إضاءات تاريخية سياسية يتضمنها كتاب عن الرسائل المتبادلة بين الملك عبدالعزيز وأمين الريحاني صدر في مطلع هذا العام في بيروت الناشر: دار أمواج. هنا قراءة تركز على الهاجس الاعلامي المبكر لدى موحّد المملكة العربية السعودية. والكتاب يُبقي على ما تحتويه الرسائل من تفصيلات، اعتقاداً من الناشر أن "الأمانة التاريخية والعلمية أولى من الحساسيات السياسية العابرة"، وبالتالي فهو يعتذر عن عدم حذف بعض نصوص قد تبدو "حساسة". نقرأ عن بداية العلاقة وكيفيتها بين الملك عبدالعزيز والريحاني، وقصة بداية كتابي الأخير: "ملوك العرب"، و"تاريخ نجد الحديث"، ويتضمن إشارات إلى معلومات مهمة أخرى مثل وجود شجرة لأسرة آل سعود منذ تلك الفترة، وبداية معرفة شخصيات سياسية كعبدالله الدملوجي وفيلبي بالملك عبدالعزيز، وكذلك بداية تعيين الأمير عبدالعزيز بن مساعد أميراً في حائل، ومشرفاً على كل المناطق الشمالية بما فيها القصيم رمضان 1342ه/ أبريل 1924م. لكنني أترك التعليق على كل هذه التفاصيل ذات الطابع التاريخي لمن هم أكثر تخصصاً في هذا المجال، وأكتفي بإبراز نماذج من المضامين الإعلامية في هذه الرسائل بحكم اهتمامات كاتب هذا المقال وتخصصه. ويمكن أن يحسب هذا المقال امتداداً لبحث قدمته في مناسبة الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس المملكة عن الإعلام في عهد الملك عبدالعزيز، وهو بحث كشف عن حسٍ إعلامي متقدم وتلقائي للمؤسس الراحل، وعن وجود مبادرات تُعدّ في عرف الزمن الحاضر صيغاً متطورة من صيغ الإعلام الخارجي. ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب، الذي يضم بين دفتيه إشارات متناثرة عدة يقرأ فيها مؤرخ الإعلام كل ما يود الحصول عليه من اهتمام هذا الزعيم بالرأي العام في الداخل والخارج، مع أنه - أي السلطان عبدالعزيز - لم يخرج خارج حدود شبه الجزيرة العربية إلا قبيل وفاته. والمرجو أن يتجه الباحثون إلى التنقيب في مضامين هذه الكتب الجديدة، فهي خزائن كبيرة لمعلومات مهمة في حقول عدة، مما يمكن أن يوثق كثيراً ما يحتاج إلى توكيد أو تحقيق، فتاريخ الجزيرة العربية ما يزال في بدايات كتابته على رغم ما أسدته المهرجانات والمناسبات الثقافية والمراكز التاريخية من مؤلفات، وما فتحته من سبل للبحث عن المفقودات الوثائقية. يستفاد من موسوعة الزركلي الأعلام، ومن مصادر أخرى اعتمدت عليه في النقل، ان أمين الريحاني ولد عام 1293ه 1876م في بلدة الفريكة اللبنانية وتوفي فيها سنة 1359ه 1940م، واسمه الكامل: أمين بن فارس بن أنطون المعروف بالريحاني، وهو كاتب وخطيب ومترجم ومؤرخ، رحل وهو صغير مع أبيه وعمه إلى أميركا حيث مارسوا التجارة، ثم جرّب دراسة القانون، ثم درس العربية في لبنان، ثم زار نجداً والحجاز وعدداً من البلدان العربية والأوروبية، ويبدو من مراسلاته التي تضمنها الكتاب الجديد أن اتصاله بالملك عبدالعزيز قد بدأ منذ العام الهجري 1341ه 1922م كما سيتضح لاحقاً، وبتتبع فهارس الجريدة الرسمية السعودية -أم القرى- التي بدأت في الصدور في منتصف العام الهجري 1343ه 1924م لوحظ أنها أتت على ذكره في ست حالات وذلك منذ صدورها وحتى تاريخ وفاة الريحاني بعد ستة عشر عاماً. وكان من أبرز تلك الحالات أنها نشرت في عددها 69 في17/10/1342ه 30/4/1926م خبر مقدم السلطان عبدالعزيز إلى جدة بعد أربعة أشهر من