اكد الشاهد الرئيسي للادعاء في قضية تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في شرق افريقيا عام 1998، السوداني جمال أبو الفضل "أبو بكر السوداني"، رداً على اسئلة الدفاع، كل ما ادلى به في شهادته الاسبوع الماضي امام محكمة مانهاتن نيويورك. وأهم ما قال أمس ان الجيش السوداني زوّد تنظيم "القاعدة" التابع لاسامة بن لادن اجهزة اتصال متطورة، وتكراره انه حاول شراء اليورانيوم لمصلحة التنظيم، وان الاستخبارات السودانية طلبت منه اغتيال رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي لكنه ام ينفذ. كذلك دخل المحامون في جدل معه حول اميركا و"مسؤوليتها عن موت مليون عراقي". وقال إن ابن لادن قال في محاضرة في بيشاور، سنة 1988، ان حزب البعث ليس اسلامياً وهاجم فيها الرئيس صدام حسين. أعلن القاضي ليونارد ساند في بداية الجلسة، أمس، ان سام شميدت، محامي المتهم وديع الحاج 40 عاماً، مريض ولن يستطيع حضور الجلسة. فتقرر أن يبدأ محامو الفلسطيني محمد الصادق عودة الاستجواب، يليهم محامي السعودي محمد راشد داوود الاولي، ثم محامي التنزاني خلفان خميس محمد. ادخل الشاهد "أبو بكر السوداني"، لكن محامي الادعاء باتريك فيتزجيرالد تولى الكلمة في البدء، فسأل "أبو بكر" هل تلقى أموالاً من الحكومة الأميركية 25 ألف دولار، فقال إنه لم يتلق المبلغ حتى الآن. وأوضح الشاهد أنه لم يبلغ المحققين الأميركيين بسرقته مئة ألف دولار من أموال "القاعدة" إلا بعد يومين من انتقاله إلى عهدة السلطات الأميركية في العام 1999. وأكد الشاهد مجدداً ان المتهم وديع الحاج كان يملك مكتباً في إحدى شركات أسامة بن لادن في السودان. وتحدث عن شركات يملكها ابن لادن في الخرطوم مثل "النهار المباركة" و"وادي العقيق" حدد مكان مكتب أسامة في الطابق الثاني. وشرح طريقة دفع "القاعدة" رواتب أعضائها وكيف كان يطلع على ذلك من خلال عمله في شركات "القاعدة" في الخرطوم. وقال إن "أبو حبيب التونسي" أخبره أن "أبو هاجر العراقي" محمد ممدوح سليم، أحد المتهمين في قضية السفارتين ليس عضواً في "القاعدة". وأضاف ان "أبو حفص المصري" ذهب أكثر من مرة إلى الصومال وأعد تقارير عن الوجود الأميركي هناك، مستخلصاً خلال السنة 1993 ان ضرب الأميركيين في الصومال "لن يكون سهلاً" خصوصاً في ظل خلافات القبائل الصومالية. ثم بدأ المحامي كارل هيرمان محامي عودة استجواب الشاهد، فركز هيرمان طويلاً على طريقة ذهاب المسلمين ل"الجهاد" في أفغانستان وتدريبهم على القتال والتعاليم الإسلامية. وأوضح "أبو بكر" ان ابن لادن كان من أوائل العرب الذين ذهبوا إلى أفغانستان وقال إنه كان العربي "الرقم 3". وسأله هيرمان عن تأسيس ابن لادن والشيخ عبدالله عزام "مكتب الخدمات"، فقال الشاهد إن هدف المكتب كان الاهتمام بالمسلمين الذين يذهبون ل"الجهاد" في أفغانستان. وأوضح "أبو بكر" أن "المجاهدين" كانوا يذهبون إلى باكستان قبل انتقالهم للقتال في أفغانستان. وقال إنه كان في العشرينات من عمره عندما انضم إلى الجهاد الأفغاني. وأقر الشاهد، رداً على سؤال، ان "القاعدة" تأسست في 1989 وان ابن لادن كان لديه العديد من الاتباع في أفغانستان قبل تأسيسه "القاعدة". وقال إن التفكير