سيواجه الرئيس الأميركي جورج بوش، مع تسنم مهام عمله في البيت الأبيض، قضايا علمية ملحة تتطلب، بدورها، قرارات وسياسات فاعلة وعاجلة. وقد بيّن الرئيس الجديد خلال حملته الانتخابية للرئاسة أن سياساته حول القضايا العلمية ستختلف تماماً عن تلك التي كانت لادارة كلينتون، وسيكون الاختلاف جلياً في ثلاث مناطق: أولاً: التكنولوجيا الحربية. ثانياً: البيئة. ثالثاً: الأمن القومي. فموازنة العلوم للسنة المالية الجارية والمتفق عليها من قبل الكونغرس وإدارة كلينتون تحتوي على زيادة ملحوظة لنسبة الموارد المالية المخصصة للبحث والتطوير العسكري. ويخطط الرئيس الجديد لإضافة 20 بليون دولار اضافية لموارد البحث والتطوير العسكري بين اليوم وسنة 2006. ودعا بوش في الوقت نفسه إلى رفع أو تسهيل القيود الموضوعة على تصدير "التكنولوجيا الحساسة". وذكر في اجتماع مع تكنولوجيين وعلماء بارزين ابان حملته الانتخابية في مقاطعة اريزونا أن سياسته كرئيس هي "صيانة، بل حماية التقنية الحربية الحقيقية واعطاء الأميركان الحرية في بيع ما هو متوافر بكثرة في أمكنة أخرى". وتعهد بانشاء "مجلس تصدير التكنولوجيا" لتقديم النصح والارشادات الضرورية له حول القضايا المتعلقة بالصادرات الأميركية للتكنولوجيا العالية. كما أوضح فريق بوش أنه إضافة إلى سياسته في زيادة الاستثمار في البحوث والتطورات العلمية، خصوصاً تلك التي لها علاقة بالمشاريع الحربية، سيقدم تسهيلات ضريبية دائمة لشركات البحث والتطوير. والجدير ذكره أن هذه الشركات تمتعت في إدارة كلينتون بتسهيلات ضريبية موقتة فقط. ويتوقع أن تكون إدارة البيت الأبيض الحالية ذات سياسة متحفظة في ما خص البيئة وقضاياها المهمة كالسخونة العالمية. وقد ذكر بوش في مقابلة مع مجلة "ساينس" Science ان الجهود لحماية البيئة "يجب أن تقوم على العلوم الجيدة والتحليلات المكثفة". وأظهر عداءه لمعاهدة كيوتو في موضوع السخونة العالمية أثناء الحملة الانتخابية، معتبراً "أن المعلومات العلمية تدل على ارتفاع قليل لمعدل درجة الحرارة في القرن الماضي، بينما أسباب وصدمة الارتفاع القليل غير معروفة. التغيرات في الغلاف الغازي للأرض جوهرية، وهو ما يتطلب تحليلات علمية شاملة". وأثارت تعهدات فريق بوش بالسماح بالتنقيب عن آبار البترول في مناطق مقاطعة الاسكا المحمية بيئياً، القلق البالغ لدى منظمات البيئة العالمية. والمعروف أن الرئيس بوش ونائبه ديك تشايني صادران عن خلفية نفطية، ما يجعل الإدارة الجديدة تأخذ بالاعتبارات التجارية والسوقية لأمور الطاقة والبيئة بشكل أكبر من الإدارة السابقة. كذلك يعتقد بوش خفض التلوث العالمي سينجز من خلال آليات السوق التي عملت في الماضي وستعمل، حسب اعتقاده، في المستقبل أيضاً. وهو أظهر تحمسه الشديد لتصميم نظام دفاع جديد يحمي الولاياتالمتحدة من هجوم الصواريخ البالستية "للدول المارقة" أمثال كوريا الشمالية. وكرر خلال حملته الانتخابية استعداده لخرق معاهدة ABMT لعام 1972 إذا تطلب انجاز الدرع الواقي ذلك. ومقترح "الدرع المضاد للصواريخ" يلقى، كما هو معروف، معارضة شديدة من روسيا والاتحاد الأوروبي. وسوف يؤدي نصبه الذي سيكلف 60 بليون دولار، إلى احياء سباق التسلح، خصوصاً في منطقة آسيا، كما سيثير حفيظة الصين اذ تصير صواريخها النووية، القليلة نسبياً، فاقدة قيمتها. وهذا ما سيشجع بكين على بناء صواريخ أكثر وأعقد وانطلاق التنافس الحربي في المنطقة.