دخولها في الحكم السعودي ولقاء السلطان مع وجهائها في منزل محمد نصيف، وقد حضر الريحاني ذلك اللقاء وألقى فيه كلمة. كما نشرت الجريدة في عددها رقم 107، تاريخ 25/6/1345ه 31/12/1926م أحد فصول كتابه آنذاك "تاريخ نجد الحديث" وهو فصل كانت مجلة "الهلال" المصرية سبقت إلى نشره. ويستفاد من كتاب الأعلام للزركلي، أن الريحاني أصدر حوالى عشرين مؤلفاً نصفها بالإنكليزية، ومن أبرز كتبه مما يتصل بموضوع هذا المقال: ملوك العرب جزءان، وتاريخ نجد الحديث، وابن سعود ونجد بالإنكليزية، كما كتبت عنه - كما يذكر الزركلي - كتب عدة. وبالنسبة الى الملك عبدالعزيز واهتمامه بالإعلام الخارجي لا يملك أي متابع لسيرته في حقول عدة - ومن بينها الإعلام - إلاّ أن يعجب بمواهبه الفطرية الفذة والمتطورة، فمن كان يصدق أنه على رغم محدودية إمكاناته في بداية عهده وعلى رغم انشغاله بالأمور السياسية والأمنية ومعارضة بعض شرائح المجتمع لوسائل الاتصال الحديثة، إلا أنه تعامل بذهنية متفتحة مع الإعلام، فاستقبل المراسلين الصحافيين العرب والأجانب، وسمح بتصوير فيلم وثائقي مصري عن الحج، وكان يتابع الإذاعات، ويعنى برصد ما تقوله عنه وما يصدر عنها من أخبار دولية، وكان يعير بالغ الاهتمام لما تكتبه الصحافة الأجنبية، إلى غير ذلك من الأمور التي تنبئ بموهبة وبقدرة ذهنية وإعلامية. ومن المعلوم أن كثيراً من أصحاب القلم ورجال الفكر، دافعوا - بنزاهة وموضوعية - عن مواقف الملك عبدالعزيز، وشرحوا حقيقة توجهاته وأهدافه لغير مصلحة أو ارتزاق، وساعدوا في تنوير الرأي العام الخارجي العربي والإسلامي والأجنبي، وأوضحوا سياساته في مقالات ومحاضرات ومؤلفات، كما جندوا أقلامهم وإصداراتهم لخدمة أهدافه، وكان يتابع ما تكتبه الصحافة الخارجية عنه، وكان مستشاروه وسفراؤه يترجمون ما تنشر عنه الصحف الأوروبية والأميركية. والكتاب الذي يتضمن رسائل لم تنشر من قبل بين الملك عبدالعزيز وأمين الريحاني يحمل مزيداً من الدلائل على اهتمامه بالإعلام الخارجي، صحافة وكتباً ومحاضرات ومقابلات، نختار منها النماذج الآتية حسب تاريخ ورودها في الكتاب، علماً أن لقب "ملك" لم يطلق عليه إلا بعد عام 1925م وهو تاريخ انضمام الحجاز إلى الدولة السعودية، أما قبل ذلك فكان اللقب الغالب عليه هو سلطان نجد أو سلطان نجد وملحقاتها. 1- من المعروف أن الريحاني أصدر كتابيه ملوك العرب جزءان وتاريخ نجد الحديث 500 صفحة في حدود العام 1345ه 1925م، وأنه استقى معلوماته الخاصة بتاريخ الدولة السعودية من الملك عبدالعزيز مباشرة، وأن الملك اطلع أولاً بأول على محتويات فصولهما، وفي الرسائل المنشورة ما يؤكد حقيقة اطلاع الملك على مشروع الكتابين، ما يجعلهما من أوثق المصادر عن تاريخ الملك عبدالعزيز وتطور قيام دولته الجديدة. ففي الرسائل الجوابية التي بعث بها السلطان عبدالعزيز وكان يومها سلطان نجد إلى الريحاني بتاريخ 4/12/1341ه 19/7/1923م نجده يقول ص 23 : "... أشرتم في إحدى رسائلكم عن شجرة آل سعود فإليكم هي برفقه، وآمل أن يتم إن شاء الله طبع "تاريخ نجد" قريباً بواسطة همتكم واقتداركم...." وفي رسالة جوابية ثانية بعث بها الى الريحاني بتاريخ 9/1/1342ه 22/8/1923م يقول السلطان : "... تعلمون مزيد اهتمامي بالتاريخ الذي تشتغلون بتأليفه، وقد سررت جداً لسيركم في العمل بالتأليف كما ذكرتم، وأتمنى