في قتال "القاعدة" الولاياتالمتحدة بدأ قبل انتقال تنظيم ابن لادن إلى السودان في 1991 المحامي قال إن "القاعدة" لم تفكر في ضرب الأميركيين إلا بعد انتقالها إلى الخرطوم. وقال الشاهد رداً على سؤال المحامي، ان والده كان رجل أعمال ناجحاً. ووافق الشاهد أيضاً على أنه أدى قسم "البيعة" ل"القاعدة". ووافق أيضاً على قول المحامي ان "القاعدة" قسمت نشاطها إلى لجان، فهناك من يهتم بأموال التنظيم، ومن يهتم بالإعلام، ومن يهتم بتزوير وثائق لأعضاء التنظيم لتسهيل انتقالهم من مكان إلى آخر. وقال "أبو بكر" إنه سافر مراراً بأوراق مزورة عشرة اسماء مزورة على الأقل، وان ابن لادن نفسه سافر أيضاً بجوازات سفر مزورة. وقال أبو بكر عن طريقة تزوير الجوازات إن السلطات السودانية منحت "مئات الجوازات" الصحيحة لأعضاء في "القاعدة": جوازات سفر سودانية لكن أصحابها ليسوا سودانيين. وتحدث الشاهد أيضاً عن طرق "تخفي" اعضاء "القاعدة" خلال سفرهم: يحملون علب سجائر وزجاجات عطر. وقال الشاهد إنه كان فعلاً العضو الثالث الذي يوقع البيعة ل"القاعدة"، لكنه لم يكن عضواً في مجلس شورى التنظيم. وأضاف ان "القاعدة" كانت توليه مسؤوليات واسعة منها نقل أموال التنظيم كان ينقل أحياناً نحو 250 ألف دولار. وأقر الشاهد بأنه لا يعرف "جميع أعضاء القاعدة" الذين قدّر عددهم ب"آلاف عدة". وأفر كذلك بأنه أخبر الأميركيين أن "القاعدة" تقوم على شكل "هرم"، وأن الاشخاص الذين يوجدون على رأس الهرم يعرفون مهمات التنظيم كلها. وسأله المحامي: هل الأعضاء الصغار في التنظيم يعرفون مهمات "القاعدة" كلها؟ فقال إن الأعضاء كانوا يعرفون من رفاقهم بالمهمات التي ينوي التنظيم تنفيذها ولكن "السياسة الرسمية" التي يعتمدها التنظيم تنص على أن المهمات محصورة بالأشخاص الذين يقومون بها. وسأل هيرمان الشاهد عن افادته الاسبوع الماضي في شأن "المهمة" التي كلفته بها "القاعدة": الانتقال من السودان إلى كينيا. وقال: هل كنت تعرف ما هي المهمة؟ فأجاب انه كُلف الانتقال مع زوجته إلى كينيا لنقل مظروف لا يعرف محتواه. وسأله المحامي عن "أبو مصعب السوري" عمر عبدالحكيم، فأجاب انه يعرفه وانه كان عضواً في مجلس شورى "القاعدة"، وله كتاب عن "التجربة الجهادية في سورية". وسأل عن "أبو فضل المصري"، فقال إنه يعرف "الدكتور الفضل" لكنه لا يعرف ان له كتاباً اسمه "الجامع في طلب العلم الشريف". وسأله هل تعرف شخصاً اسمه "الازمراي السعودي". فقال إنه يعرف اسم "الازمراي" ولا يعرف إذا كان عضواً في مجلس شورى "القاعدة". وسأله المحامي: أنت قلت للمحققين الاميركيين ان اعضاء مجلس شورى "القاعدة" 31، ولكن لم تسم سوى 23. فقال انه لا يعرف جميع الاسماء ولا يعرف اذا كان "الازمراي السعودي" بينهم. وسأله المحامي عن طريقة الاتصالات داخل "القاعدة". فقال ان "القاعدة" تعتمد اتصالات متطورة بينها جهاز ساتلايت ثمنه 85 ألف دولار تم شراؤه من المانيا. وقال إن الجيش السوداني زود "القاعدة" ايضاً اجهزة اتصال متطورة. وسأله المحامي عن قوله الاسبوع الماضي ان الاستخبارات السودانية طلبت منه اغتيال الصادق المهدي رئيس الحكومة السابق. فأكد انه تلقى أمراً من "القاعدة" و"الجبهة القومية الاسلامية" بقتل المهدي، لكنه لم ينفذ الأمر. فسأله المحامي: لماذا رفضت؟ فقال ان قتل المهدي لم يكن سهلاً وعلى هذا الاساس رفض. فقال المحامي: اذن كانت هناك فتوى بقتل المهدي لكنك لم تنفذها؟ أجاب: نعم. وسأله المحامي عن قوله للمحققين ان نقاشاً حصل في 1994 في شأن تفجير السفارة الاميركية في حي الرياض في الخرطوم. فقال الشاهد انه سمع ان "أبو حفص" يقول ان "القاعدة" لم تستطع تفجير السفارة، لكنه لا يعرف السبب. وسأله المحامي عن قوله للمحققين الاميركيين ان نقاشاً حصل داخل "القاعدة" في شأن "شرعية" القيام بعمليات تفجير وان بعض اعضاء القاعدة رفض الفتاوى المتشددة، فأجاب بأن في الاسلام آراء متعددة في هذا الشأن. وأقر بأنه قال للاميركيين ان ابن لادن يُحرف بعض الفتاوى الاسلامية لتبرير عملياته. ثم بدأ محامي السعودي الأولي، ديفيد باهر، استجواب الشاهد. وأقر الشاهد في اجاباته بأنه "وقع البيعة للتنظيم وكان مستعداً للموت أو لقتل مدنيين" في سبيل هذا التنظيم. وقال إنه ابلغ الاميركيين بالفعل في 1996 ان "القاعدة" كانت "تفكر" في تفجير سفارات اميركية سنة 1994. كذلك أقرّ بأنه حاول شراء يورانيوم ل"القاعدة"، وسأله المحامي: هل اخبرك أحد في "القاعدة" ان اميركا مسؤولة عن قتل اكثر من مليون شخص في العراق؟ فقال إن "القاعدة" تحدثت عن ذلك بالفعل. وسأله: هل اخبرك أحد في "القاعدة" ان اميركا سيئة لأنها "خانت" أكراد العراق بعدما خذلتهم اثر ثورتهم على الرئيس صدام حسين. فقال: لا أذكر ذلك؟ وأقر بأن "القاعدة" ناقشت الموقف الاميركي في المنطقة والوجود الاميركي في الخليج والصومال و"المخاوف" من ان "تحتل" اميركا هذه الدولة في القرن الافريقي. وأقر ايضاً بأن ابن لادن تحدث عن "سيطرة" اميركا على الحكومات العربية وان اميركا والغرب عموماً لا يمكن الوثوق بهما. وسأله: أليس صحيحاً ان "القاعدة" كانت تريد ضرب الاميركيين بسبب قتلهم العراقيين؟ فأجاب ان ذلك صحيح. وسأله: هل كنت توافق على ضرورة اخراج الاميركيين من الخليج وارغامهم على وقف ضرب العراق. فقال إنه يعتقد ان الوجود الاميركي في الخليج يقوم على "دعوات" من الحكومات العربية في الخليج، وان "القاعدة" كانت تعتقد ان قتل الاميركيين سيرغمهم على الخروج من المنطقة ووقف ضرب العراق. وأقرّ بأن ابن لادن قال له ان الاميركيين يقتلون مئات الآلاف من العراقيين. وسأله المحامي: هل تعتقد ان ذلك صحيح؟ فقال ان "القاعدة" تعتقد بذلك، وان بعض العلماء الاسلاميين يؤمنون بذلك. وسأله المحامي: هل تعتقد اذن بضرورة الجهاد ضد الاميركيين؟ فأجاب بأن صدام حسين هو الذي اعتدى على الكويت واحتلها، وان الاميركيين موجودون في الخليج بناء على اتفاقات مع الحكومات العربية هناك. وأقر الشاهد بأنه يعتقد ان حزب "البعث" الحاكم في العراق "ليس اسلامياً". وسأله المحامي: بماذا تفضل ان تصف نفسك: مخبر؟ فقال بأنه "أخبر" الاميركيين بالفعل معلومات عن "القاعدة" ولذلك يمكن وصفه بأنه "يخبر" وهذا الوصف لا يؤذيه. وسأله المحامي: هل تلقيت من الاميركيين 794 ألف دولار؟ فقال ان الاميركيين يدفعون ايجار منزله ويعطونه بعض المال لشراء حاجيات منزله الطعام، لكنه لا يعرف كمية المال التي انفقت عليه وعلى عائلته.