} لا تزال بلغراد ترفض التعهد بتسليم الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش والمتهمين الصرب الآخرين إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي، فيما أكدت واشنطن على أن مساعداتها ليوغوسلافيا مشروطة بتخليها عن هذا الموقف، وجدد ميلوشيفيتش رفضه المثول أمام المحكمة، وقال إنها "مؤسسة عديمة الأخلاق وغير شرعية". نقلت وسائل الإعلام الصربية أمس عن جوزف ليبرمان، رئيس الوفد الأميركي الذي التقى الرئيس فويسلاف كوشتونيتسا، أنه حض المسؤولين اليوغوسلاف على التعاون التام مع محكمة لاهاي "إذا أرادت بلادهم الاندماج الكامل في المجتمع الدولي". وأعلن أن صرف المئة مليون دولار التي خصصها الكونغرس لمساعدة يوغوسلافيا "مشروطة بالاستجابة لطلب محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي، ليس فقط بتسليم ميلوشيفيتش وحده، بل جميع المتهمين الموجودين في صربيا، بمن فيهم الجنرال السابق راتكو ملاديتش". في غضون ذلك، أفاد رئيس الوزراء الصربي زوران جينجيتش في واشنطن، بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول، ان حكومته "ستعين قضاة للاشراف على التحقيقات المتعلقة بميلوشيفيتش في وقت قريب، على أن تتم محاكمته في غضون أسبوعين". وقال: "أرغب أن تجري محاكمة ميلوشيفيتش عبر النظام القضائي الصربي أولاً"، وأشار إلى أن بلاده على استعداد لإيجاد تسوية للتعاون مع محكمة جرائم الحرب، لكنه لم يكشف عن الكيفية التي يمكن أن يحصل بموجبها هذا التعاون. ويبدو أن هذا التصريح لم يكن كافياً لإرضاء مضيفيه في واشنطن، إذ كشف الناطق باسم الخارجية الأميركية عن شكوك تساور الولاياتالمتحدة ازاء الصيغة التي عرضتها جينجيتش، وقال: "لم يقدم رئيس الحكومة الصربية توضيحاً لطبيعة الاتهامات الموجهة إلى ميلوشيفيتش"، خصوصاً أن التلميحات التي صدرت من بلغراد في الفترة الأخيرة، أشارت إلى أن هذه الاتهامات تتعلق بالفساد واستغلال السلطة خلال فترة حكمه التي دامت 12 عاماً، وليست اتهامات بارتكاب جرائم حرب. ونقلت صحيفة "داناس" الصادرة في بلغراد أمس، عن رئيسة هيئة الادعاء العام في محكمة جرائم الحرب كارلا ديل بونتي ان الذين تحدثت إليهم اثناء وجودها في صربيا، ذكروا أنهم "يمرون في وضع صعب، لا يسمح لهم بتسليم ميلوشيفيتش إلى محكمة لاهاي". واعتبرت ديل بونتي ان هذا الادعاء "خدعة كبيرة" ويسود بلغراد صراع شديد في شأن تسليم المتهمين بجرائم الحرب، فعلى رغم وجود قادة في صفوف "الحركة الديموقراطية الصربية" لا يمانعون في ذلك، إلا أن الكثير من الصرب لا يزالون يعتبرون هؤلاء المتهمين أبطالاً قوميين، ما جعل الرئيس كوشتونيتسا في موقف لا يحسد عليه. وأبلع ايفيتسا داتشيتش، نائب رئيس الحزب الاشتراكي الصربي، الذي يتزعمه ميلوشيفيتش ل"الحياة" عبر مكالمة هاتفية من بلغراد، ان محاكمة أي من السياسيين الصرب في لاهاي "تعني خيانة من السلطة الحالية لسيادة الدولة القومية الصربية". إلى ذلك، أعلن ميلوشيفيتش أنه يرفض المثول أمام المحكمة التي وصفها بأنها "مؤسسة عديمة الاخلاق وغير شرعية". وقال في مقابلة مع صحيفة "لا ستامبا" الايطالية أمس إن "محكمة لاهاي هي وسيلة انتقامية ضد ممثلين غير مطيعين لشعوب ثائرة، وهذا أشبه بمعسكر اعتقال لشعوب واناس مهمشين". وأضاف ان "هذه المحكمة وجدت لاستهداف الصرب". وتابع ميلوشيفيتش: "ساندتني الدول الغربية لضمان الاستقرار في البلقان، وحين بدأت ترى فوائد أكثر في عدم الاستقرار سحبت تأييدها لي". واعتبر الرئيس اليوغوسلافي السابق أن "مسؤولية الصرب في النزاعات التي مزقت يوغوسلافيا السابقة محدودة جداً مقارنة مع مسؤوليات الكروات والسلوفينيين الذين شاركوا في تقسيم البلاد".