لكم التوفيق لإنجازه بأسرع ما يمكن...." وبعد شهر 7/2/1342ه 18/9/1923م يبعث إليه الريحاني برسالة يقول فيها: "... إني مرسل إلى مولاي مسودة ما كتبت عن نجد وسلطانها، وهو جزء من كتابي الأول في رحلتي العربية وعنوانه ملوك العرب وإني مرسل المسودة لتطلعوا عليها وتعيدوها مع ملاحظاتكم، وقد رأيت أن أنجز هذا الكتاب أولاً ثم اتبعه بكتاب تاريخ نجد الحديث..." ثم تستمر معظم المراسلات اللاحقة في متابعة تطور مشروع الكتابين حتى يفرغ الريحاني من تأليفهما وطبعهما في غضون السنوات الثلاث التالية. وفي كل تلك المواقع المتعددة من رسائلهما تأكيد على التزام هذين الكتابين بصحة الرواية والحوادث والمعلومات، والرغبة في تنوير الرأي العام العربي بحقيقة وضع الدولة الجديدة حديثة التوحيد في الجزيرة العربية. وقد عبر الملك عبدالعزيز في رسالته الى الريحاني قبيل صدور الكتابين 20/2/1345ه - 29/8/1926م عن ارتياحه لما تضمنه الكتابان من معلومات، ولما أصبحا عليه من دقة وموضوعية. 2- وفي معرض رد الملك عبدالعزيز على رسالة بعث بها إليه الريحاني بتاريخ 9/1/1342ه 22/8/1923م في مناسبة ما أشيع وقتذاك عن مرض الملك عبدالعزيز، يقول جلالته: "... أما عن إشاعة بعض الجرائد اللبنانية على ما يبدو عن مرض أصابني، والحال إنني والحمد لله متمتع بكامل الصحة والسرور، ولم يعترني أدنى ما يخل بالراحة، فأشكر اهتمامكم، وأسأل الله أن يلهم أصحابنا العرب الرشد والهداية حتى لا يمشوا وراء غاياتهم بمثل هذه الأكاذيب التي لا ثمرة لها..." ويبدو أن إشاعة خاطئة مماثلة قد ترددت في ما بعد 2/3/1942م تفيد بوفاة الملك عبدالعزيز، فتناولها الملك عبدالعزيز والريحاني بأسلوب مماثل. 3- وفي رسالة مطولة بعث بها الريحاني في عام 1342ه أيضا 1923م تنويه من الريحاني "بما ينشره العزيز فيصل ابن عبدالعزيز من حين إلى حين في الجرائد" ولأن الحجاز لم يدخل بعد حتى ذلك العام في الدولة السعودية، فلا بد أن ما ينشره الأمير فيصل آنذاك كان يتم بعلم والده، وأن النشر كان يتم في صحف مصرية أو صحف سورية لم يكن لبنان قد حصل على استقلاله بعد علماً أن عمر الأمير فيصل آنذاك كان في حدود الثامنة عشرة كما أن مديرية الشؤون الخارجية لم تكن أنشئت بعد. 4- وفي رسالة من الريحاني إلى السلطان عبدالعزيز كتبها في 26/1/1343ه 26/8/1924م يشتكي الريحاني من ورود أخبار استقرار الأمور في المناطق الحدودية مع الأردن عبر مصادر متحاملة، ويثني على قيام سلطان نجد بنشر أخبار الاجتماع الذي عقد بمشاركة والده الإمام عبدالرحمن، ويقول الريحاني ص53: "... وحبذا الاستمرار على مراسلة الجرائد بمثل هذه الأخبار، لأن في البلاد كثيرين يتوقون إلى أخبار نجد وسلطانها وأهلها، ولا تقوم دعوة في مثل هذه الأيام بغير وسائل النشر والتشويق...." 5- ومما يدل الى أن الريحاني كان ينشر بعض المقالات في الصحف اللبنانية وبعلم السلطان عبدالعزيز ما ورد في رسالة الريحاني المؤرخة في 23/2/1343ه 22/9/1924م والتي جاء فيها ضمن ما جاء: "... طيه قصاصتان من جريدتين هنا، وفيهما حديث لي في زعيم العرب الأكبر وسلطنة نجد فعساه يروقكم..." كما يقول الريحاني في رسالة مماثلة من جدة وهي ما تزال خارج نطاق الحكم السعودي 25/6/1343ه 22/12/1924م. "... إني مقدم لكم معه كتاباً من وجهاء المسلمين في بيروت ومقالتين عنكم في جريدتين من جرائدها المهمة..." 