أول الكلام: من لوحات الشاعرة السعودية/ مي إبراهيم كتبي: - عندما يخبّئ الكون نهاره خلف ستاره ويبدأ القمر بنثر النجوم في السماء: أهجع الى وحدتي وعزلتي تنهار قوّتي وأشهرك في وجه كياني نقطة ضعفي أستكين بين ذراعي طيفك، وأبكي غيابك أقول: أحبك بسكون... ألف مرة وأخاف أن أقولها للهواء... كي لا يؤذيها!!
1 تخاطر الموعد في حدسه قبل أن يراها. تخطرت ابتسامتها في رؤاه وهي لم تزل: "بُعد" خيال يُبهج كل البدايات. في صوتها: حنين تحليق يمامْ... حطّ في سمعه كنقر المطر، فشرب السمع من ثغرها: همسة النجوى... ارتوى من كلماتها التي سرقت منه ورقات العمر! تيمّم ببوحها: وضوءاً لجوارحه وخفقه... هي التي منحته هذا البهاء من الحلم. وجد قُدرتها في نقاء جمالها النفسي وهو يُشكل مع جمالها الأنثوي: حيوية إنسان قادر على التجدد والعطاء... فكيف قُدّر لها استباحة صمته ووحدته؟! فجأة... استعاد نشوة الحلم في هالة وجهها، وهمس في اصغائها له: - لم يَبْق فجر وليد... إلاَّ هذا الفرح المنبلج من ثنايا ضحكتك... وما بين انفراجة شفتيك المعسولتين وترنيمتهما: تتساقط فوق مزارعي: كروم، وتزهر الأرض بورود الحياة المبكرة بوعد الحب... هذه التي تفيض من رعشة يدك: شهوة عناق مرتقب!!
2 تُرى... هل هذا: دفؤها، أم تراه: لفحةً... أم سحر عَبقريٍ اندلع به كيانها/ هذا المفعم بعشب الحياة؟! انه عطر روحها الأخّاذ النفّاذ، وقد أوغل في نفسه يُضمّخ طفولة عشقه لفراشة تغنج برقصة الأطلسي. انه "ذهبها" من كل جهاتها... يرن، ويرن، حتى يكسب كل حقوله وأناشيده من ذهبها! انه الآن: يتخمّر في ساعة حلَّقت بهما... بجناحين من بياضها هي... وصعدت بهما الى عبق أنوثتها الجذلى لتدخله جنون اشتعال الدم الجَسُور على التدفق، حتى أضاءت عيناها وعيناه: مهرجان الحب الواجد!
3 صارت في حياته الآن: كل هذه "المرايا" التي تعكس فصوله... يبتكرها من: النقاء/ الغد/ القلق/ الحلم حتى اللقاء الآخر! من دروب الرعاة: سرقها عشبة وزهرة... وفيها اختبأ بعيداً عن العواصف، والبغض، والزحام. تحولت الى مرافئٍ لقصائده التي أنجته من القهر... تُنجب له زمناً تصطفيه فيه وحده، فيكبر معها في الحنين، ويتواجدا - معاً - دنيا اثنين في واحد!!
4 يستعيد الآن أصداءها التي تسكن انتظاره لسطوعها من جديد/ قمراً في سمائه. لم يكن الاعتراض على غيابها: اجتثاثاً لشجونه وحدها... لكنه الاعتراض المسكون برغبة الكبرياء أمام الظروف، وبتأملات المتغربين عن أفئدتهم! يحاول الآن: تآلف الأضواء مع زحام البشر ونفوسهم، وهو يصطدم بأقنعتهم، وبغيابها المتمّوه في البعاد والاشواق!!