كشف جمال أحمد الفضل أبو بكر السوداني، الشاهد في قضية تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في افريقيا، ان نحو 20 مصرياً من "جماعة الجهاد" انشقوا عن تنظيم "القاعدة" في السودان بعدما رفض اسامة بن لادن في 1993 تنفيذ هجوم فوري على الأميركيين للإنتقام من اعتقال الشيخ عمر عبدالرحمن. ويقضي الأخير حالياً عقوبة بالسجن مدى الحياة بعد ادانته في قضية التآمر للقيام بتفجيرات ضد مبنى الأممالمتحدة ومنشآت أخرى في نيويورك. لندن - "الحياة" - استأنفت جلسة محكمة مانهاتن الفيديرالية جلساتها أول من أمس باستكمال تلاوة محضر استجواب المتهم وديع الحاج أمام هيئة محلّفين كبرى العام 1997 والذي يزعم الإدعاء ان المتهم كذب فيه في شأن طبيعة علاقته بتنظيم "القاعدة" وقادته. وأكد الحاج، بحسب محضر التحقيق، انه بالفعل تلقى أموالاً من أسامة بن لادن العام 1996 عشرة آلاف دولار ثم سبعة الاف دولار وانه بانفق عض هذه الأموال ل"دعم المعوزين" في مومبسا كينيا، وانه وزّع الأموال بمساعدة فضل هارون الذي كان يعمل معه في كينيا في تلك الفترة. وسأله المحقق عن شخص يُدعى مبارك الدوري، فقال انه يعرفه وانه كان يعمل في مؤسسة زراعية تابعة لإبن لادن في السودان بين 1992 و1994. وسأله المحقق عن محمد المسعري، فقال انه لم يلتقه لكنه يعرف انه يعيش في انكلترا، وانه يعرف ان شخصاً يُدعى سعد الفقيه يعمل معه. وسُئل عن "لجنة الحقوق الشرعية"، فقال انه سمع بها لكنه لا يعرف طبيعة علاقتها باسامة بن لادن. وسُئل هل يعرف الدكتور عبدالله محمد يوسف، فقال انه لا يعرفه. وهل يعرف "إبن الخطّاب"، فقال انه سمع باسم "الخطّاب" أو "إبن الخطاب" في باكستان. وهل يعرف أسدالله السندي، فقال انه لم يلتقه لكنه يعرف انه يعمل مع إبن لادن، وان السندي يعرف على الأرجح "أزمراي" أحد المسؤولين في القاعدة. ثم سأله المحقق بعدما أنذره بأنه يواجه تهمة الكذب والسجن خمس سنوات إذا لم يقل الحقيقة: هل التقيت أسامة بن لادن في أي من السنوات 1995 أو 1996 أو 1997؟ فأجاب بأنه لم يلتقه في أي مكان في العالم منذ مغادرته السودان في 1994. وبعد الانتهاء من تلاوة المحضر، استُدعي شاهد الادعاء جمال أحمد الفضل أبو بكر السوداني لكي يستجوبه سام شميدت محامي وديع الحاج. وتحدث الشاهد، في رده على أسئلة المحامي، عن شركات إبن لادن في السودان مثل "وادي العقيق" و"شركة لادن انترناشيونال" و"طابا للإستثمار" و"الثمار المباركة" و"قدرات للنقل" و"شركة الإخلاص العالمية" وشركة "الهجرة" للبناء والتي كان يعمل فيها قرابة 600 شخص. وسأله شميدت عن الطيب المدني أبو فضل المكّي، فقال انه كان يعمل تحت إمرته في السودان قبل انشقاق المدني عن إبن لادن وعودته الى السعودية. وسُئل عن "أبو رضا السوري" و"أبو خديجة العراقي"، فقال ان الأول يحمل جوازاً أميركياً والثاني جوازاً المانياً. وتابع انه يعرف بالفعل شخصاً يُدعى "أبو دجانة" اسمه عبدالله اليمني. وقال الشاهد انه كان يعمل في السودان في إطار "الجبهة القومية الإسلامية" إضافة الى انتمائه الى "القاعدة". وأقر بأنه غادر السودان في شباط فبراير 1996 وانتقل الى سورية طلب اللجوء لدى مكتب منظمة الأممالمتحدة، ثم الى الأردن حيث قابل عضواً في "القاعدة" يُدعى "أبو أكرم الأردني". وأقر بأنه كان يريد الانتقال من الأردن الى إسرائيل لطلب مساعدة من الدولة العبرية لتأسيس تنظيم سوداني معارض ل"الجبهة القومية"، لكنه انتقل بعد ذلك الى لبنان، ومن ثم الى اريتريا، ثم الى السعودية. وقال انه ناقش مع السعوديين موضوع نشاطات إبن لادن. لكن الإدعاء اتهمه بأنه أبلغ الأميركيين بعرضه على السعوديين "خطة" لتصفيته إبن لادن من خلال تنظيم "أبو نِصاب" المعروف ب "محمد سوده النوفلي". وأقر بأن السعودية لم تعرض عليه أموالاً، وهو أمر أكد شميدت انه السبب وراء انتقال الشاهد السوداني للأميركيين عارضاً معلوماته عليهم. وبعد نقاش طويل بين المحامي والشاهد في شأن زواجه في الولاياتالمتحدة من أميركية من دون إبلاغ زوجته الأولى بذلك