6- ولا يخفي السلطان عبدالعزيز بُعيد دخول الحجاز في دولته الجديدة سروره من صدور الجريدة الرسمية السعودية أم القرى وهي أول صحيفة سعودية صدرت أسبوعياً في مكةالمكرمة، إذ يقول للريحاني في رسالة بعثها بتاريخ 23/5/1343ه 20/12/1924م أي بعد أسبوعين فقط من صدورها: "... واصلكم لفتين جرايد من جريدة أم القرى العدد 1 و2 تطلعون عليها مسرورين..." 7- وكان الريحاني قد بعث إلى السلطان عبدالعزيز برسالة ينصحه فيها بتغليب جانب المصالحة والمهادنة مع جهة مناوئة له، فما كان من السلطان - بحس إعلامي مرهف - إلا أن أمر بنشر الرسالة في جريدة أم القرى وبنشر رده القاطع عليها، ثم كتب للريحاني بتاريخ 19/6/1343ه 15/1/1925م يخبره بأمر نشر الرسالة والجواب عليها، ويوبخه على أسلوبه في رسالته فيقول: "... إننا لم نقصد من نشر الكتاب الحط من شأنك، ولا النيل من كرامتك، ولكن أردنا أن تعرف ويعرف القاصي والداني أن القوم لا يملكون إلا كلمات مجوفة الخ..." وبالعودة إلى جريدة أم القرى تبين فعلاً أن رسالة الريحاني وردّ السلطان عبدالعزيز عليها قد نشرا في عددها رقم 5 تاريخ 14/6/1343ه 9/1/1925م. 8- وفي الرسائل، يبلغ الريحاني الملك عبدالعزيز أنه ماض في تأليف كتاب آخر باللغة الانكليزية سيصدر في لندن ونيويورك في صيف عام 1927م مشيراً إلى أنه كما قال: "في موضوع البلاد التي أحببتها حباً جماً والرجل الذي أجلّه وأعجب به"، ويبدو أنه كان في رسالته تلك يبشر بصدور كتابه المشار إليه سابقاً ابن سعود ونجد. ومن بين الرسائل التي اشتمل عليها الكتاب الجديد رسالة من أحد مستشاري الملك عبدالعزيز يوسف ياسين إلى الريحاني ص 110 كتبها بتاريخ 23/7/1346ه 17/1/1928م يلفت نظره - معاتباً - إلى مقال نشرته جريدة "اللطائف المصّورة" المصرية ترجمة لمقال منسوب إلى الريحاني كان منشوراً في إحدى المجلات الأميركية بعنوان في حريم الملك ابن سعود ويتضمن أخباراً غير واقعة، ولأن التعرض لمثل هذا الموضوع يتنافى مع الطبائع العربية. وقد أصبحت واقعة النشر هذه موضع رسائل لاحقة بين الملك عبدالعزيز والريحاني. 9- وفي الرسائل مواطن عدة تشير إلى أن الريحاني كان جند نفسه داعية سياسية للملك عبدالعزيز، فهو يقول مثالاً على ذلك في رسالته بتاريخ 11/6/1344ه 26/12/1925م. "... ولا أزال يا طويل العمر مخلصاً لكم، راغباً في خدمتكم، وعاملاً في نشر دعوتكم السياسية ساعياً في تعزيز كلمة العرب ولا أبغي غير أن يظل لي في قلبكم الكبير ذلك المقام الذي شرفتموني به...". ثم يقول في رسالة لاحقة بتاريخ 1/8/1344ه 14/2 1926م:"... وقد نجحنا في إقناع الصحافة هنا أن حقكم في الجوف ثابت تؤيده الحجج المتعددة...". ومن الأمثلة على ذلك ما تضمنته رسالة من الريحاني إلى الملك، مؤرخة في 13/6/1347ه 27/10/1928م يعلمه فيها بأنه وصل إلى لندن وقابل بعض رجال الحكومة والصحافة فظهر له أنه قد ينجح في استئناف المفاوضات في لندن... ثم يشير في الرسالة نفسها إلى أنه سيخطب في 7 تشرين الثاني نوفمبر في الجمعية الآسيوية وفي 12 منه في جمعية الشؤون الخارجية التي يرأسها اللورد بلفور ولويد جورج. ويبدو أن هاتين المحاضرتين هما المقصودتان برسالة بعث بها أحد مستشاري الملك عبدالعزيز فؤاد حمزة إلى الريحاني بتاريخ 20/12/1928ه حيث يقول: "... قرأت في جريدة Near East أخبار