، لتعود بذلك المنتديات الى النقطة التي بدأت منها منتصف العام الماضي. وكان اللافت دخول اسلاميين بعد "البعثيين" على خط المناقشات. ألقى الدكتور عبدالرازق عيد في "منتدى جمال الاتاسي للحوار الديموقراطي" محاضرة "نظرية" أو "مطالعة ثقافية" عن الخوف في "العالم العربي من المحيط الى الخليج"، الأمر الذي انتقده بعض المتحدثين المتحمسين، الى ان دخل النقاش الى الوضع السوري بمشاركة نحو عشرة من "البعثيين" في جامعة دمشق. وقال عيد: "عندما يسود القمع السياسي، حيث غياب القوانين هو جوهر النظام العربي القائم، يسود الخوف والحذر معشعشاً في صدور الحكام والمحكومين. السلطة تخاف المجتمع، والمجتمع يخاف السلطة"، مشيراً إلى ان "القمع المفرخ للخوف واللاجم للشعور بالأنا الاجتماعية، يقتل الانا الاخلاقية داخل الفرد، فيرتد الى احط انواع الدناءة والخسة وانتهاز الفرص، والخنوع الذليل للعلاقات التراتبية حيث تتأسس علاقة عبودية بين كل درجة وما دونها، او ما فوقها، وصولاً الى تكريس نوع من الابوية ... فالأمر يصدر من الاعلى وما على الأدنى سوى الاذعان استمراراً لحكمة ازمنة الانحطاط". واكتظ منزل الراحل الاتاسي بأكثر من 300 شخص تزاحم بعضهم على درج المنزل ومدخله في منطقة المزة جنوبدمشق. وكان بين الحضور عدد من السجناء الذين اطلقوا اخيراً مثل فاتح جاموس من "حزب العمل الشيوعي" واعضاء "الهيئة التأسيسية" ل"لجان المجتمع المدني" مثل يوسف سلمان وعارف دليلة الذي سيشارك مع النائب منذر الموصلي في برنامج "الاتجاه المعاكس" الذي يخصصه فيصل القاسم اليوم في قناة "الجزيرة" للوضع السوري والمنتديات الثقافية. وقال عيد: "ان القمع - الخوف لا يقتل الانا الاخلاقية في الفرد فحسب بل يقتل الانا القانونية داخله عندما يكون جوهر العلاقات الحاكمة للنظام المستبد هو الاعتباطية المقيدة، فان كل شيء يغدو ممكناً في ظل دولة جوهر نظامها الاستبدادي غياب القوانين". وكان لافتاً اختلاف كلام الدكتور عيد في المحاضرة عن نص سابق اعده عن الموضوع نفسه لالقائه في مناسبات اخرى، اذ الغيت محاضرة له كانت مقررة الشهر الماضي في "منتدى بدرخان الثقافي" في القامشلي شرق البلاد. وقال عيد: "في فضاءات القمع تنحل الطبقات الاجتماعية الى جماهير، تتحول المواطنة الى رعية، والرعية ... الى رعاع. وهذه الرعاعية تشكل الخزان البشري لكل اجهزة القمع في الدولة الامنية، وهؤلاء لا يبعثون الخوف في نفوس الخلق فحسب بل ينتجون حالاً من الذعر المعمم". وكان هذا موضع انتقاد قوي من "البعثيين" الذين اعتبروا انه يروج ل"ثقافة الجحود" و"ثقافة الالغاء" بانكاره "الايجابيات والانجازات" التي تحققت في العقود الاخيرة منذ توصل "البعث" للحكم عام 1963. وكان اول المتحدثين الثلاثين الدكتور دليلة الذي رأى "ان شعبنا لديه مضاد حيوي للخوف"، الامر الذي اتبعه زميله في "الهيئة التأسيسية" الدكتور وليد البني بانتقاد ضمني للدكتور عيد الذي قدم "محاضرة وجدانية غاصت في عمق جرحنا بقسوة". وأعرب "البعثي" الدكتور سليم بركات عن "الاطمئنان لحال المنتدى وما يجري به من نقاش وحوار"، مشيراً إلى ان "الطريق مفروش بالورد لمن اراد التفاعل مع الوطن، اذ ان هذا نهج اساسي للقيادة الجديدة"، في اشارة الى الرئيس بشار الاسد الذي تسلم الحكم في تموز يوليو الماضي. وزاد الدكتور بركات: "اننا في البعث لا نقبل ان يسكت احد على الخطأ"، الأمر الذي استقبله الجمهور بالتصفيق والتشجيع. وكان لافتاً مشاركة اسلاميين، إذ بدأ فيصل عبدالعظيم مداخلته بالبسملة والتأكيد ان "المؤمن الحقيقي غير ذليل، واننا لسنا ضد البعث، وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابين"، داعياً "الجميع الى مناقشة وضع الوطن انداداً لانداد، والذي يميز انساناً على انسان هو الله او الشعب". كما انتقد اسلامي آخر هو محمد حمود استناد المحاضر الماركسي الى التاريخ الاسلامي كخلفية تاريخية لوجود الخوف من الحاكم عند العرب، مشيراً إلى قول الخليفة عمر بن الخطاب "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً".