الفرات هو الاسم الذي عرفه العرب لهذا النهر قبل الإسلام وبعده. واسمه في السومرية "بورانوتو"، وفي الآشورية "بوراتو" وفي العربية "فرات" وفي الآرامية "فرت". وعرّب العرب اسمه الآشوري ولفظوه فرات، وصاروا يطلقون هذه اللفظة على كل ماء عذب لعذوبة ماء الفرات. وجاء لفظ الفرات في القرآن الكريم، قال عزّ وجل هذا عذب فراتٌ. وهذا ملحٌ أُجاج. وروي عن الإمام علي بن أبي طالب، انه قال: يا أهل الكوفة ان نهركم هذا يصب اليه ميزابان من الجنة. وعن عبدالله بن عمير ان الفرات من أنهار الجنة، ولولا ما يخالطه من الأذى ما تداوى به مريض الا أبرأه الله تعالى، وان عليه ملكاً يذود عنه الأدواء. وروي ان أبا عبدالله جعفر بن محمد الصادق شرب من ماء الفرات ثم استزاد واستزاد فحمد الله وقال: نهر ما أعظم بركته، ولو علم الناس ما فيه من البركة لضربوا على حافتيه القباب، ولولا ما يدخله من الخاطئين ما اغتمس فيه ذو عاهة إلا برأ. وقال فيه رفاعة بن أبي الصفيّ: ألم تر هامتي من حب ليلى على شاطي الفرات لها صليل فلو شربت بصافي الماء عذباً من الأقذاءِ زايلها الغليل هذه هي مياه نهر الفرات العذبة التي كانت وما زالت ينبوع الخير، إذ تعاقبت حضارات وشعوب كثيرة على ضفتيه، وقامت مدنيات ثم بادت، ومن ضفافه التي كانت مهداً للحضارات اخترعت أول كتابة في العالم. وفي مناسبة ذكرى مرور خمسة آلاف عام على اختراع الكتابة المسمارية في حوض الفرات يستضيف العراق في 20 آذار مارس الجاري مؤتمراً دولياً يشارك فيه عدد من العلماء والخبراء في العالم. ويهدف المؤتمر الى ابراز هذا الحدث التاريخي ويستمر لمدة سبعة أيام وتشمل فاعلياته محاضرات تخصصية وزيارات للمتاحف الوطنية والمواقع الأثرية وعروضاً للأزياء القديمة ومعارض تبرز في مجملها أهمية هذا الحدث العلمي في بلاد الرافدين. وستشارك في المؤتمر الأول من نوعه الذي يعقد في بغداد، شخصيات كثيرة مهتمة بالتاريخ والآثار من الدول العربية، ودول أجنبية عدة مثل المانيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وبلجيكا وهولندا والدنمارك واليابان والولايات المتحدة. اضافة الى عدد من الباحثين والعلماء من مختلف الجامعات والمؤسسات والمراكز العلمية العراقية والعربية والأجنبية الذين سيناقشون موضوع الكتابة منذ مرحلة النشوء وانماط الكتابات والخطوط وتطورها في بلاد الرافدين والشرق القديم وأدوات الكتابة ووسائل توثيقها. والكتابة المسمارية تعدّ من أولى الكتابات، إذ بحث علماء الآثار في الكتابة وبداياتها، حتى أكد بعضهم ان بداياتها كانت في الشرق القديم الذي يعدّ مهد الحضارات الإنسانية الأولى، ويقصد بالشرق القديم منطقة بلاد الرافدين والشام، والشرق الأدنى عموماً ومصر. ففي هذه المنطقة بالذات ظهرت أهم كتابتين في العالم، هما المسمارية في بلاد الرافدين، والهيروغليفية في مصر، ثم تلتهما الكتابة الأبجدية الكنعانية في سورية الغربية. ويذكر بعض العلماء ان الكتابة المسمارية بدأت في العراق وكان ذلك في عصر أوروك في حدود 3800 - 3500 ق.م حين بدأت هذه الكتابة بهيئة صور الأشياء المراد تدوينها. وهذا ما يعرف بالطور الصوري الذي استعمله السومريون للتعبير عن لهجتهم المنطوقة وهي كتابة مقطعية. وظلّت هذه الطريقة فترة طويلة تقارب 30 قرناً من عمر البشرية. وأقدم الألواح المكتوبة من الطين في عصر أوروك، كان عبارة عن سجلات بسيطة لأملاك المعبد ووارداته، وفي أول أطوارها كانت، مؤلفة من علامات صوتية كثيرة، تعد نحو 2000 علامة. واعتمد القدامى في الكتابة الصورية للأشياء الملموسة، على رسم الصورة الموجزة لها. فتوصلوا بعد نشوء الكتابة الى ابتكار صور رمزية وهي طريقة للتعبير عن الأفكار والمعاني المجردة بالصور المختصرة. فمثلاً: صورة الشمس لا تعني قرص الشمس وانما المعاني المشتقة منها وهي الحرارة والضوء واليوم. وبدأ الطور الصوتي في الكتابة في عهد "جمدة نصر" في حدود 3200ق.م، وتطورت الكتابة المسمارية بعد ذلك ووصلت الطور الصوتي وبعلامات مسمارية بلغت 600 علامة واختصرت بعد ذلك استعمالاً صوتياً صرفاً بهيئة مقاطع صوتية، وكان الخط المسماري خليطاً بين الطريقة الصوتية المقطعية والطريقة الرمزية. ولهذا تعتبر الكتابة المسمارية من أقدم الكتابات، كما تُعتبر احدى اللهجات التي كانت تستعمل كالأكادية في الرافدين والإيبلائية في سورية والكنعانية التي تضمنت لهجات فرعية هي اللهجة الأوغاريتية واللهجة الفينيقية.