محاضرتكم القيمة وأحسست بالتأثير الذي ولّدته في نفوس السامعين وقد قرأت بُعيد ذلك في جريدة الأحرار في بيروت نبأ محاضرة أخرى .... الخ". كما يتلقى الريحاني رسالة محمد عيد الرواف المعتمد السعودي في دمشق 30/12/1928م يشيد فيها بمقاله الممتع المنشور في جريدة التيمس اللندنية، كما يبعث إليه بالعدد 208 من جريدة أم القرى وفيه تفاصيل المؤتمر المعقود في الرياض في 22/6/1347ه وخطاب الملك فيه وأجوبة العلماء والزعماء. ثم يتلقى الريحاني رسالة من الملك عبدالعزيز بتاريخ 11/8/1347ه 23/1/1929م يثني فيها على ما نشره في جريدة التيمس والنير إيست قائلاً له: "... واطلعنا فيهما على خطابكم النفيس ومقالكم الجميل وهذه الغيرة والحماسة في الدفاع عن العرب.... الخ" ويثني الملك مرة أخرى على الريحاني في رسالة جوابية بعث بها إليه بتاريخ 20/10/1347ه 10/4/1929م فيقول: "... تلقينا كتابكم المؤرخ في 12 رمضان المنبئ بوصولكم لأميركا وجهادكم في إعلاء شأن قومكم، وتلك همة نعرفها من الأستاذ الريحاني... وقد أمرنا بترجمة ما أرسلتموه مع قطع الجرائد...". ومن هذه الأمثلة أيضاً رسالة بعث بها الريحاني إلى الملك بتاريخ 23/12/1347ه 3/6/1929م مشيراً إلى أنه ما يزال "حاملاً القلم والعلم كاتباً خاطباً في المدن الأميركية بالعربية والإنكليزية يجاهد في سبيل العرب وفي سبيل ابن سعود، وفي الشهر الماضي ألقيت الخطب في ست مدن كبيرة منها مونتريال بكندا، و"سأسوح" سياحة خطابية في السنة المقبلة ثم أعود إلى لبنان عن طريق الشرق... وبطيه بضع قصاصات وفي شيء عن رسالتي العربية وعن قطب الدائرة جلالة الملك... حقق الله بواسطته الوحدة العربية التامة...". ويبدو أنه عاد إلى أميركا للغرض نفسه في سنة 1355ه 1936م كما يتبين من بقية رسائله ص166 كما ظهرت له أحاديث في بعض الإذاعات الأميركية ص171. ويتلقى فؤاد حمزة رسالة من الريحاني بتاريخ 7/6/1349ه 25/11/1930م يقول فيها: "... ولست مبالغاً إذا قلت إن خطبي وكتبي ومقالاتي في السنتين الأخيرتين أنارت ظلمات الجهل وقربت بلادنا من فهم الأميركيين فقد نشرت حتى الآن ثلاثة كتب عن رحلتي العربية وألقيت نحو سبعين خطبة، ناهيك عن المقالات في الجرائد والمجلات، وقد انحصر نصف عملي بالقضية الفلسطينية والنصف الآخر لسيد العرب الأكبر وسياسته العربية النازعة إلى توحيد البلاد...". ونختتم هذه الأمثلة برسالة جوابية بعث بها الملك عبدالعزيز الى الريحاني بتاريخ 2/1/1358ه 21/2/1939م أي قبل عام من وفاة الريحاني، وهي الرسالة قبل الأخيرة من الملك عبدالعزيز، ومما احتواه الكتاب من رسائل بينهما، وهي رسالة إعلامية بليغة تتحدث عن القضية الفلسطينية وفيها يقول جلالته ص 183: "... ويجب أن تكونوا على ثقة بأننا لن نقصر في جهد من الجهود الممكنة من أجل فلسطين وتخليصها من محنتها... ولم يحن الوقت بعد لكي ننشر كل أعمالنا وليس المهم عندنا أن يطّلع عليها الناس بل المهم أن نحصل على النتيجة المطلوبة، ولن يكون موقف الابن فيصل في لندن إلا فوق موقف كل إنسان آخر في الدفاع عن مطالب فلسطين، ونأمل أن تساعد محاضراتكم في أميركا عن فلسطين في تنوير الرأي العالم الأميركي ليخف تأثير خداع اليهود في تلك البلاد العظيمة الشاسعة...". أخيراً، لا يسعني سوى شكر الدكتور يوسف العثيمين الذي أمدّني بنسخة من كتاب الرسائل. * كاتب سعودي