مع اعلان حركة طالبان ان تدمير تمثالي بوذا الأكبر في العالم اقترب من نهايته، تسارعت التحركات الديبلوماسية والاسلامية لانقاذ ما يمكن انقاذه من الإرث الثقافي العالمي متزامنة مع قرار روسي بتشديد العقوبات على حركة طالبان وأسامة بن لادن. راجع ص 10 وطالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة طالبان ان تلتزم تعهداتها السابقة حماية التراث الثقافي لأفغانستان. وتبنت قراراً حث الحركة على اعادة النظر بقرارها تفجير التماثيل. وجاء قرار المنظمة الدولية في وقت اعلن وزير خارجية طالبان وكيل أحمد متوكل انه سيلتقي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في اسلام آباد التي وصلها أمس لشرح وجهة نظر طالبان وللاحتجاج على "العقوبات الظالمة" التي تفرضها الأممالمتحدة ضد كابول بسبب رفضها تسليم اسامة بن لادن. وغادر مفتي مصر الدكتور نصر فريد القاهرة على رأس وفد رفيع المستوى إلى باكستان ومنها إلى افغانستان للقاء قادة في حركة "طالبان" الحاكمة هناك سعياً الى ثنيهم عن المضي في تدمير بقية الآثار الافغانية. وقال واصل لپ"الحياة" إن مهمته "إنسانية بالدرجة الأولى" معرباً عن أمله بنجاحها "من أجل صالح الإسلام وصورة المسلمين". وفي الدوحة اعلن وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ان الوفد الذي يرأسه المفتي المصري يضم الشيخ يوسف القرضاوي والامين العام المساعد للشؤون السياسية في منظمة المؤتمر الاسلامي ابراهيم بكر والمدير الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالنيابة الدكتور هيثم الخياط. وقال ان الوفد "سيلتقي الاخوة في افغانستان ويتباحث معهم بشأن القرار الخاص بإزالة الآثار القديمة هناك". وتتزامن الوساطة المصرية - الاسلامية مع فشل وزير الداخلية الباكستانية الجنرال معين الدين حيدر، خلال لقائه زعيم "طالبان" الملا محمد عمر في مدينة قندهار الافغانية، في اقناع الحركة بالعدول عن قرارها. ونقل ناطق باكستاني عن حيدر قوله ان الملا أكد له "استحالة العودة عن هذا القرار"، وان "القرار اتخذ بعد بحث على مستوى وطني من قبل الأئمة والوزراء". وفي موازاة التحرك الاسلامي والدولي، اعلنت موسكو موقفاً متشدداً من "طالبان". اذ أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يقضي بتشديد العقوبات على الحركة وتجميد الحسابات المصرفية لابن لادن والجهات التي لها علاقة به او بتنظيم "القاعدة"، وتجميد الأموال التي تحصل من ممتلكات تحت حيازة، او اشراف مباشر او غير مباشر لأشخاص لهم صلة بابن لادن. وفي كابول اعلنت "طالبان" رويترز، ا ف ب ان تمثال بوذا العملاق البالغ ارتفاعه 55 متراً والمحفور في الصخر منذ اكثر من 1500 سنة في باميان وسط البلاد، قد دمّر كلياً تقريباً. وأكد عبدالحي مطمئن الناطق باسم الحركة وأمين سر الملا محمد عمر: "ان تدمير تمثالي بوذا يقترب من نهايته"، وأنهما "دمّرا بنسبة 80 أو 90 في المئة". ولم تتأكد هذه المعلومات من مصادر مستقلة. وأوضح المفتي واصل أنه "سيحرص على ألا تتحول مهمة الوفد إلى إدارة سجال فقهي مع زعماء طالبان وإنما ستركز على التوفيق بين قناعاتهم وما يراه علماء الإسلام في دول أخرى بينها مصر". ونفى بشدة أن تشمل مهمة الوفد قضايا أخرى بينها مسألة الأصوليين المصريين المقيمين على الأراضي الأفغانية في حماية حركة "طالبان" وتتهمهم السلطات المصرية بالضلوع في اعمال عنف وقعت في البلاد خلال التسعينات. واضاف: "هدفنا هو تحقيق المصلحة العامة للمسلمين ووقف استخدام قضية هدم التماثيل للإساءة إلى الإسلام، ولن نخوض في موضوعات أخرى، وسنعرض على قادة الحركة ما انتهينا إليه في دار الافتاء وما أجمع عليه علماء الدين الإسلامي في مصر من أن كل التماثيل الأثرية التي تعود إلى حقبة ما قبل الإسلام مجرد تسجيل للتاريخ وليس لها أي تأثير سلبي في عقيدة المسلمين، وعلى ذلك فإن الإبقاء عليها ليس حراماً". وتابع "لم أرَ مسلماً مصرياً واحداً تأثر بمئات التماثيل الاثرية التي تغطي المدن المصرية، وكل المصريين يعلمون أنها مجرد تسجيل للتاريخ". وسئل هل يتوقع ان تؤثر الخلافات السياسية بين القاهرة وحركة "طالبان" سلباً على مهمته، فقال: "قضية تدمير الآثار تتخطى الأبعاد السياسية وحين يُطلب من مسلم أن يؤدي دوراً لتصحيح صورة الإسلام فيجب ألا يتأخر".