في السودان، اتهم شميدت "أبو بكر" بالكذب على الأميركيين عندما قدّم طلباً للحصول على تأشيرة في 1985/1986. وأضاف انه الطلب تضمّن إشارة الى ان السوداني ذاهب للدراسة في جامعة جورجيا وهو أمر لم يحصل. ورد الشاهد بأنه حاول الانضمام الى الجامعة لكنه فشل. وأقر السوداني بأنه أبلغ المحققين الأميركيين بعد اتصاله بهم في دولة لم يُحددها بأسماء "مئات" الأشخاص الذين كان على اتصال بهم خلال نشاطه في أفغانستان ومع إبن لادن. وحاول المحامي هنا دفع الشاهد الى الإقرار بأنه لم يُخبر الأميركيين في الأيام الثلاثين الأولى التي قضاها معهم في شأن علاقة "أبو عبدالله اللبناني" وديع الحاج بإبن لادن. ورد الشاهد بأنه لا يذكر متى أخبر الأميركيين بنشاطات الحاج. ثم سأله المحامي عن إفادته أمام المحكمة الأسبوع قبل الماضي في شأن تبرير المتهم محمود ممدوح سليم أبو هاجر العراقي-متهم في قضية السفارتين لكن محاكمته لم تبدأ بعد قتل المدنيين بفتوى أصدرها أحمد بن تيمية في قتال التتار. وهنا فسّر الشاهد فهمه للفتوى. وأقر بأنه قال للأميركيين بأن هناك من يقول ان "أبو هاجر" ليس عضواً في "القاعدة" على رغم انه هو يعتقد ان العراقي ينتمي اليها. ثم سُئل: الم يكن هناك في "القاعدة" من جادل بأن هزيمة الأميركيين للرئيس صدام حسين في الكويت ليست بالأمر السيّء؟ فقال أن أشخاصاً عديدين جاؤوا بآراء مختلفة في شأن طريقة التعامل مع صدام والوجود الأميركي في الخليج. وأقر بأن هناك عديدين يؤمنون بضرورة خروج الأميركيين من المنطقة. وأضاف انه يذكر فعلاً ان مصريين من "جماعة الجهاد" طرحوا فكرة تفجير السفارة الأميركية في الرياض لكن تم التخلّي عنها بعد اعتراضات داخل "القاعدة". ثم سُئل عن "أبو حفص" فقال انه يعرفه بالفعل "أبو حفص المصري الكبير" أو محمد عاطف وهو يختلف عن "أبو حفص الصغير"، وكلاهما مصري. وسأله المحامي: ألم تجد صعوبة في التعرّف على صورة "أبو حفص" عندما عرضها عليك الأميركيون في 1997؟ فأجاب بأن ذلك ممكن، إذ ان الصور العديدة التي عُرضت عليه كان بعض أصحابها حليق اللحية أو بهندام غير الذي يعرفه به. ثم سأله شميدت: ألم تقل للأميركيين انك لا تعرف إذا كان مصطفى حمزة و محمد عاطف و"أبو حفص" هم الشخص نفسه؟ فأجاب بأنه يمكن ان يكون وجد صعوبة في التعرف على صورة "أبو حفص". وأقر السوداني بأنه لم يسمع، خلال وجوده في أفغانستان في نهاية الثمانينات، إبن لادن يدعو الى قتال الأميركيين. وتحدث عن تفاصيل انضمامه الى "القاعدة" ومبايعته إياها، وكيف انه خالف تعاليمها بأن سرق أموالها. وأضاف ان مصريين في تنظيم "القاعدة" طالبوا بتنفيذ عمليات انتقامية ضد الأميركيين بسبب اعتقالهم الشيخ عمر عبدالرحمن في 1993. وقال ان اسامة بن لادن رد على تلك المطالبات بأنه سيرد لكن ذلك يحتاج وقتاً ولا يمكن ان يحصل فوراً. وتابع ان ما بين 13 و20 عنصراً من "جماعة الجهاد" المصريين تركوا التنظيم في السودان احتجاجاً على ذلك. وأقر بأنه كان دوماً عضواً في "الجبهة القومية الإسلامية" وان حتى في فترة عمله في "القاعدة" مع إبن لادن كان يُقدّم تقارير للجبهة مثلما كان يقدّم تقارير لإبن لادن عن تحركاتها. وأقر بأنه تلاعب بالطرفين لمصلحته. وأقر أيضاً بأن إبن لادن لم يكن يعرف انه يتجسس عليه لمصلحة "الجبهة القومية" وكان يتلقى أموالاً لقاء ذلك. ونفى رداً على سؤال ان يكون سرق من والده مبلغ 600 دولار. وقال انه رد ما بين 25 و30 الف دولار من أصل 110 الاف دولار سرقها من إبن لادن. وبعد انتهاء محامي الدفاع من اسئلته، تناول الكلام ممثل الإدعاء باتريك فيتزجيرالد وطرح على الشاهد أسئلة أكد من رده عليها ان نشاطات ارهابية كانت تجري في السودان خلال وجود ابن لادن هناك، وانه شخصياً سعى للحصول على اسلحة كيماوية وبيولوجية للتنظيم. بعد ذلك دار نقاش طويل بين قاضي المحكمة ليونارد ساند وممثلي الدفاع والإدعاء في شأن مواد ستُعرض أمام المحكمة وهي كناية عن مستندات ووثائق وأغراض أخرى صادرها محققون أميركيون من منزل وديع الحاج في نيروبي في 1997.