يتوجه الناخبون اليمنيون صباح اليوم الى صناديق الاقتراع لانتخاب حوالى 7 آلاف مرشح لعضوية المجالس المحلية البلدية، من بين 23 الف مرشح بينهم 120 امرأة. وهذه الانتخابات هي الأولى من نوعها منذ العام 1990، وتتزامن مع أدلاء خمسة ملايين ناخب بأصواتهم في الاستفتاء العام على التعديلات الدستورية، وسط اجراءات أمنية مشددة. وتجرى الانتخابات المحلية على مستوى الدوائر والمراكز الموزعة في 300 دائرة ودائرة في حين يتم التصويت في الاستفتاء ضمن دائرة واحدة لليمن على غرار الانتخابات الرئاسية. تحولت صنعاء وبقية المحافظات والمناطق والقرى اليمنية الى ساحات مهرجانات وغطت الجدران والشوارع العامة لافتات للاحزاب والمرشحين المستقلين، تزينها الرموز الانتخابية والشعارات، وسط أجواء تنافس محموم يفوق ما تشهده الانتخابات النيابية. ويرفع الحزب الحاكم "المؤتمر الشعبي العام" اللافتات التي تحض الناخبين على التصويت بنعم للتعديلات الدستورية، فيما ترفع احزاب المعارضة المنضوية في "مجلس التنسيق الأعلى" وفي مقدمها "الاشتراكي" و"التنظيم الوحدوي الناصري" لافتات وشعارات مناهضة للتعديلات تحض على التصويت ب"لا". وتعتبر المعارضة هذه التعديلات "تراجعاً عن الديموقراطية وتكريساً لحكم الحزب الواحد"، ويخوض الحزب الحاكم مواجهة ساخنة جداً هي الأولى من نوعها مع كل احزاب المعارضة الرئيسية وفي مقدمها حليفه السابق "التجمع اليمني للاصلاح" الاسلامي المعارض بالإضافة الى بقية الاحزاب المشاركة في الانتخابات المحلية للمرة الأولى منذ الانتخابات النيابية عام 1993، وعددها 15. وتتوقع الأوساط السياسية والاعلامية ان يحقق الحزب الحاكم فوزاً كبيراً في الانتخابات البلدية وان ينال مرشحوه نسبة تتراوح بين 55 و80 في المئة، وان يحل المستقلون في المرتبة الثانية بنسبة متقاربة مع "الإصلاح" و"الاشتراكي" الذي يراهن على نسبة عالية لمرشحيه الى المجالس المحلية في المحافظات الجنوبية والشرقية. اما "الإصلاح" فيراهن على المحافظات الشمالية والجنوبية والشرقية كمنافس ل"المؤتمر الشعبي". ولأن المجالس المحلية جزء من السلطة، ولا تتمتع بالاستقلالية الكاملة في اتخاذ القرار في ما يتعلق بالتنمية والرقابة على السلطة التنفيذية في المديريات والمحافظات، فإن أي فوز يحققه "الاشتراكي" يجعله مشاركاً في السلطة من خلال تلك المجالس للمرة الأولى منذ حرب الانفصال عام 1994. وينطبق الأمر ذاته على "تجمع الاصلاح" الذي خرج من السلطة اثر الانتخابات النيابية عام 1997. الى ذلك، تراهن الاحزاب المعارضة على سقوط التعديلات الدستورية في الاستفتاء، فيما تجمع التوقعات ونتائج استطلاعات الرأي العام على نيل التعديلات موافقة بنسبة 60 - 70 في المئة. وعشية الانتخابات والاستفتاء تراجعت الحوادث الامنية والصدامات والاشتباكات المسلحة بين المرشحين وبين انصارهم التي كانت دوافعها حزبية وقبلية، واوقعت عشرة قتلى وعشرين جريحاً. وشددت الاجراءات الامنية في صنعاء والمدن الاخرى الرئيسية وكلف تأمين اجواء هادئة للانتخابات حوالى سبعين الف جندي وضابط وحوالى عشرين الف عسكري كقوة احتياط يستعان بها في الحالات الطارئة. وتتولى عشرات من المنظمات الاهلية والحزبية والمستقلة مراقبة العملية الانتخابية والاستفتاء، بالاضافة الى عدد من المنظمات والجمعيات والمعاهد العربية والدولية المستقلة. ولا تخفي اللجنة الامنية التابعة للجنة العليا للانتخابات قلقها من تداعيات امنية قد تؤثر في العملية الانتخابية وسير الاستفتاء، في ضوء ازدياد حمى المواجهة الاعلامية والشعبية بين الحزب الحاكم وبين احزاب المعارضة وفي مقدمها "الاصلاح" و"الاشتراكي". وستغلق صناديق الاقتراع في الساعة الثامنة مساء، ثم تتولى السلطات المحلية في كل من المدن والمناطق نزع ملايين من الملصقات واللافتات والصور التي تضمنت رموز الاحزاب: الحصان ل"المؤتمر" والشمس ل"الاصلاح" والسنبلة والحمامة والنجمة الحمراء على راية زرقاء للحزب الاشتراكي، والبنادق والطيور والحيوانات التي اختارتها احزاب اخرى رموزاً انتخابية. وتشير تقديرات الى ان اللجنة العليا للانتخابات و"المؤتمر الشعبي" وبقية الاحزاب انفقت على التحضيرات والحملات الدعائية نحو خمسة بلايين ريال يمني اقتطعت من الموازنة العامة للدولة.